حزب الله «يحتلّ» الجبهة الشمالية للكيان
} وفاء بهاني
سبعة أشهر من استنزاف جيش العدو الإسرائيلي على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، عشرات الآلاف من قطعان المستوطنين النازحين لا يجرؤون على العودة بل لا تملك حكومة سفّاح العصر نتنياهو قرار إعادتهم، والأهمّ من ذلك كله ما حققته المقاومة في لبنان من فرض معادلات جديدة أرساها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله منذ الأيام الأولى لدخول المواجهة.
هُشِّمت صورة الجيش الذي قيل إنه لا يُقهر ومعها أُسقطت قوّة ردعه ووقفت قوات نخبته عاجزة عن فعل أيّ شيء والأهم من ذلك هو سحق عقيدته القتالية التي بُنيت منذ أيام بن غوريون على سبعة قواعد أساسية هي: الهجوم؛ النصر الحاسم؛ التقليل من الخسائر؛ المبادرة بالضربة الأولى؛ شن ضربة وقائية؛ حرب خاطفة؛ نقل المعركة إلى أرض العدو. كل تلك القواعد نسفتها المقاومة في عدوان تموز 2006 وزادت في تفتيتها بعد السابع من أكتوبر 2023 وهو ما أقرّ به رون تيرا في مقال نشره معهد دراسات الأمن القومي تحت عنوان: «عقيدة الحرب الثانية في إسرائيل» وبات حديث الإعلام الصهيوني عن تراكم هزائم نتنياهو. وهو ما تحدث عنه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي للقناة 12 الصهيونية قائلاً: كلّ كلام عن عودة المستوطنين الى الشمال هو غير جدّي، فحزب الله ملتزم بدعم حماس لطالما استمرت الحرب في غزة وإذا ما تمّت إعادتهم من سيتحمّل المسؤولية بعد انهمار صواريخ حزب الله عليهم.
أما المحلل السياسي الصهيوني عميت سيفل الذي أشار الى تدهور وضع كيانه الى درجة «أنّ منظمة حزب الله نجحت في تهجير عشرات الآلاف من مستوطني الشمال، ورغم ذلك لا يزال كبار المسؤولين يبرّرون بأنه لا يمكن ان يكون الأمر غير ذلك».
هذا هو مشهد الكيان المأزوم والمهزوم رغم كلّ الدعم الأميركي والغربي له، ورغم كلّ ما ارتكبه من مجازر بحق الشعب الفلسطيني، إلا أنّ ذلك لم يحقق له أيّ هدف من أهداف عدوانه الذي لم يحرّر أسيراً من أسراه وفشل فشلاً ذريعاً في القضاء على المقاومة في غزة ويصرّ على استكمال عدوانه باجتياح رفح وهو العاجز عن وقف صواريخ المقاومة التي طالت بالأمس موقع كرم أبو سالم بغلاف غزة وأدت إلى سقوط 4 جنود من فرق مختلفة بينهم جندي من الكتيبة 931 في لواء ناحال.
وفي هذا الإطار نشر موقع «زمان إسرائيل» العبري: في افتتاحيته تقييماً لأداء جيش العدو مظهراً مدى التراجع في أدائه القتالي، ومشيراً الى انه من المفترض أن يكون (الجيش الإسرائيلي)، باسمه الكامل، هو (جيش الدفاع الإسرائيلي)، لكن دراسة المهام الدفاعية التي قام بها الجيش الإسرائيلي على مرّ السنين تثبت أنه فشل تماماً في حماية «إسرائيل».
في 7 أكتوبر، فشل الجيش الإسرائيلي في معركة الدفاع عن «حدود دولة إسرائيل»، وهي مهمته الأساسية منذ قيامه، إنّ أحداث 7 أكتوبر هي أخطر فشل منذ قيام الدولة، لكنها ليست أحداثاً نادرة.
فالجيش الإسرائيلي لا يعرف كيف يخوض معارك دفاعية، وجنوده غير مدرّبين على الدفاع عن المواقع الاستيطانية، والكيبوتسات، والسياج الحدودي.
كان الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر جيشاً غنياً، غنياً بتقنيات الهجوم في مجال الصواريخ، وقوة جوية تمتلك أفضل الطائرات الحديثة والطائرات بدون طيار والدبابات والعربات مع نظام دفاعي تحميها من الصواريخ المضادة للدروع، ومع ذلك لم يتمكن من حماية سكان الغلاف رغم كل الإمكانيات والميزانيات والقوى البشرية التي أتيحت له.
فشل ذريع وغرق في مستنقع المقاومة الذي حوّل كيان العدو وجيشه على كل الجبهات إلى جيش يتخبّط بأزماته تتآكل قوته يوماً بعد يوم بعدما كان جيشاً هجومياً له تاريخ حافل بالإجرام والمجازر والعمليات الخاصة والإغتيالات في الداخل والخارج وبات نمراً من ورق أُسقطت هيبته على أيدي المقاومين وتهاوت قدراته رغم ما يمتلكه من ترسانات أسلحة متطورة ورغم كل الدعم الأميركي والغربي له إلا أنه تحوّل الى جيش مهزوم يمارس إجرامه على المدنيين وينشط دبلوماسياً لكسب المزيد من الوقت بدعم الدول العربية المطبّعة علّه يحقق إنجازاً لم يحققه بإجرامه.
لكن واقع الحال يقول انّ المقاومة التي صمدت سبعة أشهر على كلّ الجبهات قادرة على الصمود أكثر واستنزاف جيش العدو بشكل أكبر ولا تزال لها اليد العليا، وهنا لا بدّ من الإشارة الى ما قاله روعي كونكول المتحدث السابق باسم زعيم المعارضة يائير لابيد للقناة 12 العبرية معتبراً «أنّ حزب الله من دون دبابات ولا طائرات من دون أن يضع قدماً واحدة على الأرض «احتلّ» (شمال إسرائيل) وليس لنا سيادة على طول المنطقة الحدودية»، وهذا يعني انّ المقاومة هي التي تملك زمام المبادرة وتقول الأمر لي.