أولى

الكلمة للميدان بعد نسف العدو اتفاق وقف نار والمقاومة تخوض ضدّه حرب استنزاف طويلة

‭}‬ حسن حردان
بات هناك يقين لا يقبل الجدل بأنّ الكلمة في غزة هي للميدان، وانّ ما يحصل من حرب إبادة صهيونية ضدّ الشعب الفلسطيني تحوّلت إلى حرب استنزاف طويلة النفس تخوضها المقاومة بكفاءة وجدارة، رداً على قرار حكومة العدو برئاسة بنيامين نتنياهو نسف اتفاق وقف النار الذي وافقت عليه المقاومة باقتراح من الوسطاء وبموافقة أميركية…
هكذا أصبحت الكلمة الفصل للميدان الذي سيقرّر نتائج الحرب، وكيف تنتهي، ولهذا قرّرت المقاومة ان تُري جيش الاحتلال بأسها، وأنها لم تضعف، ولديها الاستعداد والجاهزية والقدرة على خوض حرب استنزاف طويلة بلا هوادة، وحامية الوطيس، محوّلة رمال غزة وأرضها جحيماً يحرق قوات جيش الاحتلال التي توغلت مجدّداً في أحياء غزة وقرّرت البدء باجتياح رفح في محاولة يائسة لتحقيق نصر، او صورة نصر تنقذ كيان الاحتلال من الهزيمة، وتحمي نتنياهو من مواجهة مصير أسود مشابه لأسلافه اثر هزيمة جيشهم في لبنان.
على أنّ الخسائر التي ألحقتها المقاومة في جيش الاحتلال، والتي بلغت أكثر من 100 آلية عسكرية خلال الأيام العشرة الماضية من بدء العدو جولته الجديدة من الحرب، تؤكد فشل رهانات العدو على ضعف المقاومة وتراجع عزيمة مقاتليها على مواصلة القتال، مما أعاد تذكير الصهاينة بمشاهد الأيام الأولى من الحرب، وأكد صحة ما قاله المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة عن حجم الخسائر التي يُمنى بها جيش الاحتلال، مقرونة بمشاهد حية من أرض المعركة التي تثبت ما تقوله المقاومة، وكذب ما يزعمه المتحدث العسكري الصهيوني ووزير حرب العدو غالانت عن إنجازات يحققها جيشهم، الذي بات، باعتراف الناطق الصهيوني في حالة من التخبّط والإنهاك مما دفع دبابة صهيونية إلى إطلاق نيرانها على جنود صهاينة تحصّنوا في أحد المباني في جباليا فوقعوا بين قتيل وجريح… وهذه الحالة ليست الوحيدة بل حصلت مثيلات لها في الأشهر السبعة الماضية، عندما اعترف العدو بسقوط العديد من قتلاه بـ «نيران صديقة»! الأمر الذي يدلل على معاناة جيش الاحتلال من تراجع كبير في الروح المعنوية لجنوده والتي تنعكس حالة تخبّط وارتباك في ساحة المعركة، على عكس رجال المقاومة الذين يتمتعون بمعنويات عالية تبرهن عليها جرأتهم وإقبالهم على مهاجمة دبابات ومدرّعات العدو وجنوده من مسافة صفر، وهو ما اعترف به جنود صهاينة يقاتلون في جباليا نقلت عنهم صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية قولهم: «إنّ (عناصر) حماس يقاتلون بقوة ويطلقون المزيد من الصواريخ المضادة للدبابات على المركبات العسكرية». مؤكدة انّ «حماس لا تزال بعيدة عن التفكك. تستخدم شبكة الأنفاق التي أنشأتها على مر السنين، ليس فقط من أجل البقاء، ولكن أيضاً لإلحاق الضرر بقوات الجيش الإسرائيلي».
فيما نقلت هيئة البث «الإسرائيلية» عن بعض عائلات الجنود الإسرائيليين قولهم: «انّ أبناءهم يُضحّى بهم دون أيّ مخرج.. وانهم أدركوا انه لا توجد استراتيجية ولا خطط، وانّ الجنود يفقدون ثقتهم بالقيادة، وان عملية رفح مصيدة موت لأبنائهم».
ولهذا عادت الإدارة الأميركية إلى التحرك باتجاهات عدة في محاولة جديدة قديمة لحماية كيان الاحتلال من الهزيمة:
أولاً، الإفراج عن شحنة الذخائر التي قالت إنها جمّدتها، اثر قرار نتنياهو البدء بعملية رفح، لكن الإدارة الأميركية استمرّت في إرسال الشحنات الأخرى من السلاح، بما يؤكد شراكة واشنطن في الحرب وحرصها على دعم طفلها المدلل لتمكينه من إلحاق الهزيمة بالمقاومة.. وبالتالي عدم صدقية ما تدّعيه أحياناً، من ضغوط تمارسها على الكيان الصهيوني، لا تعدو كونها تندرج في إطار المناورات السياسية من ناحية، ومحاولة امتصاص غضب الرأي العام الأميركي ضدّ سياسة دعم حرب الإبادة الصهيونية في غزة من ناحية ثانية…
ثانياً، إعادة تحريك المفاوضات من جديد عبر الإعلان عن اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن بأمير قطر والرئيس المصري، وذلك بعد أن لمست واشنطن انّ الجيش الإسرائيلي أخفق مجدّداً في ساحات القتال ولم ينجح في تحقيق أيّ أنجاز وانه بات يزداد غرقاً في وحل غزة، الأمر الذي يثبت انّ إدارة بايدن لا تحرك المفاوضات إلا عندما تشعر انّ كيانها المصطنع يعاني من مأزق في الميدان وعليها إنقاذه…
ثالثاً، إقدام الجنرالات الأميركيين الذين عاشوا الحرب في العراق وأفغانستان، وأدركوا خطورة ان يتورّط الجيش الإسرائيلي في وحل غزة، على إعادة توجيه النصائح لنظرائهم «الإسرائيليين» وتحذيرهم من مواصلة الغرق في مستنقع غزة.
هكذا هي الإدارة الأميركية، سياستها تقوم على حماية «إسرائيل» والحرص عليها وتوفير كلّ الدعم لها عسكرياً وسياسياً، وانّ كلّ حراك المسؤولين الأميركيين منذ بدء الحرب «الإسرائيلية» في غزة يصبّ في العمل على مساعدة وتمكين «إسرائيل» من تحقيق أهدافها في محاولة القضاء على المقاومة، وعندما تجد انّ الجيش «الإسرائيلي» يفشل في ذلك وانّ «إسرائيل» باتت في مأزق تسارع الى التحرك لإنقاذها لإيجاد المخارج التي تساعدها على الخروج من هذا المأزق…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى