واشنطن تسحب فجأة قواتها من البحر الأحمر.. واليمن لترتيب بنك أهداف بديل/ مشاورات بايدن ونتنياهو في صفقة التفاوض تنتهي بعرض لا يُنهي الحرب/ جيش الاحتلال مذعور من تصعيد المقاومة في غزة ولبنان وخصوصاً مزارع شبعا
كتب المحرّر السياسيّ
فيما يواصل طلاب الجامعات الأميركية حراكهم الداعم لفلسطين والداعي لوقف كل وجوه التعاون مع كيان الاحتلال وجيشه من الجامعات خصوصاً، ووقف تمويله من الخزينة الأميركية، تتسع حركة التأييد للطلاب داخل أميركا وخارجها، وتمتدّ على مساحة العالم خصوصاً بلاد الغرب وجامعاته الكبرى، بينما تلتحق غداً جامعات كبيرة في الدول العربية، منها لبنان والأردن والمغرب وتونس ومصر والعراق والكويت وعُمان، ويحضر الشارع الأميركي الغاضب في خلفية تحرك إدارة الرئيس جو بايدن لتفادي المزيد من الخسائر في عام انتخابيّ حساس، في ظل تمسكه بدعم حكومة الكيان وجرائم جيش الاحتلال، وكان توقيعه لقانون تمويل شراء الأسلحة بقيمة 26 مليار دولار من أصل قرابة 100 مليار خصصها القانون الذي دعمه الحزبان الجمهوري والديمقراطي لأوكرانيا وتايوان والكيان.
الرئيس بايدن في اتصال مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أراد أن يظهر للداخل الأميركي “مساعيه السلمية الإنسانية”، عبر تعميم إعلامي لمواضيع بحث تتصل بالموقف من معركة رفح والدعوة لفتح ممرات للمساعدات الإنسانية وتشجيع التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى بروح تفاوضية إيجابية، لكن محادثة بايدن عملياً أنتجت استعداد حكومة نتنياهو لتقديم عرض تفاوضي يرفض وقف الحرب، وهو المطلب الرئيسي الذي ترهن به قوى المقاومة وعلى رأسها حركة حماس القبول بأي نقاش جدّي لعروض المفاوضات.
واشنطن عسكرياً أقدمت على خطوة مفاجئة تمثلت بسحب قواتها وما يواكبها من مدمّرات وحاملات طائرات من مياه البحر الأحمر، بصورة طرحت أسئلة عن النيّات الحقيقية، بين التصعيد والتهدئة، فيما قالت معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف إن هناك تواصلاً تقوم به الإدارة مع حركة أنصار الله، ما رجّح كفة التهدئة على التصعيد، خصوصاً مع إعلان المتحدث باسم الحركة محمد عبد السلام عن أن اليمن يُعيد ترتيب بنك أهدافه بعد هذا الانسحاب، في إشارة إلى احتمال استهداف القواعد الأميركية في دول الجوار لليمن إذا تجدد عليه العدوان الأميركي بغياب البوارج وحاملة الطائرات ايزنهاور.
في جبهات المواجهة، نجحت المقاومة في غزة بفرض الذعر على جيش الاحتلال حيث ترافق الحديث عن نية فتح معركة رفح مع كمين ثلاثي للمقاومة في منطقة وسط غزة قتل فيه ثلاثة جنود وجرح فيه ثمانية، بينما كان ذعر آخر على جبهة لبنان بالتوازي مع الحديث عن معركة رفح أيضاً، حيث واصلت المقاومة تفوقها التكتيكي المتعدد الوجوه بعمليات استهدفت المستوطنات ومواقع وتجمعات جيش الاحتلال، لكن أهمها بنظر المعلقين في الكيان كان مواصلة المقاومة التركيز على تدمير منشآت جيش الاحتلال في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة، ما طرح أسئلة عما إذا كانت المعادلة هي هجوم برّي على مزارع شبعا لتحريرها إذا ما قرّر جيش الاحتلال اقتحام رفح؟
أصبح مؤكداً أن لا زيارة قريبة للوسيط الأميركي أموس هوكشتاين الى بيروت رغم أنه زار تل أبيب، وبحسب مصادر البناء لم تتبلّغ الدوائر المعنية في لبنان بأي زيارة في وقت قريب، وهذا يشير إلى أن الأمور لا تزال تراوح مكانها لجهة الموقف الإسرائيلي من الأفكار اللبنانية الرسمية التي حملها هوكشتاين من بيروت تجاه إيجاد الحلول ووقف إطلاق النار. ومع ذلك تشير المصادر الى تخوّف أميركي من صيف ساخن في لبنان إذا لم تحلّ الأمور ولم يتم إنهاء القتال الحاصل، معتبرة ان واشنطن لم تفوّض باريس بملف الجنوب اللبناني. ولقاء هوكشتاين بالموفد الفرنسي جان ايف لودريان لم يذكر هذا التفصيل على الإطلاق، وإن كان الطرفان أكدا التعاون في ملف لبنان.
