تحرك الجامعات والإسناد المدني لوقف العدوان
} حمزة البشتاوي
لم تقبل الجامعات الأميركية والغربية وطلابها، الوقوف على الحياد، ما بين الحق والباطل، بل اختاروا كسر حاجز الخوف، والوقوف مع الشعب الفلسطيني، بحراك إنساني واعٍ، ضدّ ما يرتكبه جيش الاحتلال «الإسرائيلي» من حرب إبادة جماعية ومجازر يومية في قطاع غزة.
وشكل طلاب الجامعات في أميركا وأوروبا جبهة أسناد مدنية، في المعركة ما بين الضمير الإنساني وجرائم الاحتلال التي ترتكب في غزة، بحق الأطفال والنساء والمستشفيات والمنازل والبنى التحتية ومراكز الإيواء، وترافق التحرك الطلابي العالمي، مع اتساع رقعة الرفض الإنساني للجرائم التي ترتكب في قطاع غزة مع تحرك عدد من المنظمات والمؤسسات الدولية الحقوقية ضدّ الحرب، وأعطى هذا التحرك الذي بدأ يؤثر على المجتمع الأميركي، الشعب الفلسطيني جرعة أمل إضافية في مساعدته على وقف العدوان المدعوم من قبل الإدارة الأميركية وحلفائها.
وينظر الفلسطينيون إلى هذا التحرك باعتباره جبهة أسناد إضافية على صعيد التضامن والتأييد والتعاطف مع معاناة أهالي غزة، ورفض الحرب والمطالبة بوقفها، وهذا تطوّر غير مسبوق، ومكسب استراتيجي يحققه الشعب الفلسطيني في الوعي الأميركي والغربي ويقظته نحو عدالة القضية الفلسطينية ومشروعية المقاومة ضد الاحتلال.
وقد أصبحت فلسطين وغزة قضية شباب الجامعات الأولى، يتحمّلون من أجلها كلّ الإجراءات العنيفة والقمعية وحملات الاعتقال والتهديد والوعيد التي لم تمنع التحركات الطلابية، بل امتدّت إلى أكثر من 200 جامعة وكلية ومعهد، ما يؤشر إلى بداية تشكيل تكتل طلابي عالمي، في إطار حركة طلابية عالمية شبيهة لتلك التي عرفها العالم في ستينات وسبعينات القرن الماضي وأدّت إلى وقف الحرب في الجزائر وفيتنام.
ولعلّ السؤال الأبرز الذي يطرحه تحرك طلاب الجامعات في أميركا وأوروبا، هو أين الجامعات العربية والطلاب العرب، وهذا السؤال لا يشمل جامعة الدول العربية، كونها جامعة بلا طلاب وبلا أيّ تأثير.
ومن الأسئلة أيضاً لماذا كلّ هذا الصمت والغياب، وهل الطلاب في أميركا وأوروبا أكثر جرأة وشجاعة ووعي من الطلاب العرب، ومن أين جاء طلابنا بهذا الركود والخمول إلى حدّ جلوسهم مع الأساتذة والنخب الثقافية على مقاعد المتفرجين، بلا أيّ تفاعل أو تعبير عن موقف أو رأي.
مع أسئلة إضافية تتعلق بالثقافة التي يتلقاها الطلاب والاختصاصات التي يدرسوها والقيم والمفاهيم التي يحملونها، وهذه أسئلة تطرح أيضاً على الطلاب العرب في أميركا وأوروبا، لأن أغلب المشاركين في التحرك الطلابي هم من الطلبة الأميركيين والأوروبيين، الذين يواجهون القمع وزيف الديمقراطية الغربية، وأما الطلاب العرب، فإنّ حال بعضهم كحال بعض الأنظمة، يكتفون بالجلوس بالمقاعد الخلفية والنأي بالنفس، خشية أن يتمّ طردهم من الجامعة، دون الأخذ بالاعتبار أنهم الأمل الذي نراهن عليه كمادة للنضال ودرع حامي للأوطان، وبناة للمستقبل، ولكنهم داخل بلادهم وخارجها لا يفعلون سوى ما تفعله النخب الثقافية العربية الغارقة بالخوف والقلق والنوم والبكاء…