مقالات وآراء

المحكمة الجنائية بين الفيتو الأميركي والصمت العربي والغربي / الغرب يقف مكتوفي الأيدي أمام قرار المحكمة الجنائية ضد نتنياهو

وفاء بهاني

كان العالم قبل أحداث 7 أكتوبر المجيدة في واد وبات في واد آخر، فقد هشمت أحداث السابع من أكتوبر الصورة الكاذبة التي بثها المحتلّ الصهيوني، والعديد من وسائل إعلام الدول الغربية عن الجيش الصهيوني بوصفه أنه القوة التي لا تُهزم على الرغم أن الأحداث أثبتت مدى ضعفه وهشاشته.
والكثير من المنظمات والشعوب العالمية باتت تعلم هذا الوجه القبيح للكيان الصهيوني، الذي كان يصوّره الجميع على أنه الملاك المظلوم، فقد فشلت ضغوطات وتهديدات العديد من أعضاء الكونغرس الأميركي للمدّعي العام في محكمة الجنايات الدولية، حتى أنّ بايدن تدخل بذاته في الأمر كي يتراجع المدعي العام بشأن إلقاء القبض على نتنياهو على خلفية ارتكابه جرائم إبادة جماعية وجرائم ضدّ الإنسانية.
لنتعمّق أكثر في الأمر لا بدّ أن نعلم أنّ هذه الإدانة موجهة لكلّ من نتنياهو ووزير الحرب، وهو ما يعني بما أنهما ممثلان للكيان الصهيوني أنّ الكيان كله مُدان، وعلى كلّ الدول (عددها 123 دولة) الموقعة على اتفاقية محكمة الجنايات الدولية إلقاء القبض فوراً عليهما في حالة تواجدهما على أراضي تلك الدول إذا صدر قرار باعتقالهما، فهل سيحدث ذلك أم تتدخل المنظمات وتوقف قرار الدولة التي تنوي القيام بذلك بحجة أنّ نتنياهو لديه حصانة دبلوماسية مثلما حدث مع أرييل شارون في بلجيكا 2002.
هذا القرار لا يعبّر فقط عن المحكمة بل عن كلّ أحرار العالم الذين اشمأزوا من تعامل حكومتهم بلطف وتدليل مع مجرم حرب، وعدو للإنسانية، وبهذا القرار سيُنسف عن بكرة أبيه الإطار الذي عوى الكيان الصهيوني به ليلاً ونهاراً على أنه شعب مضطهد! فقد باتت أكذوبة أخرى بجانب أكذوبته الأولى أنّ “جيشه لا يُقهر” فإذا تساقط القناع بانت الأكاذيب.
نحن أمام مشهد سيفضح ويوضح الوجه القبيح للعديد من الدول الغربية، فما بات أمامها سوى خيارين إما أن تستنكر كل هذا وتتغاضى عن القرار، وتقف أمام صوت شعوبها، ورغبة هذه الشعوب في أن يُحاسَب هذا الكيان المغتصب، وتقوم بمساندة الكيان الصهيوني ونتنياهو بالدعم والسلاح، ضاربة بكلّ القرارات الدولية عرض الحائط، ورغبات شعوبها.
أو أنها تلتزم بقرار المحكمة، فهل أميركا والغرب يعشقون الازدواجية؟ فعندما قامت روسيا بمهاجمة أوكرانيا قامت أميركا ودول الغرب بفرض العقوبات الدولية على روسيا، واتخاذ العديد من القرارات على خلفية ما تفعله، الأمر كذلك في سورية، ولكن حين يأتي الأمر تجاه طفلها المدلل الكيان الصهيوني ربما سيكون رد فعلهم مخالف للمعتاد.
هذه الأحداث بعد السابع من أكتوبر تضع العالم أمام حقبة تاريخية جديدة، فصلابة المقاومة أمام كلاً من نتنياهو والصهاينة ومن خلفهم أميركا أجبرت العديد من الدول أن تعترف بفلسطين كدولة حرة. وبعد هذه الأحداث انكشف الكيان الصهيوني على حقيقته أمام العالم كله، كونه ليس فقط كياناً محتلاً، بل هو كيان مجرم، مدان بجرائم حرب، وجرائم ضدّ الإنسانية، ويداه ملطخة بدماء الأبرياء، وهو ما جعل كره الجميع يزداد للصهاينة على المستوى الإقليمي والعالمي فباتت دولة منبوذة يتبرأ منها الجميع.
ولكن ما يُحزن بالقرار أنّ نتنياهو بات ثوراً هائجاً بعد أن سقط قناع العفة الذي ارتداه أمام المحكمة الجنائية والجميع، وهو ما يجعله ينفك من كلّ القيود وسيجعل الحرب تتخذ في غزة شكلاً آخر، أيّ أنه سيقوم باستخدام أسوأ الأسلحة المحرّمة تجاه المدنيين، فقد بات مجرم حرب فلم يعد أسوأ من ذلك اتهام يمكن أن يلتصق به.
ندعو الله لاخوتنا في غزة، أهل غزة أهل الحق أن يثبتهم الله، وأن يعين المقاومة ويزيد صلابتها، فهي الأمل الأول والأخير ليس لأهل غزة بل لكلّ حر يحترق قلبه على ما يفعله الكيان بالأبرياء…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى