عندما تضيع الوقائع بين التمني والحقيقة
} عمر عبد القادر غندور*
ينام اللبنانيون ويصحون على أمل ان يتهيّأ لهم من ينقذهم من الجحيم الذي يعيشونه والذي يتحكم بأنفاسهم حتى يكاد يخنقهم ويتدخل في التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة ولا حلّ ولا انفراج ولا وقت مستقطع!
ويقول محبّون للولايات المتحدة إنها الوحيدة القادرة على إحياء لبنان وقيامته من جديد، وهي القادرة على توفير ترياق الحياة للخروج من الموت الى الحياة.
ويقولون إذا كان من المتوقع ان تعود الدولة لتقف على قدميها، فلا بدّ من المساعدة الديبلوماسية والمالية من أجل إصلاح سياسي واسع ينهي حالة التشرذم والانقسام…
ويتساءل آخرون، هل ترضى الولايات المتحدة فعلاً بمساعدة لبنان وتدعو الى معاقبة النخب الفاسدة التي سلبت أموال اللبنانيين وتركتهم أشلاء على أبواب المصارف الناهبة؟
ويقول آخرون أكثر صراحة، انّ إدارة الرئيس بايدن مصمّمة على الحدّ من الإنفاق في الشرق الأوسط، باستثناء «إسرائيل»، وهي تميل الى تشجيع الجهات الفاعلة الإقليمية على حلّ المشاكل الإقليمية ومن بينها إيران!
ويتجاهل هؤلاء انّ لبنان ما عرف الاستقرار ولا الطمأنينة ولا استقامة أموره منذ منحه الاستقلال، بسبب نظامه الطائفي الذي أفرز تصدّعات وانهيارات وحروباً أهلية مؤلمة ستبقى وصمة عار على جبين اللبنانيين، قبل تحرّر ايران وقيام الجمهورية الإسلامية الايرانية عام 1979، والتي لا دخل لها بخلافات اللبنانيين واختلافاتهم على كلّ شيء، ويتجاهلون المثل اللبناني العامي «دود الخلّ منه وفيه»…
ويتطلع قسم من اللبنانيين (بغضّ النظر عن حجمهم) الى علاقات عميقة مع الولايات المتحدة وينظرون اليها بلهفة وشوق الى أسلوب حياة الأميركيين وأفكارهم، ويريدون ان تتوقف الولايات المتحدة عن رؤية لبنان من نافذة «إسرائيل»، ونحن نشاركهم الى حدّ ما ونضيف الى تمنياتهم ان تعتني الولايات المتحدة بديمقراطيتها واحترام حقوق الشعوب، بدليل القمع الأمني والأكاديمي للطلاب في التظاهرات الاعتراضية على حرب الإبادة في غزة، والتهديد بطرد الطلاب الثائرين وإعادتهم الى البلاد التي جاؤوا منها.
وفي لبنان من يعترض على الموقف الجهادي للمقاومة التي تدافع عن لبنان وأرض الجنوب، ويرون انّ إيران هي المسبّبة الأولى للدمار وسقوط الضحايا والجرحى، ويصوّرون المشكلة في الموقف الإيراني وليس بسبب الاحتلال الصهيوني لفلسطين! ولا يرون المشكلة في مذابح الصهاينة لأهل البلاد الأصليين على يد المحتلين الصهاينة!
ونحن في هذا السياق لا ندافع عن إيران ولا هي بحاجة لمن يدافع عنها، بل نقول كلمة الحق وحسبنا في قول الله تعالى: «فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45) ق»
وفي هذه المناسبة يحيّي اللقاء الإسلامي الوحدوي نقابة محرري الصحافة اللبنانية على بيانها الأخير المتعلق بالقرار «الإسرائيلي» بإغلاق مكاتب «قناة الجزيرة» الإخبارية وحظر بثها لأنها تنشر صور ارتكاب جيش الاحتلال للمجازر وتوثق جرائم هذا الجيش وتنشرها أمام أعين العالم.
وبالمناسبة نتضامن مع الاخوة في قناة «الجزيرة» شاكرين غيرتهم وتحسّسهم الوطني والعربي ودعمهم للقضية الفلسطينية المحقة.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي