مقالات وآراء

الصمود والمهانة… خطاب أبو عبيدة وبيان أبو الغيط

‭}‬ وفاء بهاني

شتان بين حاملي الراية راغبي الشهادة، يعدّون لعدو الله ما استطاعوا من قوة، فأبو عبيدة أصبح قدوة لأحرار الوطن العربي، الذي يمثل فصيل الصدق في عالم كثر فيه الزيف، قوم إذا قالوا فعلوا… وبين نافخ، الذي لا يتخطى تأثير كلماته حيّز مجلسه، فعلى الرغم من أنّ أبو الغيط رفض الاجتياح البري واستنكره، إلا أنه رفض الاجتياح والتهجير من أجل عدم عرقلة العلاقات مع الغرب وكذبة أمان وسلامة المنطقة.
ويستنجد أبو الغيط بقوات حفظ السلام التابعة للولايات المتحدة من أجل الانتشار في رفح وأرض فلسطين المحتلة حتى تطبيق حلّ الدولتين، هذا التصريح الذي أقرّ به ضعف وهزالة وجبن الجيوش العربية وعدم قدرتها الحفاظ على أمن بني عروبتها من المدنيين والعزل، والذي له أبعاد أكثر بكثير من حلّ الدولتين.
أما أبو عبيدة أسد من أسود المقاومة تزلزل كلماته أرجاء الوطن العربي والمجتمع الدولي، حافظ على الصمود لمدة 32 أسبوع، لم تتغيّر نبرته، بل تزداد قوة وإيماناً كلما أطل علينا، وأصبح حديثه طرباً يشفي أنين كلّ حرّ يحترق قلبه على أبناء غزة.
غزة التي يُمارَس بشعبها كلّ أنواع الإبادة والجرائم الغير إنسانية والعالم والعرب صامتين، لا يرون، حتى المساعدة لا يقدرون على إدخالها لأخواتهم، وعلى الرغم من ذلك أسود المقاومة يقفون لهم بل يخسرونهم ويذوقونهم أشدّ العذاب، ففرض قرارات الكيان الصهيوني، ومسانديها من أميركا وغيرها بإرجاع الرهائن واستسلام المقاومة بات بعد الخسائر التي أذاقتها المقاومة لهم حلم بعيد المنال.
عند النظر إلى استراتيجيات الكيان الصهيوني وخطواته التي يتبعها في الحرب، سواء الحالية أو السابقة هي اللعب على وتر أذى المدنيين، وذلك بالاعتقالات والاغتيالات، والقتل والتدمير، بجانب الحصار الاقتصادي، وهي سياسة أميركا أيضاً، أيّ أنّ هذه المجازر التي يرتكبها الكيان جزء من خطتها للسيطرة على غزة وحماس والمقاومة بشكل عام.
هذا الأمر يفرض على الساحة مشهدين سابقين على أهل غزة والمقاومة أن يتعرّضوا لأيّ منهما، والمشهد الأول مثل الذي تمثل في اجتياح لبنان، وذلك حين دكّ الكيان المدينة بالطيران وأباد المدنيين، من أجل طرد المقاومة الفلسطينية من بيروت، وعبر المجازر استطاع أن يصل إلى هدفه، وجاء بعد ذلك الاتفاق الخسيس المسمّى بـ «أوسلو».
المشهد الثاني هو مشهد النصر وهو اختيار المقاومة رغم الضغوطات والمجازر، فهذا الكيان الهش لا يقوى على الإطلاق في حروب النفس الطويل، وهو ما حدث مع المقاومة بالتحديد في جنوب لبنان، لمدة 18 عاماً وهي تجابه هذا الكيان المحتلّ إلى أن فرّ هارباً بعد أن أذاقته المقاومة في جنوب لبنان من الجحيم أشكالاً وألواناً.
هذان المشهدان على المقاومة الاختيار بينهما، فكما اتفق البعض على المقاومة وساعدوا الكيان الصهيوني في بيروت يحدث الآن من مساندة أميركا والغرب، والبعض طبع وفرض الحصار، وهو ما يتضح منذ بداية الحرب من العرب بعضهم وقف بعيداً، كما فعل أهل لبنان من يدعم الكيان مباشرة ومن يقف على الحياد، ولكن قوة وحدة وكبّد مقاومة جنوب لبنان مكنتها من النصر.
والمشهد الذي حدث في بيروت وخروج المقاومة الفلسطينية، شاركت في القوات المتعددة الجنسيات، ومن يتمعّن في المشهد الراهن الآن يرى أنّ دعوة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط لنشر قوات حفظ السلام في فلسطين ما هو إلا بهدف نفي المقاومة من فلسطين بشكل نهائي.
إنّ غزة والمقاومة عليها أن تختار أحد المشهدين، ولكن الخيار الأكثر عقلانية هو عدم الانصياع للمطالب، وعدم التفريط في السلاح وعدم ترك طريق الله، وذلك لأنّ مقاومة جنوب لبنان بسبب الرفض رغم الضغوطات، ورغم الإغراء الذي عرض على المقاومة في جنوب لبنان من ملايين الدولارات إلا أنها رفضت وصمدت ونالت حريتها للأبد وكسبت أرضها، وها أنا هنا على علم ويقين بأنّ المقاومة لن ترضخ للضغوط ولن تقبل المغريات مثل تسلّم السلطة وغير ذلك…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى