إيران تنعى رئيسها ووزير خارجيتها وتبدأ التحقيق وتنتخب رئيساً في 28 حزيران / مدّعي الجنائية الدولية يطلب توقيف نتنياهو وغالانت وهنية والسنوار وضيف/ حماس استنكرت مساواة الضحية بالجلاد.. ونتنياهو يعتبر أنه وجيشه فوق القانون
كتب المحرّر السياسيّ
تبدأ اليوم إيران من تبريز مراسم وداع رئيسها السيد إبراهيم رئيسي ووزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان وعدد من القادة والمرافقين الذين كانوا على متن الطائرة المروحيّة التي تعرضت لحادث أودى بحياتهم، بينما أمر رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري لجنة برئاسة الفريق علي عبدالله بالتحقيق في حادث سقوط المروحية التي كانت تقل الرئيس والوفد المرافق.
سياسياً تلقت إيران التعازي من أعدائها وحلفائها وأصدقائها وخصومها، وكان اللافت أبعد من حجم الانفتاح العربي، وخصوصاً الخليجي في التعزية بالرئيس ووزير الخارجية انضمام الولايات المتحدة إلى المعزين، كما قال بيان لوزارة الخارجية الأميركية.
دستورياً، أعلن المتحدث باسم لجنة الانتخابات محسن سلامي أنه بعد مراجعة مجلس صيانة الدستور تم تحديد موعد 28 حزيران المقبل لإجراء الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة لاختيار خليفة للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، بينما تتولّى لجنة تضم رئيس السلطة التشريعية ورئيس السلطة القضائية ونائب الرئيس الذي يقوم بأعمال الرئاسة بالوكالة بعد تصديق المرشد الإمام علي الخامنئي على توليه المهمة وفقاً للمادة 131 من الدستور.
في المنطقة، بينما تتواصل عمليات المقاومة في جبهتي غزة وشمال فلسطين، وتتحوّل إلى حرب استنزاف حقيقية ضد جيش الاحتلال، طلب مدّعي عام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير حربه يوآف غالانت، باعتبارهما مسؤولين عن جرائم متمادية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، قتلاً وتدميراً وتجويعاً، وأضاف إليهما رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والقائدين في حماس يحيى السنوار ومحمد ضيف باعتبارهم مسؤولين عن عملية طوفان الأقصى، بخلاف ما فعل يوم طلب إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متجاهلاً مسؤولية الحكومة الأوكرانية عن سنوات التنكيل والقتل بحق الأوكرانيين من أصول روسية في شرق أوكرانيا، وبينما استنكرت حماس مساواة المحكمة الضحية بالجلاد، اعتبر نتنياهو أنه وجيشه فوق القانون، متهماً المحكمة بالنازية ومعاداة السامية، وقد سارع الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن الى مساندة نتنياهو بإدانة موقف المحكمة بملاحقة قادة الكيان.
وأبرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى آية الله العظمى الإمام القائد السيد علي الخامنئي، معزيًا باستشهاد رئيس الجهورية الإسلامية السيد إبراهيم رئيسي ورفاقه الذين كانوا معه.
وقال السيد نصرالله: “إننا نشارككم كل مشاعر ومعاني فقد هؤلاء القادة الكرام في هذه المرحلة الحساسة وأنتم تقودون الأمة الإسلامية في صراعها المرير مع قوى الاستكبار والهيمنة والاحتلال الأميركي والصهيوني لمقدساتنا وبلادنا وشعوبنا”. وتابع “لنا ولجميع المظلومين والمقاومين ومجاهدي طريق الحق كل العزاء، والأمل بوجودكم المبارك وقيادتكم الحكيمة والمسددة والشجاعة”.
وأضاف السيد نصرالله: “أسأل الله تعالى أن يمد في عمركم الشريف وأن يعين قلبكم الطاهر على تحمل ألم هذا الفقد لهؤلاء القادة الأوفياء والمخلصين وأن يمنّ على عائلاتهم الكريمة والشريفة وعلى شعبنا الإيراني العزيز والكبير وعلى جميع المسؤولين المحترمين في الجمهورية الإسلامية بالصبر والسلوان وعظيم الأجر وقرب الفرج والنصر، إن شاء الله، وأن يتغمد هؤلاء الشهداء الأخيار جميعًا بواسع رحمته ويجمعهم مع ساداتنا رسول الله وآله الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين”.
ويتحدّث السيد نصر الله يوم الجمعة المُقبل الخامسة عصرًا، في احتفالٍ تكريمي يقيمه حزب الله للشهداء الإيرانيين (الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي ورفاقه) في مجمع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأشار حزب الله في بيان الى “أنّنا عرفنا الرّئيس عن قرب منذ زمن طويل، فكان لنا أخًا كبيرًا وسندًا قويًّا ومدافعًا صلبًا عن قضايانا وقضايا الأمّة وفي مقدّمها القدس وفلسطين، وحاميًا لحركات المقاومة ومجاهديها في جميع مواقع المسؤوليّة الّتي تولّاها، كما كان خادمًا مخلصًا وصادقًا لشعب إيران العزيز ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة الشّامخ، وعضدًا وفيًّا للإمام القائد؛ كما كان أملًا كبيرًا لكلّ المضّطهدين والمظلومين”، وشدّد على أنّ “عبداللهيان كان في جميع مواقع المسؤوليّة وآخرها في وزارة الخارجيّة، الوزير الحاضر النّشيط والمضحّي وحامل الرّاية في جميع المحافل السّياسيّة والدّبلوماسيّة في العالم، والمحبّ لحركات المقاومة والمتّفاني في نصرتها ودعمها”.
من جهته، أبرق رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين أسعد حردان إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي معزياً باستشهاد الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية الدكتور حسين أمير عبد اللهيان ورفقائهما.
وشدّد حردان على أنّ الألم كبير والخسارة فادحة، فالرئيس الشهيد الدكتور إبراهيم رئيسي، من الرؤساء والقادة، الذين تحفظ لهم أمتنا مواقفهم النبيلة والحاسمة في دعم قوى المقاومة في بلادنا، لا سيما في فلسطين ولبنان والعراق، والوقوف بحزم إلى جانب سورية في مواجهتها الإرهاب والاحتلال. وقد آثر منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” التأكيد على مساندة أبناء شعبنا في فلسطين بمواجهة حرب الإبادة الصهيونية، وهو النهج الذي اختطته بلاده منذ انتصار الثورة.
وشدّد على أن “ثقتنا بأن إيران قادرة على استيعاب هذا الحدث العظيم، وتجاوز تداعياته بما بُنيت عليه من نظام مؤسسي ديمقراطي يُؤَمّن استمرار نهجها الداعم لقضية أمتنا، لا سيما المسألة الفلسطينية منها”.
على المستوى الرسمي وفيما أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مذكرة بإعلان “الحداد الرسمي ثلاثة أيام”، بعث رئيس المجلس النيابي نبيه بري برسالة الى القيادة الإيرانية، وأشار فيها إلى أنّ “هذا المصاب الجلل الذي أصاب الجمهورية الإسلامية الإيرانية وثورتها، أصابنا في لبنان أيضًا. وباسمي الشخصي وباسم المجلس النيابي وباسم الشعب اللبناني، نتقدم منكم ومن الشعب الإيراني بأسمى آيات العزاء، سائلين المولى بأن يلهمكم وذويهم عظيم الصبر والسلوان، وأن يسكن شهداء هذه الحادثة الأليمة وسائر الشهداء الفسيح من جنانه، الى جوار الأولياء والصدّيقين وحسن أولئك رفيقاً، وأن يمنحكم الصحة والسداد في قيادة الجمهورية الاسلامية الإيرانية وثورتها؛ نحو المزيد من المنعة والقوة والاقتدار إنه سميع مجيب”.
وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية في بيان، “وقوفها الى جانب حكومة إيران وشعبها في هذا المصاب الأليم، وتتقدم منهم ومن عائلات الضحايا بأحر التعازي وأسمى مشاعر المواساة سائلة للضحايا الرحمة، وللإيرانيين عمومًا الصبر والسلوان”.
من جهته، لفت رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، في تصريح، إلى أنّ “فاجعة كبيرة حلّت على إيران وهزّت العالم باستشهاد رئيسي وعبداللهيان والوفد المرافق. كلّ العزاء للجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادةً حكومةً وشعباً، ونسأل الله تجاوزهم لهذه المحنة الكبيرة”. واعتبر “التيار الوطني الحر” في بيان، أن “التيار الوطني الحر لا ينسى وقفات إيران مع لبنان في ايّامه الصعبة وفي صراعه مع “إسرائيل”، يتمنى لإيران دوام الاستقرار والأمان والاستمرارية في مؤسساتها الدستورية، ودوام علاقات الصداقة بين لبنان وإيران لما فيه خير البلدين ومصالحهما”.
ميدانياً، أعلن حزب الله أنه “ورداً على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصاً الاعتداء على بلدة الناقورة استهدف مقر الفرقة 91 في ثكنة برانيت بصاروخ بركان ثقيل ما أدّى إلى تدمير جزء منها وإصابة عدد من جنود العدو واشتعال النيران فيه”. واستهدف أيضاً “موقع الراهب بالأسلحة المناسبة وحقق فيه إصابات مباشرة”. واستهدف “ثكنة زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالقذائف المدفعية وأصابها إصابة مباشرة”.
في المقابل شنّ طيران العدو الحربي غارة على بلدة العديسة في محيط “البانوراما”. وشنّ غارة على حولا أيضاً. واستهدف القصف المدفعي أطراف بلدتي راشيا الفخار وكفرشوبا – قضاء حاصبيا، كما استهدف القصف وادي هونين وأطراف مركبا.
وأكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، خلال احتفال تأبيني أن “جبهة المقاومة جبهة قوية متماسكة تعرف ماذا تريد، تحسب وتدقق وتخطط وتحقق الهدف”. ولفت الى أن “مقاومتنا لم تعد مقاومة مجموعة من الشبان المتحمسين أو الغيورين فقط، المقاومة اليوم هي شبان ووجدان وشيبة ونساء وصبية وفتية، وكل مجتمعنا أصبح اليوم مقاومًا وبهذه المقاومة انتصرنا على مدى كل السنوات الماضية، وبهذه المقاومة سنحقق نصرًا كبيرًا عزيزًا على هذا العدو، بإذن الله تعالى”. وأضاف صفي الدين: “إذا كنا نريد أن ندافع عن بلدنا يجب أن نحمي مقاومتنا وسلاحنا وبلداتنا وقضايانا وأن نعمل على استعادة حقوقنا، وبالتالي هناك مظلوم … نعم نفترق في هذا المفهوم عن بعض الناس في لبنان أو في المنطقة، وهذا ليس جديدًا على السياسة اللبنانية، وليس جديدًا على السياسات العربية، دائمًا كان هناك مَن يعتبر أن قضية فلسطين أو القدس لا تهمّه، ليست أولوية، لا تعنيه، ليست مرتبطة لا بوطنه ولا بمستقبله وبأولوياته ولا ببرامج حياته”.
على صعيد أزمة النزوح، وبعد تكثيف الدولة اللبنانية ضغوطها محصنة بتوصيات المجلس النيابي الأخيرة، سحبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الـ»unhcr»، الكتاب الذي كانت وجّهته إلى وزارة الداخلية والبلديات يوم الجمعة 17 أيار 2024، وذلك بناء على طلب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب.
وكان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب استقبل ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ايفو فريسون. وقال بوحبيب بعد اللقاء “استدعيت اليوم فريسون، وأبلغته بـ”سحب الرسالة التي وجههتها المفوضية لوزير الداخلية والبلديات، واعتبارها بحكم الملغاة”، وطالبه بـ” ضرورة احترام أصول التخاطب مع الوزارات والإدارات اللبنانية المختصة، وعدم تجاوز الصلاحيات المنوطة قانوناً بوزارة الخارجية والمغتربين لجهة كونها الممر الإلزامي لكافة مراسلات المفوضية وفقاً للاتفاقيات، والمعاهدات، والأعراف الديبلوماسية”، وبـ”عدم التدخل في الصلاحيات السيادية للبنان، والتزام القوانين اللبنانية لجميع المقيمين على الأراضي اللبنانية من أفراد ومنظمات، المتوافقة أصلاً مع كل التشريعات الدولية”، وبـ”التزام مذكرة التفاهم الموقعة مع المديرية العامة للأمن العام لعام 2003، والصادرة في الجريدة الرسمية، وتطبيقها نصاً وروحاً”. ولم يفت بوحبيب التلويح بأنه و”في حال عدم التقيد بما ورد أعلاه والتمادي في تجاوز حدود الاختصاص، ستكون الوزارة مضطرة الى إعادة النظر بتعاملها مع المفوضية، أسوة بما اتخذته دول أخرى من إجراءات في حق المفوضية لدى قيامها بتجاوزات مماثلة”.
وعلمت “البناء” أن وزارة الخارجية لوّحت بوقف التعامل مع المفوضية واعتبار رئيسها في لبنان غير مرغوب به بحال لم يسحب الكتاب.
ورجحت مصادر وزارية أن تبدأ الحكومة باتخاذ إجراءات جديدة لضبط النزوح انطلاقاً من التوصيات التسع التي أقرّها مجلس النواب، لا سيما تقييد مفوضية الشؤون وإطلاق يد الأجهزة الأمنية والقضائية بتطبيق القوانين على النازحين السوريين. كاشفة لـ”البناء” عن جلسة سيعقدها مجلس الوزراء خلال الأيام المقبلة لوضع تصوّر لتطبيق التوصيات النيابية وفق الإمكانات المتاحة. كما لفتت الى أن الحكومة ستكلّف بعض الوزراء ومراجع أمنية التوجه إلى سورية لبدء التنسيق المباشر مع الدولة السورية على كافة المستويات لمناقشة كيفية تطبيق خطة الحكومة لإعادة النازحين الى سورية.
ومساء أمس، أشار ايفو فريسون الى أن “رسالتنا الرئيسية ستكون في المقام الأول إلى المجتمع الدولي للحفاظ على تمويل المساعدات الإنسانية في سورية والتعافي المبكر في مناطق العودة حتى يتسنى لنا باعتبارنا جهات فاعلة في تقديم المساعدات”. وأكد أنه “لدينا مسؤولية جماعية في السعي الى ايجاد الحلول لكي يتمكن المزيد من السوريين من التفكير في العودة، وفي هذه الأثناء ندعم المؤسسات اللبنانية والشعب اللبناني واللبنانيين الضعفاء واللاجئين هنا لتفادي هذه الظروف حيث لا يرى الناس مخرجًا سوى اللجوء الى البحر”. وأوضح أن “السوريين يريدون العودة، لكنهم يجدون أن ذلك لا يزال صعبًا للغاية في الوقت الحالي بسبب العوائق التي يواجهونها”، لافتاً الى أن “المفوضية والمنظمات الأخرى موجودون بالفعل في سورية وهناك عمل يحصل هناك بالفعل. فالفكرة السائدة بأنه يتم توفير كل شيء هنا ولا يتم توفير أي شيء على الجانب الآخر من الحدود خاطئة”. وأضاف “على أساس سنوي تحصل المفوضية على ما يقارب تسعة إلى عشرة آلاف فرصة لإعادة توطين اللاجئين السوريين في لبنان إلى بلد ثالث أتمنى لو كان بإمكاني فعل المزيد بشأن ذلك مع فريقنا، لكن الأمر يعتمد على الدول الأعضاء”.