الوطن

نصرالله في ذكرى استشهاد بدر الدين: «إسرائيل» لم تنجح في ردع محور المقاومة وصورتها تتآكل الحلُّ لأزمة النازحين هو بالقرار الجريء والضغط على الأميركيّ والحديث جدّياً مع الحكومة السوريّة

جبهة المقاومة في لبنان مستمرّة في إسناد قطاع غزّة

«إسرائيل» أمام خيارين إما الموافقة على المقترَح الذي وافقت عليه «حماس» أو المضيّ بحرب استنزاف تأكلُها

أكَّد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، أنّ “صورةَ إسرائيل اليوم هي صورة قاتلة الأطفال والنساء والمستكبِرة على القوانين الدوليّة والقيَم الإنسانية والأخلاقية”، معتبراً أنَّ “كلَّ هذا الانتصار هو بفضل صمود الشعب الفلسطينيّ”. وأشار إلى أنَّ “إسرائيل اليومَ بلا ردع ولم تنجح في ردع المقاومة من كلّ دول المحور وأصبحت صورتها متآكلة”، مشدّداً على أن “لا حلَّ في الشمال من دون وقف إطلاق النار في غزّة”. ودعا إلى فتح البحر أمامَ النازحين السوريين بدلاً عن تعريضهم للخطر عبر الرحيل عبر طرق غير شرعيّة”، لافتاً إلى أنّ هذا الأمر يحتاجُ إلى غطاءٍ وطنيّ.
كلامُ السيّد نصرالله خلال إحياء حزب الله الذكرى السنويّة الثامنة لاستشهاد مصطفى بدر الدين «السيّد ذو الفقار» في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، وأكّد في مستهلّها أنّ «القائد الجهاديّ الشهيد السيّد مصطفى بدر الدين استحقَّ وسام الإنسان المقاتل المجاهد ووسام الجريح والأسير والقائد ووسام صانع الإنجازات وختمَ الله له بوسام الشهادة».
وتوجّهَ إلى “عائلة الشهيد ذو الفقار وعوائل الشهداء الشريفة بالعزاء بفقدهم أعزائهم والتبريك لنيلهم وسام الشهادة، داعياً الله “أن يمنَّ على الصامدين والنازحين المتنقلين من مكان لمكان بالثبات وعظيم الأجر والثواب”. كذلك توجّهَ إلى “المجاهدين الشجعان في كلّ الجبهات الذين يسطرون منذ 8 أشهر أروع معاني الرجولة والعزم والعنفوان واليقين بالنصر”.
وقال “في كلّ ما تشهده ساحاتنا نرى وجه السيد ذو الفقار حاضرًا وصوته كما هو الحال مع كلّ الشهداء وخصوصاً القادة، نرى ما أثمرت دماؤهم الزكيّة. ومع كلّ مُسيّرة انقضاضيّة أو استطلاعيّة نتذكّر الشهيد القائد الحاج حسان اللقيس، وفي كلّ معركة يحضرنا الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني والشهيد زاهدي والشهيد حجازي الذين ساندونا وقضوا أعمارهم وهم يدعموننا”، لافتاً إلى أنَّ “المقاومة التي تقاتل اليوم على الجبهة هي نتيجة تراكميّة للماضين والحاضرين والآتين في المستقبل”.
وأضافَ “لقد أُريد لسورية أن تُصبح في دائرة الأميركيين وخاضعة للإدارة الأميركيّة ولكنَّ سورية انتصرَت ولو لم تنتصر سورية في الحرب الكونيّة وجاءت معركة طوفان الأقصى، كيف سيكون حال المنطقة ولبنان؟ على الرغمِ من الحصار والأوضاع الصعبة، سورية ما زالت في موقعها وموقفها الراسخ والثابت من القضيّة الفلسطينيّة”.
وشدّدَ على أنّ دماء الشهيد بدر الدين وكلّ الشهداء “قد أثمَرت وأعطت النتيجة المطلوبة لأنَّ أحد أسباب دخولنا إلى سورية هو الحرصُ على بقائها في محور المقاومة”.
وتابع “قلنا إنَّ من جملة أهداف المقاومة الفلسطينيّة ومحور المقاومة التي أُعلن عنها كان إعادة إحياء القضيّة الفلسطينيّة والتذكير بفلسطين المنسيّة وحقوق شعبها في الداخل والشتات، وكان الحكّام العرب سيوقعون أوراق موت القضيّة الفلسطينيّة في خطوة التطبيع مع العدوّ الصهيونيّ التي كانت قادمة خلال أشهر”، مشيراً إلى أنَّ “بعض الأنظمة والفضائيّات العربيّة باتت تروِّج لكيان العدوّ على أنه “الدولة” الديمقراطيّة الوحيدة في منطقتنا”.
وقال “اليوم بعد طوفان الأقصى باتت القضيّة الفلسطينيّة حاضرة على كلّ لسان وفي كلّ دول العالم وفي الأمم المتحدة حيث تُطالب غالبيّة الدول بوقف إطلاق النار. الاحتجاجات الطلاّبيّة في مختلف دول العالم هي من صنع 7 تشرين الأول وما بعده من بطولات، وهذه الاحتجاجات أغضبت نتنياهو وبايدن. التصويت في الأمم المتحدة بشأن عضويّة فلسطين أغضبَ مندوب العدوّ الذي وجّهَ الإهانات لدول الأمم المتحدة في حين أنّها حرّة في تسويتها”.
واعتبر “أنَّ أهمَّ مشهدٍ إعلاميّ سياسيّ يُعبّر عن نصر المقاومة الفلسطينيّة هو حينما رفع مندوب “إسرائيل” وعلى وجهه علامات اليأس صورة القائد المجاهد يحيى السنوار في الأمم المتحدة”، وقال السيّد نصر الله “الصهاينة يرفضون الدولة الفلسطينيّة ويعتبرونها تهديداً لكيانهم، ولكنَّ عمليّة طوفان الأقصى أجبرت كلّ دول العالم وأميركا على الحديث عن أن الحلَّ الوحيد هو في إقامة دولة فلسطينيّة”.
وأضاف “صورة إسرائيل اليوم هي صورة قاتلة الأطفال والنساء والمستكبرة على القوانين الدوليّة والقيَم الإنسانيّة والأخلاقيّة”، معتبراً أنَّ “كلّ هذا الانتصار هو بفضل صمود الشعب الفلسطينيّ، وهذا ما أدّى إلى انتصار الدم الفلسطينيّ على السيف الصهيونيّ”.
ولفتَ إلى “أنّ طوفان الأقصى والصمود ودماء الأطفال والنساء في غزّة وجنوب لبنان وكلّ منطقة قدّمت الصورة الحقيقية لإسرائيل، وأنَّ هناك إجماعاً في إسرائيل بعد 8 أشهر هو الفشل ولا حديث عن النصر، وإن تحدّثَ نتنياهو عن اقتراب النصر يسخرُ منه الشارعُ الإسرائيليّ”.
وأكّد أنَّ “العدوّ لم يستطع تحقيق أهدافه المُعلنة بالحدّ الأدنى فما زالت الصواريخ حتّى اليوم تسقطُ في بئر السبع ومستوطنات غلاف غزّة”، مشيراً إلى أنَّ “المسألة ليست فقط بفشل تحقيق الأهداف بل هي مسألة خسائر إستراتيجيّة».
وتابعَ “إسرائيل تُقدِّم نفسَها على أنّها أقوى دولة وأقوى جيش وتساعدها أقوى دولة في العالم أيّ الولايات المتحدة وتُعطيها المُقدّرات وتتدخّل لتدافع عنها في مقابل قطاع غزّة المحاصر منذ 20 عاماً والمقاومة التي تمتلك مقدّرات محدودة، لكنّ إسرائيل أثبتت أنّها “دولة” عاجزة وفاشلة وغير جديرة بالثقة والتأثير الإستراتيجيّ يظهر عند مستوطني الكيان الذين وُعدوا بالأمن والأمان ولكن ما يرونه في استطلاعات الرأي هو غياب صورة النصر ويطالبون برحيل نتنياهو ومَن معه”.
أضاف “اليوم إسرائيل بلا ردع ولم تنجح في ردع المقاومة من كلّ دول المحور وأصبحت صورتها متآكلة، ونتنياهو يعتبر أنَّه في مأزق كبير فهو غير قادر على الانسحاب من غزّة، لأنّه سيواجه التمرُّد ولا يستطيع الاستمرار لأنَّ هزيمته حتميّة، وكبار جنرالات الحرب يقولون إنَّ إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب يجرُّ الكيانَ نحو الهاوية”.
وأكّدَ أنّ “الحربَ اليوم على غزّة هي أكبر معركة يخوضها الشعب الفلسطينيّ مع دولة العدوّ التي ستخرج مأزومةً من الحرب، فالمقاومة اليوم باتت تملكُ جرأةً أكبرَ في المفاوضات”، موضحاً “أنَّ العدوّ يواصل هجومه على رفَح لتحقيق صورة النصر، ولكنَّ ذلك يُعبّر عن الوهَن السياسيّ والعسكريّ داخل كيان العدوّ لأنّه يبحثُ عن مخرجٍ لهزيمته”.
وانتقدَ “الفضائيّات العربيّة التي يستغلّها بعضُ المتصهينين العرب لتثبيط العزائم عبرَ الحديث عن هزيمة المقاومة، وهذا قمّة التزوير والتضليل والخيانة”، لافتاً إلى أنَّ “أميركا إذا جمَّدت صفقة سلاح فستعود وتُرسلها، وهذا خداعٌ أميركيّ ومجرّد خلاف تكتيكيّ بين الولايات المتحدة وإسرائيل”.
وقال “قُدّمت ورقة مصريّة قطريّة وافقت عليها أميركا وإسرائيل وفاجأتهم حماس بموافقتها وحتّى نتنياهو صُدم لأنَّ الورقة تعنى هزيمة كيان العدوّ. أميركا سكتَت عن رفض نتنياهو وحكومته للورقة التي وافقت عليها بنفسها في حين لو أنَّ حماس هي من رفضت لرأينا تصرّفاً مختلفاً من الإدارة الأميركيّة”.
واعتبرَ أنَّ “ما جرى في الأمم المتحدة والمحكمة الدوليّة وخلال فضّ الاحتجاجات الطلابيّة، يؤكّد الدعم الأميركي لإسرائيل” وعدم تغيُّر موقف الإدارة الأميركّية”، مشيراً إلى “أنَّ أمامَ العدوّ خيارين فقط، إمّا العودة لورقة الوسطاء وذلك يعني الهزيمة أو الاستمرار في حرب استنزاف تأكلها” وقال “مهما كانت المعاناة، فمعركةُ اليوم معركة تاريخيّة في المحور بأكمله وتصنع إنجازاً حقيقيّاً”.
وأعلنَ السيّد نصر الله، أنَّ “الربطَ بين جبهة الإسناد اللبنانيّة والفلسطينيّة هو أمرٌ قطعيٌّ ولا نقاشَ فيه والعالم كلّه سلّم بهذه الحقيقة ولذلك أبلغ الأميركيون نتنياهو بأن لا حلَّ في الشمال من دون وقف إطلاق النار في غزّة”.
وخاطبَ السيّد نصرالله المستوطنين الصهاينة الذين يستعجلون العودة إلى الشمال قائلاً “اذهبوا إلى حكومتكم حتّى توقف العدوان على غزّة”، موضحاً أنَّ “جبهة لبنان هدفها الضغط لوقف الحرب في غزّة”.
وسخرَ من وزيرِ الحربِ الصهيونيّ يوآف غالانت الذي زعمَ إنّه قضى على نصف مقاتلي حزب الله، قائلاً “أنا كنت أقول عنه “مسطِّل” ولكن اليوم أقول إنه مستهبِل ومكتّر”.
وتطرّقَ السيّد نصر الله إلى الشأن اللبنانيّ الداخليّ، معتبراً أنَّ “هناك إجماعاً على أنَّ أزمة النزوح السوريّ مشكلة ويجب معالجتها”، مشدّداً في الوقت نفسه على أنَّ اجتماع مجلس النوّاب غداً الأربعاء “فرصةٌ لتقديم طروحات عمليّة حول ملفّ النازحين السوريين”.
وقال “أميركا وأوروبا والمجتمع الدوليّ يتحمّلون مسؤوليّة عودة النازحين فهم من يقدّمون الأموال حتّى لا يعود النازحون إلى سورية، ومجلس النوّاب يستطيع تشكيل لجنة تذهب إلى الدول التي تعارض عودة النازحين لتحميلها المسؤوليّة”، مشدّداً على وجوب التواصل مع الحكومة السورية بشكل رسميّ من قِبل الحكومة اللبنانيّة لفتح الأبواب أمام عودة النازحين.
ورأى أنّه “يجب مساعدة سورية لتهيئة الوضع أمامَ عودة النازحين، وأوّل خطوات المساعدة هي إزالة العقوبات عنها، وإذا كان مجلس النوّاب حقّاً يريد إعادة النازحين فعليه مطالبة الولايات المتحدة الأميركيّة بإلغاء قانون “قيصر” ومطالبة أوروبا بإلغاء العقوبات”، مؤكّداً أنَّ “سورية لديها من العقول والخبرات والإمكانات ما يكفي للتعافي خلال سنوات في حال أُزيلت العقوبات عنها”.
واعتبرَ أنّه “يجب أن نحصلَ على إجماعٍ لبنانيّ يقول، فلنفتح البحر أمام النازحين السوريين بإرادتهم بدلاً عن تعريضهم للخطر عبر الرحيل عبر طرق غير شرعيّة وهذا يحتاج لغطاء وطنيّ”، مشيراً إلى أنَّ “قرارَ فتح البحر أمام النازحين يحتاجُ إلى شجاعة وإذا اتّخذناه فسيأتي الأميركيّ والأوروبيّ إلى الحكومة سعياً لإيجادِ حلٍّ فعليّ.
ورأى أنَّ “الحلَّ هو بالضغط على الأميركيّ الذي يمنع عودة النازحين والحديث بشكل جدّي مع الحكومة السوريّة وإلاّ فنحنُ نُتعب أنفسنا بحلول جزئيّة لن توصلنا إلى النتيجة المطلوبة”.
وختم السيّد نصر الله مؤكّداً أنّه “عندما نمتلك عناصرَ القوّة نستطيع أن نفرض شروطَنا، لأنّنا نعيشُ في عالمٍ لا يفهمُ إلاّ منطق القوّة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى