الفاشية الصهيونية عابرة للحزبين في أميركا والجامعات تواجه توحشاً مثل غزة/ نتنياهو يقرّر السير بالتوازي بخطة معركة رفح دون توقيت وعرض تفاوضي جديد/ بكين لحوار فلسطيني… واليمن يجدّد تهديده بالمحيط الهندي ويستهدف أمّ الرشراش
كتب المحرر السياسي
تبدو الساحة الأميركية ميدان تحوّلات وتغييرات، على وقع حرب غزة من جهة وتطورات المواجهة غير المطمئنة مع روسيا والصين من جهة مقابلة، بحيث تظهر وحدة النخب الحاكمة في الحزبين من خارج السياق التنافسي الانتخابي الذي كان يقسم الأميركيين الى صفين متقابلين قبل أسابيع، وظهرت ملامح صعود فاشية متوحّشة في التعامل مع الحركة الطلابية تجمع قيادات الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتموّل حروب الهيمنة الأميركية بقانون يلقى إجماع نواب الحزبين، يخصص مئة مليار دولار لكلّ من تايوان وأوكرانيا وكيان الاحتلال، وظهور هذه الفاشية الصهيونية العبارة للحزبين، لا يمنع أنّ الصراعات التي تقسم المجتمع الأميركي على أساس عنصري وعرقي، وكذلك التنافس الانتخابي سوف تختفي، لكن الواضح انّ هناك مسعى لضبطها تحت سقف وحدة على ثوابت مشروع الهيمنة، وتحييد مقتضيات هذا المشروع الفاشي من دوائر التنافس والانقسام.
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كمستفيد من هذا الصعود الفاشي في أميركا مثله مثل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بدأ يعيد ترتيب أوراقه على أساس هذا المتغيّر، وبالأمس كان على نتنياهو أن يأخذ بحسابه وجود شارع ضاغط في ملف الأسرى بعد الفيديو المسجل لأحد الأسرى لدى المقاومة في غزة والذي ترك تداعيات كبيرة وتفاعلات واسعة في الرأي العام داخل الكيان، وفي المقابل ان يستثمر على المناخ الأميركي الجديد، ولذلك بادر إلى جمع مجلس الحرب لبحث العنوانين معاً، معركة رفح وصفقة تبادل الأسرى، وانتهى الاجتماع بعرض تفاوضي يعدّل بعض الشروط بمحاولة للإيحاء بالإيجابية لكنه لا يتحدث عن نهاية الحرب ولا عن فك الحصار، ووفقاً للقناة 13 فإنّ العرض الجديد يقدّم بعض التسهيلات تجاه سحب قوات الاحتلال من منطقة نتساريم وسط الكيان وشروط عودة النازحين الى شمال غزة، بينما قالت وسائل الإعلام في الكيان أنّ مجلس الحرب أقرّ خطة معركة رفح لكنه لم يحدّد لها توقيتاً.
في المشهد الاقليمي أيضاً صعّد اليمن استهدافاته للسفن الأميركية و»الإسرائيلية» وقصف ميناء أمّ الرشراش (إيلات) بالطائرات المُسيّرة، بينما قال وزير خارجية الصين إنّ الأزمة في البحر الأحمر هي جزء من انعكاسات الحرب على غزة فيما وجّهت بكين الدعوة للفصائل الفلسطينية إلى حوار شامل في بكين.
وتوزع المشهد الداخلي بين الجبهة الجنوبية التي تزداد سخونة على وقع التهديدات الخارجية بمزيد من التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، وبين ساحة النجمة التي شهدت جلسة نيابية للمجلس النيابي أقرّت قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لعام واحد، وما بينهما ملف النازحين السوريين الذي بات يشكل تهديداً للأمن والاقتصاد اللبناني في ظل استمرار القوى الغربية على سياساتها بعرقلة مساعي إعادة النازحين الى سورية والسعي لتوطينهم في لبنان تحت دواعٍ وعناوين متعددة كدمجهم في الاقتصاد والمجتمع اللبناني.
