مفارقات لافتة وفرصة تاريخية
معن بشور
خلال الساعات التي كان فيها بايدن يوقع قانون الأمن القومي الذي أقّره الكونغرس بإرسال مساعدات عسكرية الى الكيان الغاصب كانت أرض غزة الطاهرة تكشف عن مقابر جماعية تضمّ أعداداً كبيرة من أبناء غزة وأطفالها ونسائها… بل في الوقت ذاته كانت أعداد غفيرة من أساتذة 40 جامعة أميركية كبرى تتظاهر مندّدة بالمجازر وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها النازيون الجدد في فلسطين وأكناف فلسطين.
انّ هذه المفارقات الكبيرة بين شعارات النظام الأميركي العنصري في الديمقراطية وحقوق الإنسان وممارساته، لا في العالم ومن حولها فحسب، بل داخل الولايات المتحدة نفسها، تجعلني أتذكر كلمات قالها لنا المناضل الأممي الكبير الرحل رامزي كلارك، وزير العدل السابق، خلال جلسات التحضير لتأسيس المنتدى العربي الدولي من أجل العدالة لفلسطين قبل سنوات: «ستأتي أيام سيكتشف العالم انّ داخل المجتمع الأميركي، خصوصاً بين الشباب، احتقان ثوري كبير وعداء واسع للسياسات الاستعمارية وللممارسات الصهيونية، وهو ما ظهر يوم استشهدت الشابة الأميركية راشيل كوري في 19 آذار 2003 (يوم الحرب اللعينة على العراق)، كما في تشكيل عشرات المنظمات المعادية للحرب والمناصرة لتحرير فلسطين ومن أبرزها تحالف answer بقيادة الأخوين برايان وريتشارد بيكر و»روابط العدالة لفلسطين» التي تلعب اليوم دوراً مؤثراً في الحراك العالمي المناهض للعدوان الصهيوني على غزة…
انّ ما نراه اليوم من مفارقات وجرائم ومقاومة بطولية وصمود أسطوري يؤكد انّ أمام شعب فلسطين وجبهة المقاومة الممتدة من غزة والقدس الى لبنان وسورية والعراق واليمن وإيران والحركة الشعبية العربية والإسلامية وحركات التحرر العالمي فرصة تاريخية لإنجاز ما ظنه كثيرون مستحيلاً، ليس في بلادنا فقط بل في العالم كله… كما كنا نقول منذ عقود «إننا ونحن نحرر فلسطين إنما نسهم في تحرير الإنسانية جمعاء من كل استعمار واستغلال واستبداد».
ومن هنا فإنّ كافة قوى المقاومة وحركات التحرّر في أمتنا والعالم مدعوة للإسهام في إنجاح الدورة السادسة التي نأمل ان تنعقد في الجزائر في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 تشرين الثاني ـ نوفمبر المقبل.