قمة المنامة: لوقف الحرب ودولة فلسطينية وقوات دولية… والفيتو الأميركي؟ الاحتلال يعترف بأنه لم يحقق أي إنجاز في رفح وأنه يواجه في جباليا تحديات جدية المقاومة تظهر بعض مفاجآتها: طائرة مسيّرة تقصف أهدافاً أرضيّة بالصواريخ
} كتب المحرّر السياسيّ
انتهت القمة العربية في المنامة ببيان ختامي وإعلان سياسيّ يحمل اسم إعلان المنامة، وتضمّن البيان والإعلان دعوات لوقف الحرب على غزة، وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، ومطالبة المجتمع الدولي بإرسال قوات حفظ سلام إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكلّفت القمة وزراء الخارجية العرب بالتوجه إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وحثهم على وضع جدول زمني لقيام الدولة الفلسطينية والاستعداد للجوء إلى الفصل السابع لفرض قيام الدولة في نهاية المهلة، لكن القمة التي عرضت حلولاً نظرية للقضية الفلسطينية فشلت في مناقشة السؤال الحقيقيّ الذي يشكل الجواب عليه جوهر القضية: وهو ماذا عن الفيتو الأميركي الذي يضمن لكيان الاحتلال البقاء ظاهرة فوق القانون، وكيف سيستخدم العرب علاقتهم بأميركا لتذليل هذه العقدة، وهل هم مستعدون لربط بقاء المصالح الأميركية المتعددة والمتشعبة في البلاد العربية موضع رعاية وعناية تحظى بامتيازات، إذا لم تُعِدْ أميركا النظر بمواقفها، وهل هناك من هو مستعد للقول لواشنطن إن القواعد الأميركية في البلاد العربية لم تستخدم يوماً لحماية بلد عربي، لكن واشنطن لا تبخل على الكيان بكل ما يحتاجه من حماية بمثل ما حدث يوم الردّ الإيراني الرادع، الذي تصدّت له واشنطن بكل ما لديها، بما في ذلك ما تملكه في البلاد العربية؟
في غزة اعترف جيش الاحتلال بخسائره في رفح، وعجزه عن تحقيق تقدّم يُذكر، بينما اعترف بأنه يواجه تحديات جدية في جباليا، فيما تزايدت العمليات التي نفذتها المقاومة في كل جبهات غزة، مسجلة أرقاماً جديدة في الإصابات في صفوف الجنود والضباط، وأرقام أخرى في الآليات المدمرة.
على الجبهة اللبنانية، تواصل المقاومة كشف المزيد من المفاجآت التسليحيّة، وبعد صاروخ بركان وصاروخ برق المجهز بكاميرا تظهر بلوغه أهدافه، كان إسقاط طائرة هرمس 900 المتطورة والتي تطير على ارتفاعات عالية دليلاً على استخدام سلاح متطور للدفاع الجوي، وكان الجديد أمس، ظهور القصف بالصواريخ نحو أهداف أرضيّة من طائرة مسيّرة للمرة الأولى.
وشنَّت المقاومة الإسلامية، هجومًا جويًّا بمسيّرات انقضاضيّة على منشآت صناعية تابعة لوزارة حرب العدو (شركة إلبيت للصناعات العسكرية) – مصنع ديفيد كوهين في تل حي شمال «كريات شمونة» المُتخصص في إنتاج المنظومات الإلكترونية للجيش الصهيوني وأصابت أهدافها بدقة.
وشنّ مجاهدو المقاومة هجومًا صاروخيًا بـ»أكثر من 60 صاروخ كاتيوشا على قيادة فرقة الجولان 210 في نفح وثكنة الدفاع الجوي في كيلع وثكنة المدفعية لدعم المنطقة الشمالية في يوآف». أيضاً، استهدف حزب الله «ثكنة زرعيت ورافعة التجهيزات والتجهيزات التجسسية المستحدثة في الثكنة بالأسلحة الموجهة وقذائف المدفعية». واستهدف «التجهيزات التجسسية المستحدثة في مواقع جلّ العلام راميا وعداثر بالأسلحة المناسبة وأصابها إصابات مباشرة».
