بين نازحين ولاجئين… دول وزعماء منافقون
} خضر رسلان
يُعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1948، (وهو العام الذي تمّ فيه تشريد الشعب الفلسطيني وإخراجه عنوة بتغطية أممية من دياره) مبدأ شاملاً في القانون الدولي وتنصّ عليه جميع المعاهدات الأساسية لحقوق الإنسان. وهي ليست منحةً من أية دولة، وهذه الحقوق العالميّة متأصّلة في جميع البشر، مهما كانت جنسيّتهم، أو نوعهم الاجتماعي، أو أصلهم الوطني أو العرقي أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أيّ وضع آخر.
ولكن هذا الإعلان الذي بقيَ في معظم الأحيان حبراً على ورق إلا في الحالات التي تستفيد من تنفيذه القوى المهيمنة على العالم لا سيما الولايات المتحدة الأميركية ومعظم دول الغرب التي يبدو أنّ التباين والانتقائية والمعايير المزدوجة هي الحاكمة في تطبيقاتها المزعومة لمبادئ حقوق الإنسان، ويتجلى ذلك في قضايا أساسية تخصّ منطقتنا وعلى رأسها الانتهاك الجلي لشرعة حقوق الإنسان بعد «ابتداع» كيان ومن ثم «تشريعه» على أرض فلسطين، مما ترك تداعيات وأزمات عصفت ولا تزال في ما يسمّى «الشرق الأوسط»، حيث سفكت فيها الدماء وهتكت الأعراض ونهبت الثروات وتفرّعت منها قضايا لاجئين ومن ثم نازحين، وقبل هذا وذاك نفاق غربي تكشف بشكل فاضح حينما لم يرفّ لهم جفن وهم يرون الإبادة الجماعية التي طالت بيوت الآمنين كحال ما يجري في قطاع غزة ومدينة رفح وعموم فلسطين!
1 ـ النفاق الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، وشواهده كثيرة إلا انّ ما كشفت عنه الحرب على غزة من معايير حيث الكثير من الدول والمنظمات الدولية تغضّ الطرف عن جرائم «إسرائيل»، وكأنّ الإنسان المعني في قضايا حقوق الإنسان هو الإنسان الغربي، الذي بات أيضاً معرّضاً لأن تنتهك حريته حين رفع الصوت ضدّ انتهاكات العدو الصهيوني الذي توغل في غزة ورفح ومارس فعل تقتيل للأبرياء وتهجير للمدنيين، وتدمير شامل للبنية التحتية، وهو سلوك يعكس مواطن وحشية وتاريخ الغرب الأخلاقي المليء بالسواد. فهم يفتقدون لأيّ شعور حقيقي بالقيَم، ويتحركون بوهم القوة وتحطيم كلّ ما يحول بينهم وبين غايتهم ولو تطلب ذلك إبادة جماعية للبشر كما يجري في فلسطين، حيث الانعكاس الأوضح لأدبياتهم المشرعنة لمختلف أنماط الجريمة وهي الخزان الخلفي الحقيقي ونتاج طبيعي للفلسفة الغربية الذي حين تتصفحها تجد فيها الكثير من التناقض القيَمي ما يؤكد أنّ الشعارات الأخلاقية المرفوعة ما هي إلا نسخة من بين نسخ كثيرة؛ يستدعونها متى اقتضت المصلحة وفي حرب غزة نموذح حيّ على ذلك.
2 ـ القرارات الدولية وملف اللاجئين
ينبري العديد ممّن يتصدّون في الكثير من الأحيان لكلّ فعل مقاوم الى المطالبة باحترام القرارات الدولية وهي قرارات تعكس طبيعة السلوك الغربي في استباحة وتحطيم كلّ ما يحول ما بينهم وبين غايتهم ولذلك وجدنا غالبية القرارات الدولية حبراً على ورق كحال القرار الأممي رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أكد على حق عودة اللاجئين الى ديارهم وهم الذي طالهم أكبر عمليات التطهير العرقي في القرن العشرين، في أكبر مأساة سياسية وإنسانية متواصلة منذ العام 1948 حيث يُعتبر 70 بالمائة من الشعب الفلسطيني في العالم من اللاجئين، بغطاء أميركي، من حقهم في العودة إلى وطنهم بل يعملون كما في لبنان على إلزام توطينهم دون أيّ اكتراث لأيّ انعكاسات يمكن لها ان تطال لبنان وشعبه.
3 ـ ملف النازحين
لعلّ ملف النازحين السوريين العنوان الأبرز الذي يعكس صورة الكثير مما يسمّى سياسيين وأهل رأي ويظهر مدى انسياقهم حتى الانبطاح تنفيذاً لأجندات الإدارة الأميركية التي بعدما فشلت في الاستفادة منهم ضدّ الدولة السورية، تعمل على إدماج مئات الآلاف منهم ضمن المجتمع اللبناني غير آبهين بحساسية الواقع الديمغرافي والتنوع الطائفي في لبنان، هذا في وقت لا يزال الكثيرون ممن يرفعون خطابات السيادة والقرار الحر لا يجرؤون على إغضاب الأميركي والأوروبي، بل يرفعون الأصوات تزييفاً وتهريجاً ضدّ من لا يملك قرار ترحيلهم وإعادتهم الى بلادهم، فضلاً عن ذلك كله يتبارون ورغم ما سلف من تنصّل المنظومة الغربية بل دعمها للصهاينة في عدم تنفيذ القرارات الدولية التي أصابت ولا تزال لبنان من تداعيات أقلّ ما فيها تواجد لاجئين ونازحين على أرضه تجدهم يرفعون الصوت رغم ما سلف مطالبين المقاومة في تنفيذ القرار 1701 ولا ضير في الخروقات الإسرائيلية في البحر والجو بل حتى في كرامة وأمن المواطنين اللبنانيين سواء على الحدود مع فلسطين المحتلة او سائر الجغرافيا اللبنانية.
صناعة القوة والاقتدار لن تبقي دوراً لدول معتدية ولا لسياسيين متملقين ولا لقادة رأي مرتهنين عرفت أمثالهم أمم وحضارات ونبذتهم… صنعت القوة والمجد ونالت حريتها واحترامها لأنّ العالم لا يحترم إلا الأقوياء…