الاعترافات الغربية بدولة فلسطين
يكاد لا يمرّ يوم لا يحمل صفعة جديدة لكيان الاحتلال، ما يجعل قادته يستشيطون غضباً، وبعد طلب المدعي للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس حكومة الاحتلال ووزير حربه، بالرغم من كل الثغرات في القرار، سواء في اتهاماته للمقاومة أو اقتصاره على شخصيتين من الكيان دون سائر المتورطين في الجرائم، يأتي قرار ثلاث دول أوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين ليتابع مسيرة الصفعات التي تُشعر الكيان بأنه يفقد مكانته التقليدية في الغرب والمؤسسات الدولية التي كانت ولا تزال قراراتها تصنع في المناخ الغربي.
للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية يشعر مؤيدو الكيان بأنهم منبوذون في الغرب، كما تروي مذيعة تلفزيونية في إحدى القنوات البريطانية، وتسود الشارع الغربي موجة من الشعور بأن الدلال الذي عومل به كيان الاحتلال مسؤول عن هذا الإفراط في الإجرام الذي تتميز به حروبه، وخصوصاً هول ما يجري في غزة. وهذه الموجة التي تسود الشارع الغربي والنخب الثقافية والاجتماعية فيه، تطلق شعوراً بالذنب نحو الفلسطينيين يشبه الشعور بالذنب الذي أعقب الحرب العالمية الثانية تجاه اليهود، والذي استثمرته “إسرائيل” بنجاح خلال عقود.
اعتراف النرويج وأيرلندا وأسبانيا بدولة فلسطين بداية موجة اعترافات مشابهة من دول أوروبية عديدة، تحاكي شوارعها بمثل هذه القرارات، حيث السياسة والسلطة أولاً وأخيراً صناديق اقتراع انتخابات، والقيمة الأهم في المناخ الجديد هو أنّه قائم على إدراك الحاجة لإشعار الكيان وقادته أن ثمة دولاً غربية عديدة باتت متحرّرة من التنسيق المسبق مع الكيان وقادته تجاه أي قرار يتصل بالقضية الفلسطينية، وأن زمن القرارات الأحادية قد بدأ، فلا حاجة لتسوية إسرائيلية فلسطينية تتضمّن قيام دولة فلسطينية ليقوم العالم بالاعتراف بدولة فلسطين، بل إن هذا الاعتراف الآن يعبد الطريق لفرض تسوية بين دولتين، كما تقول الخطة الأوروبية المقترحة من عدد من دول أوروبا للدعوة لعقد مؤتمر عربي أوروبي يرسم خريطة طريق لتسوية يتم فرض عقوبات على مَن يرفضها.
هذه كلّها بركات طوفان الأقصى وبركات تضحيات غزة ودماء شهدائها، وخصوصاً دماء أطفالها ونسائها، وصمود مقاومتها، لمن يسألون عن جدوى الطوفان والتضحيات والصمود.
التعليق السياسي