وتوالت ردود الأفعال في إعلام العدو عقب عملية «المطلّة»، حيث قالت القناة 12 الصهيونية، إنّه «يمكننا أن نرى تحركًا مزعجًا للغاية من جانب حزب الله الذي يحاول تعمية نظام المراقبة التابع للجيش «الإسرائيلي» في الشمال، وكجزء من هذا التحرك، يُطلق حزب الله العديد من الصواريخ الكبيرة على قاعدة وحدة المراقبة الجوية في «ميرون»، وصواريخ مضادة للدروع ونيران قناصة على كاميرات الجيش «الإسرائيلي» على الحدود اللبنانية». وأضافت «ينبغي القول بأن الجيش «الإسرائيلي» يواجه صعوبة في التعامل مع الطائرات بدون طيار التابعة لحزب الله، والتي تسبّبت بالفعل في قدر كبير من الخسائر والأضرار في المعركة الحالية». ولفتت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» إلى أنّه «للمرة الأولى يستخدم حزب الله مسيّرة مسلّحة بصاروخ من طراز «أس 5» وهو صاروخ جو – أرض أطلق نحو «المطلة».
في المقابل واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على لبنان، فبعد أن استهدف بعلبك فجر أمس، شنّت طائرة مسيرة إسرائيلية غارة استهدفت سيارة على طريق يربط بلدتي قانا بالرمادية في قضاء صور، ما أدّى الى وقوع شهيدين. وتعرّض سهل مرجعيون لقصف مدفعي تسبب بجرح راعيي ماشية نقلا على إثرها إلى مستشفى مرجعيون الحكومي للمعالجة.
كما أغار طيران العدو على عيتا الشعب لجهة رامية، في وقت حلق الطيران الاستطلاعي الإسرائيلي بكثافة فوق قرى قضاء صور والساحل البحري، وغارات أخرى على مروج الريحان وضهور سجد. وسجل قصف مدفعي وفوسفوري على منطقة المسلخ في بلدة الخيام ما تسبّب باندلاع حريق وتوجهت فرق الدفاع المدني والإسعاف إلى المكان، وأفيد عن قصف مدفعي على سهل مرجعيون وتلة العويضة باتجاه العديسة.
وتوقّعت أوساط سياسية مطلعة أن «تطول المواجهات على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة مع ترجيح بقاء الحرب في غزة لأشهر بسبب تعنت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ورفضه وقف الحرب والورقة المصرية التي وافقت عليها حركة حماس، لكون وقف الحرب يضع مستقبله السياسي على المحك ويعاد فتح ملفاته القضائية بعدما يصبح بلا غطاء سياسي وقضائي وشعبي مع تراجع نسبة المؤيدين لاستمرار الحرب في الشارع الاسرائيلي»، ولفتت الأوساط لـ»البناء» الى أن «جبهة الجنوب لن تتوقف طالما الحرب مستمرة على غزة، وبالتالي لا ترتيبات ولا اتفاقات ولا ورقة فرنسية ومبادرات أميركية ستطبق على أرض الواقع بل ستبقى حبراً على ورق حتى تنتهي الحرب»، وتوقعت الأوساط أن «تبقى العمليات العسكرية في الجنوب ضمن قواعد اشتباك معينة إلا بحال ارتكبت حكومة نتنياهو حماقة أو خطأ ما قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق قد تتطور الى إقليمية». لكن وفق ما تشير مصادر دبلوماسية غربية لــ»لبناء» فإن «الجهود الدبلوماسية الفرنسية والأوروبية عموماً مستمرّة على خطي بيروت و»تل أبيب» لمنع التدهور الأمني وتوسّع الحرب، عبر تبادل الأوراق والملاحظات، على أن تعيد فرنسا صياغة الورقة الأخيرة بعد الملاحظات اللبنانية عليها، وايضاً عرضها على الحكومة الاسرائيلية وعندما توافق عليها سترسل مجدداً الى الحكومة اللبنانية للاطلاع عليها». ولفتت المصادر الى أن «القوى الغربية لن تسمح بتدحرج العمليات العسكرية على الحدود الى حرب شاملة لكونها تهدّد الاستقرار الاقليمي لا سيما البحر المتوسط وهذا ليس في مصلحة أحد خاصة الدول الأوروبية».
وحضرت القضايا اللبنانية في القمة العربية التي انعقدت في البحرين، فأكدت مسودة إعلان المنامة دعم الجمهورية اللبنانية وسيادتها واستقرارها ووحدة أراضيها، وجاء فيه «نحث جميع الاطراف اللبنانية على إعطاء الاولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، وتعزيز عمل المؤسسات الدستورية، ومعالجة التحديات السياسية والأمنية، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، وتعزيز قدرات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، للحفاظ على أمن لبنان واستقراره، وحماية حدوده المعترف بها دولياً، بوجه الاعتداءات الإسرائيلية».
