صحراء الأنبار بين إرهاب متجذر ومخدرات تفتك بالشباب
محمد حسن الساعدي
تعدّ محافظة الأنبار من أهمّ المحافظات وأكبرها حيث تبلغ مساحتها اكثر من 138 كم2 وهي بذلك تبلغ 32% من مساحة العراق وتحتلّ بذلك المرتبة الأولى من حيث المساحة، كان لها النصيب الأكبر من سيطرة الإرهاب الداعشي على أغلب مدن المحافظة، وأصبحت صحراؤها مرتعاً للإرهاب الداعشي، ومن خلال هذه العصابات التي تفنّنت كثيراً في القتل بالإضافة الى تنوّعها في دعم عمليات تهريب المخدرات والتي أصبحت تتدفق الى الأنبار عبر ممرات سرية وتحديداً في الرمادي حيث يسهل الوصول إليها بسبب وجود شبكات تحت الارض كان يستخدمها الإرهابيون وتربط التجار والمتعاطين حيث يقوم البائعون ببيع بضائعهم في الشوارع سراً.
تجار المخدرات في المحافظة استخدموا طرقاً وحيلاً متنوعة من أجل ترويجها وبيعها، عبر التحايل على الإجراءات الامنية، بما في ذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج واستخدام نقاط بعيدة من أجل عمليات البيع لتجنب اكتشافها، أو من خلال تنوع وسائل النقل في عمليات البيع، خصوصاً مادة “الكبتاغون” والتي تعدّ الأوسع انتشاراً والتي لا تتجاوز أسعارها خمسة الآف دينار، وانّ غالبية المتعاطين يقعون ضمن الفئة العمرية ما بين (15-30) عام، وحسب آراء المختصين فإنّ من المرجح ارتفاع معدلات الإدمان بين الشباب الى 50%، حيث تعدّ الأنبار كأحد أكبر وأهمّ الأسواق والتي تضمّ كبار التجار والمستهلكين للمواد المخدرة منذ عام 2003.
تجار السلاح والمهرّبين والتي تسيطر على الشبكات الإجرامية العابرة للحدود على تهريب المخدرات والإتجار بها الى العراق، وأمست محافظة الأنبار مركزاً مهماً لتهريب المخدرات وتمتد عبر حدود سورية ولبنان، حيث يشير الأخصائيون إلى أنّ منشأ “الكبتاغون” هو سورية ومن ثم يأتي الى العراق، حيث تؤكد التقارير أنّ المصادر الرئيسية لهذه المادة والتي تدخل الى الأنبار هي المصانع والمنشآت الموجودة في سورية، وانّ منطقة القائم تنشط بشكل خاص في تهريب كميات كبيرة، في حين أنّ مادة الكريستال يتمّ الحصول عليها وبشكل أساسي من المحافظات الجنوبية وبكميات محدودة جداً، حيث تتمّ عمليات التهريب وبشكل غير مشروع الى العراق عبر طرق غير رسمية مثل الشريط الحدودي والأهوار والمناطق الصحراوية، إذ يوجد في منطقة الرطبة والقائم معبران حدوديان وهما يربطان الصحراء العراقية بالأردنية عبر تضاريس متنوعة.
العراق يفتقر الى أسباب تطبيب هذه الأمراض، بالإضافة الى افتقاره للمؤسسات الصحية المسؤولة عن إجراء مسح صحي عن أعداد المصابين، وإجراء الفحص الأوّلي لهم عبر هذه المؤسسات، بالإضافة الى قلة مراكز تأهيل المدمنين وعلاجهم، ما يجعل الحكومة غير قادرة على معالجة هذا الأمر، وربما نصل الى عجزها وعدم قدرتها الى مواكبة التطور الهائل والسريع في عمليات التأهيل الموجودة في أغلب الدول المتقدمة، لذلك بات لزاماً على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة عبر بناء مراكز تأهيلية في عموم المحافظات، بالإضافة الى اتخاذ الإجراءات الأمنية في حفظ الحدود وملاحقة المتسللين، وتبادل الخبرات الأمنية والمعلومات الاستخبارية مع دول الجوار من أجل ضمان عدم دخول مثل هذه الأمراض الخبيثة التي بدأت تفتك بشبابنا وتهدّد السلم الأهلي والمجتمعي.