لا تلعبوا بالنار… الخطأ ممنوع!
} المحامي معن الأسعد*
باختصار، ومن دون «لفّ ودوران»، هناك في لبنان والخارج من يروّج مقولة إنّ المقاومة قد خسرت الحرب مع العدو الصهيوني، وانّ هناك فرصة للبعض للذهاب إلى قطر والاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية من دون ان يحظى بتفاهم جميع الأفرقاء وغصباً عنهم وفرضه كأمر واقع…
وتمّ الترويج أيضاً بأنّ هناك مغريات مالية ودعماً دولياً وضمانات بالوقوف مع الرئيس الجديد في وجه قسم آخر من الشركاء اللبنانيين.
وبدأ «الشباب» بالتوجه إلى قطر، واستبقوا هذه الزيارات بتصريحات عالية السقف قدّموها كأوراق اعتماد للخارج…
لكن عليهم أن يقرأوا بتمعّن ما حصل قبل أيام في الشارع من حراك واحتجاجات شعبية، ثمّ تقدير ما يمكن أن يحصل اليوم وغداً وبعد غدٍ… خاصة مع الحملة الغير مسبوقة لقوى الأمن الداخلي لحجز آليات غير مسجلة او مخالفة، في حين انّ المواطن لا يستطيع تنظيم أموره لتسجيل آليته بسبب إقفال النافعة وعدم وجود طوابع مالية بتدبير مقصود من السلطة الحاكمة !
ما يتعرّض له المواطن من إذلال وعنف واعتداء جسدي من قبل القوى الأمنية، كلّ ذلك أدّى إلى هذه الاحتجاجات الشعبية، وإلى نزولٍ غاضبٍ للمواطنين وقطع طرقات وحرق دواليب ومحاصرة مخافر لقوى الأمن وانسحاب بعضها من الشوارع فجأة وإنزال الجيش الى الطرقات بدلاً منها لإعادة استتباب الأمن وحماية قوى الأمن الداخلي.
باختصار، هل تذكرون 6 أيار 1992 حين نزل الاتحاد العمالي العام الى الشارع في مظاهرات بمطالب شعبية؟ وما أدّى إليه ذلك من استقالة لحكومة الرئيس عمر كرامي تمهيداً للإتيان بالرئيس رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة، بعد حكومة انتقالية برئاسة رشيد الصلح كانت مهمّتها الوحيدة تمرير الانتخابات النيابية بمن حضر، وهي الانتخابات الأولى بعد انتهاء الحرب الأهلية…
هل تذكرون 7 أيار 2008 وما حصل قبله في 5 أيار من قرارات مشبوهة ضدّ المقاومة، وما تبعه من اجتماعات في قطر أدّت إلى ما عُرف يومها بـ «اتفاق الدوحة» الذي أعاد تكوين السلطة على أسس عرجاء لا يزال البلد إلى اليوم يعاني منها لأنها أنتجت كلّ هذا التعطيل الذي نعيشه في هذه الأيام.
هل تذكرون أنّ ما حصل في 17 تشرين الأول 2019 سبقه قرار برفع التعرفة على «الواتس أب» 6 سنتات شهرياً مع حملة إعلامية مكثفة ومضخمة قام بها الإعلام وقادتها أقنية تلفزيونية محدّدة؟
على الجميع الانتباه جيداً إلى أنّ التظاهرات في 1992 ثمّ في 2019 بدأت من منطقة السفارة الكويتية وأوتوستراد السيد هادي نصرالله والجاموس وحي السلم يعني «متل ما صار مبارح» تماماً .
بإختصار شديد جداً جداً جداً، ابتعدوا عن الخطأ والمغامرات غير المحسوبة ولا تظنوا للحظة واحدة انّ العدو الصهيوني انتصر والمقاومة انهزمت بينما الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، وهذا ما تؤكده كلّ الوقائع، وأيضاً كلّ المساعي السياسية والضغوط المختلفة التي تمارسها دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة لكي تتوقف جبهات الإسناد، لا سيما جبهة جنوب لبنان، وكلّ ذلك من أجل إراحة العدو والتخفيف من هزيمته أمام عمالقة غزة وفلسطين.
لا تظنوا بأنكم تستطيعون اليوم تأسيس عقد سياسي جديد في طائف جديد، هكذا بكلّ سهولة ويُسر! ولا تظنوا بأنكم قادرون على تأسيس عقد مشوّه مرة أخرى في «دوحة جديدة»! الواقع على الأرض وموازين القوى هي غير ذلك تماماً… ولا حاجة لـ 7 أيار جديد لإعطاء الدلائل والبراهين على ذلك… هل وصلت الرسالة قبل فوات الأوان؟
حذار اللعب بالنار…
*أمين عام التيار الأسعدي