الصين وتايوان
قبل أسبوعين أعلنت واشنطن عن تخصيص 15 مليار دولار لتقديم أسلحة وعتاد حربي لحكومة تايوان، من ضمن قانون بتخصيص 95 مليار دولار موزعة على حلفاء واشنطن في أوكرانيا وتايوان وكيان الاحتلال.
عملياً، قامت واشنطن بتصعيد غير مسبوق لأخذ الوضع في خليج تايوان إلى العسكرة، فهي لم ترسل مساعدات تقنية أو اقتصادية الى تايوان بل مساعدات عسكرية، ورغم ذلك تملك وقاحة دعوة الصين إلى ضبط النفس. والدعوة هنا هي للقبول بالعسكرة الأميركية، والتزام الصمت. وهذا ما يستحيل على الصين قبوله أو التجاوب معه.
تنطلق حكومة بكين في مخاطبة الأميركيين من الاتفاق الصيني الأميركي الذي يجمع طرفي ثنائية الحل السلمي للنزاع مع حكومة تايوان من جهة، وصين واحدة من جهة ثانية، وواشنطن تخرق المعادلتين فتخلّ بالالتزام بالحل السلمي عندما ترسل السلاح إلى تايوان، وتشجع الانفصاليين في تايوان على التمسك بمشروعهم الانفصالي ورفض كل دعوات الوحدة مهما بلغت عقلانيتها وواقعيتها ومرونتها.
من ينظر إلى المشروع الذي اقترحته بكين لتحقيق وحدة البر الصيني مع جزيرة تايوان، يدرك درجة حرص بكين على تفادي النزاع المسلح. فبكين تقول باحتفاظ تايوان بالنظام السياسي والاقتصادي القائمين، والتعبير عن الوحدة بصيغة كونفدرالية تضمن نقل صلاحيّات الدفاع والشؤون الخارجيّة للحكومة الفدرالية.
الصين مُجبَرة على الردّ على العسكرة بالعسكرة، والقول إنها جاهزة لمواجهة أيّ تداعيات للتسليح الأميركي الجديد لتايوان، وإنّها تسيطر على الميدان، وإن الرهان على الإخلال بموازين القوة العسكرية، سواء لدى القادة الأميركيين أو قادة تايوان، هو وهم وسراب، وما سوف يفعله هو زيادة التوتر ورفع درجة المخاطر، لكن اليد العليا سوف تبقى لبكين.
المزيد من التوتر والعسكرة، هي ثمرة السياسات الأميركية في الساحات المشتعلة، من تايوان إلى فلسطين إلى أوكرانيا، وواشنطن مستعدة للقتال حتى آخر تايوانيّ، لكن بعض العملاء وبعض الأغبياء في تايوان مستعدون لتقديم بلادهم وقوداً لمشاريع واشنطن.
التعليق السياسي