وليس بعيداً اعتبرت مصادر معنية بالملف الفرنسي لـ”البناء” أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الى بيروت، والتي تأتي في سياق جولة له في المنطقة تهدف إلى تأكيد الاهتمام الفرنسي بلبنان، ودعوة المكونات السياسية الى انتخاب رئيس وإلا لن يكون للبنان مكان على طاولة المحادثات، علماً أن القوى السياسية تبلّغت ضرورة انتخاب رئيس قبل نهاية الصيف. وقالت المصادر إن الوزير الفرنسي لم يحمل معه الورقة الفرنسية ومردّ ذلك ان الافكار التي طرحت في اجتماع الاليزيه تم الأخذ بها وقد أرسلت مسودة عن الورقة الجديدة الى تل أبيب بانتظار ردها، ولذلك ترجّح المصادر ان يحمل الورقة الفرنسية الجديدة وفد فرنسي مؤلف من مسؤولين في الخارجية الفرنسية والجيش الفرنسي خلال أسبوع او عشرة ايام على أبعد تقدير.
وقال وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه خلال مؤتمر صحافي في ختام لقاءاته في لبنان، إن “الأزمة طالت كثيرة ونتفادى أن تعصف في لبنان حرب إقليمية وندعو الاطراف كافة إلى ضبط النفس، ونحن نرفض السيناريو الأسوأ في لبنان وهو الحرب وأبلغنا المسؤولين اللبنانيين بضرورة منع التصعيد”. وأشار إلى أن “لا مصلحة لأحد أن يتوسع الصراع بين حزب الله و”إسرائيل” ويجب أن يُطبق القرار 1701 كاملاً”.
وقال: “قدّمنا اقتراحات للشركاء كافة وسننتظر الردّ الإسرائيلي يوم الثلاثاء، وأخذنا بعين الاعتبار الرد اللبناني، وفي نهاية المطاف يجب التوصل إلى اتفاق”، مشدداً على أن “التصعيد قائم وموجود في جنوب لبنان ونأمل أن تصل محادثاتنا إلى اتفاق بين الأطراف ومستمرون بعملنا الدبلوماسيّ تفادياً لاشتعال المنطقة”. وتابع قائلاً: “فرنسا ستستمع لجميع الأطراف ونحن نعمل ونسعى للسلام، إلا أن هذا الأمر يحتاج لجهود ديبلوماسية وما لمسته من الأطراف اللبنانية يشير إلى أننا نسير على الطريق الصحيح”. وأضاف ان “قوات اليونيفيل تلعب دوراً حاسما لتفادي السيناريو الأسوأ وعلى كل الأطراف ان تسمح لليونيفيل بالقيام بمهامها كاملة”. وأكد ان “فرنسا ستستمر بدعم الجيش اللبناني إلى جانب شركائنا، والعودة للاستقرار تتطلب إعادة انتشاره في الجنوب”. وشدّد على ان “لبنان بحاجة إلى إصلاحات وسنواصل العمل على إخراج لبنان من أزمته”. وأعلن أنه “بدون رئيس منتخب لبنان لن يدعى إلى طاولة المفاوضات واللبنانيون هم من عليهم اختيار رئيسهم”.