وفي مقرّ إقامته، استقبل ميقاتي الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش، قبيل مشاركته في الدورة العادية الثالثة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي بدأت أعمالها أمس، في البحرين. كما شارك مدير «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) فيليب لازاريني والوفد المرافق لغوتيريش.
وخلال الاجتماع دعا رئيس الحكومة الى الضغط على «إسرائيل» لوقف عدوانها على جنوب لبنان وغزة، والانطلاق في معالجة الوضع في جنوب لبنان. وطالب «باستمرار دعم عمل الأونروا في لبنان وتمويلها، لما يشكله هذا الأمر من أهمية قصوى في الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان». كما شدّد رئيس الحكومة على ضرورة التعاون الكامل للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع الحكومة اللبنانية في ملف النازحين السوريين، انطلاقاً من أن الحكومة عقدت العزم على استكمال حل هذا الملف جذرياً مهما كانت العوائق والعراقيل.
وفي كلمة ألقاها في قمة البحرين قال ميقاتي: «يأتي لبنانُ إلى قمة البحرين، على متنِ بحرٍ من الأزمات، تَلْطُمُه أمواجُها من كلِّ جانب، لكنه في الوقتِ نفسِه واثقٌ بأن برَّ العروبة هو الرصيفُ الوادعُ الذي يحميه من أخطارِ العواصف». وجدّد «التزام لبنان قرارات الشرعيّة الدوليّة»، وطالب بـ «الضغط على «إسرائيل» للانسحاب من أرضنا المحتلّة ووقف انتهاكاتها واعتداءاتها البريّة والبحريّة والجويّة، والتطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلّة مُتكاملة بضمانات دوليّة واضحة ومُعلنة». وأمل في «تفعيل عمل لجنة الاتصال العربية بشأن سورية بما يُساعد على تحقيق رؤية عربيّة مُشتركة مُتّفق عليها، وبلورة آليّة تمويليّة لتأمين الموارد اللازمة لتسهيل وتسريع عودة النازحين السوريين إلى بلدهم». وشدّد على أن «اللبنانيين يعوّلون جدًّا على الدور الفعال للأشقاء العرب، ولا سيما أعضاء اللجنة الخماسية، من أجل مساعدة القوى السياسية اللبنانية على إنجاز الاستحقاق الرئاسي».
وغداة اجتماع سفراء الخماسي في عوكر، استقبل سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية اللبنانية وليد بن عبدالله بخاري، سفير جمهورية مصر العربية لدى لبنان علاء موسى.
وعقب جلسة المجلس النيابي أمس الأول، التي رفعت تسع توصيات للحكومة لتنفيذها، وقعها أمس، رئيس مجلس النواب نبيه بري وأحالها على رئاسة الحكومة، لوحظ إدخال تعديل على البند الثامن فيها يتصل «بالتزام الحكومة بالموقف الذي أعلنه رئيسها في الجلسة ونقله للدول والهيئات العاملة بملف النزوح، بأن لبنان لم يعد يحتمل عبء بقاء النازحين، وبكل الأحوال لا يستطيع أن يكون شرطياً حدودياً لأي دولة. وان المطلوب تعاون كل الدول لحل هذه المعضلة وتحويل الدعم نحو تعزيز انتقال النازحين وتأمين استقرارهم.
ولفتت مصادر نيابية مشاركة في اجتماعات لجنة صياغة البنود، لـ«البناء» الى أن التوصيات غير ملزمة للحكومة بالمعنى الدستوري والقانوني، بل ملزمة بالمعنى السياسي والوطني لأن ملف النزوح يمسّ الأمن القومي اللبناني، وبالتالي على الحكومة مسؤولية كبيرة بهذا الشأن ولم يعد لديها أي حجة للتنصل والمماطلة والتسويف بهذا الملف، وبناء عليه، يتوجب على الحكومة التوجّه فوراً الى سورية لفتح حوار حقيقي لمعالجة جدية للأزمة والتنسيق مع دمشق في موضوع مؤتمر بروكسل وتوحيد الموقف، والضغط على المجتمع الدولي لكفّ يده عن عرقلة العودة ورفع حصاره وعقوباته «القيصرية» على سورية وإعادة إعمارها لكي تصبح مؤهلة لإعادة كل النازحين، اضافة الى ضرورة كبح جماح مفوضية شؤون اللاجئين التي تشجع النازحين على البقاء وتعمل على إجهاض أي خطة جدية لحل الملف وتخوف النازحين الذين يريدون العودة».