ميدانياً، وسّع العدو الإسرائيلي عدوانه من الجنوب باتجاه البقاع مجدداً، حيث استهدفت غارة إسرائيلية من طائرة مسيّرة شاحنة لنقل المحروقات في سهل بلدة دورس قرب بعلبك، ما أدى إلى إصابة السائق بجروح، وإلحاق أضرار بالشاحنة والصهريج، فيما سقط الصاروخ في ساتر ترابي بمحاذاة الطريق. أما في الجنوب فسجل قصف مدفعي متقطع على أطراف بلدات الناقورة وعلما الشعب وطيرحرفا والضهيرة. كما شن الطيران الحربي غارة استهدفت المنطقة الواقعة ما بين بلدتي علما الشعب والناقورة. ونفذ الطيران أيضاً غارة على حي الحميض شرق بلدة علما الشعب واستهدف منزل عبدالله فرح ودمر بالكامل. وقد تسببت الغارة بوقوع أضرار جسيمة في الحي وهرعت سيارات الإسعاف والدفاع المدني إلى المكان المستهدف لرفع الأنقاض.
ونجا عدد من عناصر فرق الاطفاء وفوج إطفاء اتحاد بلديات بنت جبيل بعد استهدافهم من قبل مدفعية جيش الاحتلال خلال عملهم على إطفاء النيران التي اشعلها العدو في حرج يارون نتيجة استخدامه قذائف فوسفورية وضوئية، متعمداً إحراق الحرش، كما اطلق عدة قدائف مدفعية لترهيب عناصر الإطفاء من ممارسة مهامهم في إطفاء الحريق.
في المقابل، واصل حزب الله تنفيذ العمليات النوعية ضد مواقع جيش العدو وتجمعاته، وشن هجوماً جوياً بمسيرة انقضاضية على مقر عين مرغليوت للمدفعية وأصابت هدفها، كما قصفت انتشاراً لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع الضهيرة، وثكنة زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية.
ويرى خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أن الوضع الميداني في الجنوب يتجه نحو مزيد من التصعيد، مع تعميق المأزق الذي يواجه حكومة الحرب في «إسرائيل» أكان في غزة أو في الضفة أو على الجبهة الشمالية مع لبنان، حيث إن حزب الله منع الجيش الإسرائيلي من تغيير قواعد الاشتباك وكسر معادلة الردع وتحويل جبهة الجنوب الى ساحة لتسجيل انتصارات ميدانية إعلامية ومعنوية ولترميم جبهة الردع الإسرائيلية، بل حافظ حزب الله على قواعد اشتباك معينة تتحرك وفق التطورات العسكرية ودينامية الميدان، وحمى قوة الردع التي تمثلها المقاومة، واستمر بإسناد غزة وتشتيت فرق وأولوية الجيش الإسرائيلي وجره الى حرب استنزاف طويلة تشكل ضغطاً كبيراً على الجيش والجبهة الداخلية في الكيان الاسرائيلي».
ويشير الخبراء لـ»البناء» الى أنه وعلى الرغم من مضي 7 أشهر على الحرب، إلا أن سياق عمليات حزب الله تصاعدي، إذ استطاع الحزب خلق مسار تصاعدي في عملياته النوعية الردعية والتحذيرية، من خلال استخدام أسلحة وتنقيات جديدة ومتنوعة، من زرع عبوات على الحدود وتفجيرها بدوريات اسرائيلية، ومسيرات انقضاضية، وصواريخ بركان، وضرب القبب الحديدية واستهداف قواعد عسكرية واستخبارية استراتيجية، وصولاً الى اسقاط مسيرات متطورة مثل هرمز 450، ما يعني أن حزب الله يملك صواريخ وتقنيات متطورة لمواجهة المسيرات والطائرات الإسرائيلية، وبالتالي إفقاد جيش الإحتلال التفوق وحرية الحركة في الجو، ما يشكل مرحلة جديدة في المواجهة الجوية بين المقاومة و»إسرائيل» وبالتالي تحولاً في معادلة الردع وميزان القوى. ولاحظ الخبراء أن حزب الله يستخدم تكتيك التعامل بالمثل، فهو يوسع النطاق الجغرافي لضرباته بقدر ما يوسع جيش الإحتلال الإسرائيلي عدوانه على لبنان، لذلك قصف صفد وعكا وربما يصل الى أهداف أكثر عمقاً اي الى حيفا.
ولفت مصدر معني لـ»البناء» إلى أن لبنان أبدى تحفظه على المقترح الفرنسي لجهة الطلب من حزب الله وقف العمليات العسكرية مقابل وقف «إسرائيل» عدوانها على لبنان، على أن يصار الى تأجيل البحث في الملف الحدودي الى ما بعد الحرب في غزة، لا سيما الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي المحتلة وخصوصاً من النقاط الـ13 والغجر ومزارع شبعا، بموازاة رفض حزب الله وقف العمليات وتهدئة الجبهة قبل توقف العدوان على غزة.
وفي سياق ذلك، أشار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النّائب محمد رعد خلال احتفال تأبيني، الى أنّ «المواجهة تاريخيّة، لذلك النّصر في هذه المواجهة سيكون نصرًا استراتيجيًّا عظيمًا، وسيترك آثاره على كلّ حياة ومعادلات المنطقة، وستهوي دول وتتساقط أنظمة بعد هذه الحرب»، مركّزًا على أنّ «الكيان الصهيوني يعرف أنه لم يعُد قادراً على خوض حربٍ ضدّ مقاومةٍ في هذه المنطقة، وهو يحاول أن يُظهر بعض أنفاسه وعضلاته». وقال: «لذلك عندما يضيق ذرعاً بضغوط المقاومة يستهدف سيارة في عدلون، أو موقعاً خارج مناطق الاشتباك، ولكن يجد أن المقاومة عندما تُستهدف في عدلون تستهدفه في عكا، وحين يوسّع دائرة الاشتباك تكون له المقاومة بالمرصاد؛ لا تنسحب من أمامه ولا تنهزم أمام تمدد عدوانه إنما تتصدى بكلّ شجاعة».
وشدّد رعد على أنّ «على المستوى الاستراتيجي انتهت هذه الحرب، والإسرائيلي يُعلن فشله يوماً تلو الآخر، وعندما يستقيل في وسط الحرب رئيس استخبارات عسكرية للعدو، هذا يعني أنّ العدوّ قد هُزم، وعندما يتظاهر الإسرائيليون لأنهم لم يجدوا بعد أيّ أسير قد تحرر من بين أيدي المقاومين، هذا يعني أنّ العدوّ قد فشل في تحقيق الأهداف التي أطلقها ليشنّ عدوانه على غزة». وتابع: «دفعنا تضحيات من أجل أن نصل إلى هذه النتيجة التي فيها الفشل الذريع للعدو عن تحقيق أهدافه، لكننا كما نألم يألم عدوّنا ونحن نعرف ماذا نريد وكيف نواجه، والعدو يتخبّط في عدوانه ولا يعرف كيف يخرج من المأزق ووحل الفشل الذي أوقع نفسه فيه».
وشدد رعد على أنّ «خيارنا المقاوم هو الخيار الذي يحفظ بلدنا وعزّتنا، وهو الذي يمنع العدوّ على مدى أجيال ومسافات زمنية طويلة من أن يستسهل العدوان على بلدنا، لأنه سيلقى الردّ القويّ الذي يُفشل عدوانه ويُحبِط آماله ويدفعه إلى الانكفاء والتقوقع وانهيار كيانه إن شاء الله».
على المستوى الرسمي، استقبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي سفير فرنسا لدى لبنان هيرفيه ماغرو، وتم البحث في التحضيرات لزيارة وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه الى لبنان والمحادثات التي سيجريها مع رئيس الحكومة الأحد المقبل، كما تم البحث في الاقتراحات الفرنسية لمعالجة الوضع في جنوب لبنان والملف الرئاسي.
سياسياً، استقبل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو، وفداً من «حزب الله» ضم كلاً من المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق وفيق صفا، بحضور النائبين وائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن.
وتم البحث خلال اللقاء، في «آخر المستجدات السياسية المحلية والإقليمية، لا سيما التطورات الميدانية في الجنوب واستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان». كما تم البحث في «أزمة النزوح السوري وكيفية الوصول إلى موقف لبناني موحد من هذه الأزمة». وكانت مناسبة لإطلاع وفد الحزب على «الورقة التي أعدّها الحزب التقدمي الاشتراكي في هذا الخصوص وتتضمن أفكاراً عملية محددة ستعرض على مختلف القوى السياسية، اعتباراً من الأسبوع المقبل».
على صعيد آخر، عقد مجلس النواب جلسة عامة تشريعية برئاسة رئيس المجلس نبيه بري خصصت لدراسة اقتراحي القانونين المعجلين المكررين – اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025 المقدم من النائب جهاد الصمد.- اقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوعين المثبتين في الدفاع المدني سنداً لإحكام القانون رقم 2014 على 289 والقانون 2017 على 59 المقدم من النواب جهاد الصمد، علي حسن خليل، ابراهيم كنعان، امين شري، طوني فرنجيه وحسن مراد. وقد تم إقرارهما بغالبية النواب الحاضرين.