وكان سيجورنيه قد بدأ جولته بزيارة لكتيبة بلاده العاملة ضمن قوات الطوارئ الدولية، اليونيفيل، ثم جال على المسؤولين اللبنانيين فالتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزاف عون. وقال بعد أن زار قوات حفظ السلام في الناقورة بجنوب لبنان: “إذا نظرت للوضع اليوم.. وإذا لم تكن هناك حرب في غزة، يمكننا أن نتحدث عن وجود حرب في جنوب لبنان، بالنظر إلى عدد الضربات والتأثير على المنطقة”. وتابع قائلاً “سأوصل رسائل وأطرح مقترحات على السلطات هنا، لدفع هذه المنطقة للاستقرار وتجنب نشوب حرب”.
وبحسب المعلومات، فإن بنود الورقة الفرنسية، هي: وقف الأعمال العسكرية بين حزب الله و”إسرائيل”، مع عودة آمنة للمستوطنين الاسرائيليين الى المستوطنات الشمالية وعودة آمنة للمواطنين اللبنانيين إلى بلداتهم وقراهم الجنوبية، على أن يتم بعد ذلك انتشار الجيش اللبناني في المناطق الحدودية وعلى الحدود نفسها، بعديد يبلغ حوالى 15 ألف عسكري، جنوب الليطاني وصولاً في مرحلة لاحقة الى الاتفاق على تثبيت النقاط الحدودية المختلف عليها بين لبنان و”إسرائيل”.
هذا وتتوقع أوساط متابعة أن يتم الدفع من فرنسا وايطاليا لعقد مؤتمر لدعم الجيش على ضوء الزيارة الأخيرة للرئيس ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون لباريس.
وكان رئيس مجلس النواب أكد لضيفه الفرنسي انتظار لبنان لتسلّم الاقتراح الفرنسي، الرامي إلى خفض التصعيد ووقف القتال وتطبيق القرار الأممي، تمهيداً لدراسته والردّ عليه. وجدّد رئيس المجلس تمسك لبنان بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته وكرّر على مسمعه أنه عندما تقف الحرب على غزة تقف الجبهة في لبنان. وفي الملف الرئاسي، أثنى الرئيس برّي على جهود اللجنة الخماسية للتوصل عبر التشاور لانتخاب رئيس للجمهورية. كما أثار رئيس المجلس موضوع النازحين السوريين لافتاً إلى أنه سوف يثير هذه القضية مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي والرئيس القبرصي خلال زيارتيهما للبنان هذا الأسبوع. مطالباً فرنسا وألمانيا بإعادة النظر إزاء علاقتهما بسورية وحيال هذا الملف.
أما رئيس الحكومة فشدد أمام سيجورنيه على “ان المبادرة الفرنسية تشكل إطاراً عملياً لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 الذي يتمسك لبنان بتطبيقه كاملاً، مع المطالبة بالتزام “إسرائيل” بتنفيذه ووقف عدوانها المدمّر على جنوب لبنان، بالإضافة الى دعم الجيش لتمكينه من القيام بمهامه وتحقيق السلام الدائم على الحدود”. وجدّد رئيس الحكومة مناشدة فرنسا والدول الأوروبية “دعم لبنان من أجل التوصل إلى حل لأزمة النازحين السوريين”، مشيرًا الى “بداية مقاربة أوروبية جديدة مع اعترافهم بالتحدي الذي تمثله هذه القضية بالنسبة للبنان واستعدادهم للعمل مع السلطات اللبنانية في هذا الشأن”.
وميدانياً، تتواصل الاشتباكات والمعارك بين حزب الله من جهة، وجيش العدو الإسرائيلي من جهة أخرى. واستهدف حزب الله أمس قاعدة ميرون الجوية بعشرات صواريخ الكاتيوشا، رداً على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين. ونقلت وسائل إعلام العدو بأن جندياً أصيب بنتيجة هذا الاستهداف.
في المقابل، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على عيتا الشعب، وأطراف بلدتي طيرحرفا والضهيرة، ما سبّب أضراراً جسيمة في الممتلكات والمزروعات والمنازل. كما أغار على أهداف ومنازل مدنية في بلدة مارون الراس. وأقدم الجيش اللبناني مساء امس على تفجير بالون حراري أسقطه العدو الإسرائيلي في بلدة تولين الجنوبية.