وفي المواقف، أشارت كتلة الوفاء للمقاومة بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد إلى أن «اللبنانيين الملتزمين والحاضنين للمقاومة وخيارها، مصرّون على دعم ومساندة غزة وفلسطين وشعبهما المنكوب والمظلوم والمضطهد.. وسيواصلون هذا الدعم بكل الوسائل والأساليب الممكنة ليمنعوا العدو من تحقيق أهداف عدوانه، وان الالتفاف الوطني اللبناني المطلوب لإدانة جرائم التوحش الصهيوني والإبادة الجماعيّة لأهل غزة، هو الحد الأدنى للواجب الإنساني والإخلاقي المفترض التزامه من قبل كل المكونات والقوى على اختلاف اتجاهاتها السياسية».
ورأت الكتلة أن «تفاهم اللبنانيين حول المقاربة الوطنية الجامعة لمعالجة ملف النزوح السوري وكيفية التعاطي مع تفاصيله وبلحاظ أي أفق وروحية وأي هدف وطنيّ وقوميّ جامع مع سورية الشعب والدولة، هو بالتأكيد مصلحة وطنية كبرى للبنان وللبنانيين، وخلاف ذلك هو الارتطام بالتعثر والخيبة وتفاقم المشكلات والخضوع لابتزاز القوى والدول التي لا تريد لبنان ولا سورية في مصاف الدول المستقلة والقوية والناهضة، ناهيك أن المدخل الضروري لإنهاء مشكلة النازحين هو في رفع الحصار الظالم على سورية وإبطال العمل بقانون قيصر».
وأطلق الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سلسلة مواقف لافتة من التطورات المحلية والإقليمية، واعتبر أن «لحظة 7 تشرين الاول هي لحظة كبيرة في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي، والأرض التي تمَ الهجوم عليها هي أرض فلسطين». وسأل جنبلاط في حديث الى قناة «بي بي سي»: «أي نضال في سبيل التحرّر لا يكون فيه ضحايا؟». وقال: «هذا أمر مكلف، ولكن هذا هو الطريق، وليس هناك من طريق آخر في التحرّر من المشروع الاستعماري، استعمار على أرض فلسطين من دون استثناء». ولفت إلى أن «الحملة العسكرية مستمرة»، وقال: «كل التصريحات الخجولة للإدارة الأميركية هي تمويه وكذب بأنهم سيوقفون بعضاً من الذخائر، ولكنهم لن يوقفوا شيئاً. وفي هذه الحملة الانتخابية، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن لا يفكر في أطفال فلسطين، بل يفكر كيف يكسب أصوات اللوبي الصهيوني».
وأضاف: «هناك تدمير منهجي لكل مقومات الحياة في غزة، من مستشفيات ومدارس وجامعات ومبانٍ، فكل شيء يدمّر برضى أميركي. وعندما تأتي أميركا لتبني مرفأ اصطناعياً، فهذا ينذر بأنه قد يكون هناك تهجير آتٍ حتى من الضفة، وقد تأتي اللحظة ويقوم المستوطنون بتهجير فلسطينيي الضفة إلى شرق الأردن».
وعن الحرب في الجنوب، قال جنبلاط: «حزب الله يدافع عن لبنان». أضاف: «ننسى دائماً أن هناك عدواً تاريخياً للبنان استباح الجنوب مرات ومرات من الخمسينيات إلى الستينيات، فيما اليوم بعض من اللبنانيين ينسى هذا الأمر». وأكد بأنه «أفضّل أن تبقى جبهة الجنوب مضبوطة بيد الحزب».
وأوضح أن «القرار 1701 لم يمُت، فيمكن إعادة إحيائه، شرط أن نقوم بترتيبات متوازية من جهتي الحدود اللبنانية، وأن يكون هناك وقف للمسيّرات والطائرات التي تقصف الجنوب وتغتال أهله».
وقال: «لا أوافق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على فتح البحر أمام السوريين، وأرفض هذا الطرح». أضاف: «إن التفاوض السياسي هنا هو أمر دقيق، وعلى الحكومة اللبنانية أن تفاوض الحكومة السورية وترى إذا كان بالإمكان أن يعود قسم من اللاجئين السوريين، لكن مشروط بضمانات أمنية، وألا يُعتقلوا».