وأعلن النواب نجاة صليبا، بولا يعقوبيان، ياسين ياسين، ابراهيم منيمنة، فراس حمدان وملحم خلف، انسحابهم من الجلسة التشريعية، معتبرين أنها غير دستورية. وصوّت نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ضد قانون التمديد بشكله الحالي انسجاماً مع ما قدمه من اقتراح العام الماضي لتمديد تقني فقط لثلاثة أشهر. كما صوّتت النائبة سينتيا زرازير والنائبة حليمة قعقور وتكتل «لبنان الجديد» وجميل السيد ضد قانون التمديد. أما تكتل الاعتدال فامتنع عن التصويت على قانون التمديد.
وقال رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من مجلس النواب: «كنا أمام خيارين إما الفراغ وإما الذهاب إلى انتخابات لن تحصل». أضاف «لا نستطيع أن نحمل وزير الداخلية المسؤولية كاملة لأنه يعتبر أن لا جو سياسيًا في البلد يسمح بإجراء الانتخابات». تابع: «تأكدنا أنه على المستوى المالي لم تصرف السلف وعلى الصعيد اللوجستي لم توزع لوائح الشطب ولم يجهز أي عمل مركزي لإنجاز الانتخابات». وختم: «كنّا ذاهبين إلى الفراغ وأي كلام عكس ذلك يعني التهرب من المسؤولية». في المقابل اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن «طعنة من جديد يوجهها محور الممانعة و»التيار الوطني الحر» للديموقراطية في لبنان، ولحقّ الناس في اختيار ممثليهم، ولقيام المؤسسات العامة وحسن سير العمل في هذه المؤسسات».
وإثر الجلسة التي أقرت القانونين، أعلن الامين لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية اضافة بند جديد الى جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد عصر اليوم، في السرايا الحكومية، يرمي الى اصدار القانونين اللذين أقرهما مجلس النواب في جلسته التشريعية، وذلك وكالة عن رئيس الجمهورية.
رئاسياً، استقبل الرئيس بري في مكتبه في مجلس النواب بعد انتهاء الجلسة التشريعية كتلة الاعتدال الوطني، حيث جرى عرض للاوضاع العامة والمستجدات السياسية لا سيما الملف الرئاسي. الكتلة وضعت رئيس المجلس في اجواء اللقاءات التي اجرتها مع الكتل النيابية في اطار مبادرتها حول ملف رئاسة الجمهورية. وبعد اللقاء، أشار النائب أحمد الخير الى ان «الكتلة وضعت رئيس المجلس في اجواء اللقاءات مع الكتلة النيابية حول مبادرة كتلة الاعتدال في موضوع الملف الرئاسي وهي مبادرة تقوم على ١٠ نقاط تم تذليل ثماني نقاط فيما بقيت نقطتان عالقتان نسعى نحن والرئيس بري الى تذليلهما».
ولفتت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن الملف الرئاسي يشهد محاولة جدية لصناعة تسوية محلية لانتخاب الرئيس، وتتمحور جهود كتلة الاعتدال المنسقة مع اللجنة الخماسية وبالتشاور مع الرئيس بري على إيجاد قواسم مشتركة بين الكتل النيابية تمهيداً للاتفاق على خريطة طريق لإنهاء الفراغ الرئاسي، وذلك بإجراء حوار أو نقاش نيابي موسع، والاتفاق على 3 أسماء أو اسم واحد والدعوة الى جلسة للانتخاب لانتخاب أحد المرشحين، مع تعهد الجميع بالحضور وتأمين النصاب وعدم تطيير الجلسة، وأما إذا لم يتم التوصل الى مرشحين توافقيين، يصار الى عقد جلسات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس. لكن المصادر استبعدت نجاح هذه المساعي بالمدى المنظور، لكن بذل المساعي والحوار أفضل من الجمود والمراوحة واللاحوار، لكن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية غير مؤاتية لانتخاب الرئيس، لا سيما الأوضاع الخطيرة في الجنوب وغزة والمنطقة التي ترخي بتداعياتها على لبنان، مع ارتباط الملف الرئاسي بالجبهة الجنوبية المرتبطة بدورها بتطورات الوضع في غزة، على الرغم من المحاولات الداخلية والفرنسية لفصل الملفات.