ونشر موقع تابع للعدو الاسرائيلي تقريراً أشار فيه إلى تشكيل الجيش الإسرائيلي غرفة عمليات عسكرية مشتركة في القيادة الشمالية تحت الأرض، وأنها مميزة إذ على شاشاتها يظهر كل عمل قتاليّ، وتُدار ضمنها الاتصالات والإشارات العسكرية، موضحاً أن غرفة العمليات المذكورة ستكون أساسية لتُدار من خلالها أي عملية برية قد يخوضها الجيش الإسرائيليّ ضد لبنان خلال الفترة المقبلة.
ولفتت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن الصراع بين “إسرائيل” وحزب الله أخذ بعداً عنيفاً في الأيام القليلة الماضية، مما زاد المخاوف من أن يخطئ أحدهما في التقدير ويؤدي إلى مواجهة أكثر حدة. مشيرة إلى أن مثل هذا السيناريو يمكن أن يؤدي إلى الموت والدمار على نطاق واسع في كل من لبنان و”إسرائيل”.
أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أن “المقاومة وعلى مدى ستة أشهر من المواجهة مع العدو، كانت فاعلة وازدادت فاعلية، وهي راسخة بخياراتها، وماضية في هذه المواجهة، والعدو هو الذي سيتراجع، ومقاومتنا ثابتة في الميدان وفي أهدافها السياسية”.
وأشار النائب فياض في كلمة ألقاها خلال مراسم تشييع “حزب الله” الشهيد رافع فايز حسان في مدينة الخيام إلى أن “مقاومتنا أسقطت مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي سعى إليه الأميركي والإسرائيلي في تموز عام 2006. وأما في العام 2024، فإن مقاومتنا وحلفاءها على المستوى الإقليمي، هم الذي يصنعون هذا الشرق الأوسط الجديد، فلقد تبدّل الزمن، وتغيّرت المعطيات، واختلفت الحقائق، ونحن بتنا الرقم الأصعب، ليس فقط على مستوى الساحات المحلية، وإنما على مستوى البيئات الإقليمية ومصير هذه المنطقة، وعلى مستوى صنع مستقبلها وقرارها السيادي”.
كما شدّد في كلمة ألقاها خلال احتفال تأبيني اقيم في برج البراجنة على أن المقاومة فاعلة عسكرياً وثابتة سياسياً، إذ لم تتراجع عن أي من شروطها ومواقفها، ولهذا فإن العروض والمبادرات الغربيّة على اختلافها من حيث المبدأ، لا تفضي إلى أي نتيجة، لأنها من حيث التوقيت تطرح في ظل استمرار العدوان على غزة وعدم إعلان وقف إطلاق النار، ولأنها من حيث المضمون، تسعى إلى تحقيق مكتسبات للعدو، في حين أن مسار المواجهة لغاية اللحظة، يفرض عكس ذلك”.
وقالت نائبة مدير المكتب الإعلامي لقوات اليونيفيل في لبنان: نواصل دورياتنا وأنشطتنا الأخرى بما يتماشى مع تفويضنا بموجب القرار 1701 ونحن نقوم بهذه الدوريات على حد سواء بمفردنا ومع الجيش لدينا أيضًا آلية الاتصال والتنسيق والتي من خلالها ندعم المدنيين والأنشطة في المناطق القريبة من الخط الأزرق مثلًا كمساعدات المزارعين على الاقتراب من الخط لحصاد محاصيلهم بأمان ومساعدة العمال على إصلاح البنية التحتية للكهرباء والاتصالات والمياه ومساعدة الصحافيين والجهات الفاعلة الإنسانية على التحرك في جميع أنحاء الجنوب. ولقد قمنا أيضًا بتقديم المساعدة الطبية وقامت بعض وحداتنا بتقديم الدعم للمدارس والمستشفيات والمنظمات المدنية لمساعدتها على الصمود والاستمرار”.
إلى ذلك زار وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي أكد أن “نجاح قمة المنامة مصلحة عربية مشتركة، ولبنان يستبشر خيراً، ونطمح لمزيد من التطور في العلاقات الثنائيّة”.