أولى

مَنْ يُعيد الكيان إلى ما قبل 7 اكتوبر؟

– ربما تحجب المشاهد القاسية لمعاناة الشعب الفلسطيني في غزة الصورة الشاملة للمشهد الذي رسمه طوفان الأقصى بكل تداعياته، وهي تداعيات ممتدة ومتمادية وغير قابلة للعودة. ورغم كل محاولات العودة الى ما قبل 7 أكتوبر، فإن الكيان كلما حاول الخروج من المستنقع الذي ألقته فيه 7 أكتوبر يغرق في المستنقع أكثر.
– الأكيد أن ما يملكه الكيان من مقدرات هائل، واذا ما اضيفت اليه الإمكانات الأميركية اللامحدودة والمسخرة على كل الصعد السياسية والعسكرية والمالية لنصرة الكيان وإخراجه من المستنقع، فإن ذلك يبدو مستحيلاً.
– القضية أكبر بكثير من متابعة معركة رفح وماذا سيحدث فيها، وأكبر من مسار التفاوض وجولته الجديدة، وأعمق من حجم الضرر الاستراتيجي اللاحق بالكيان من جبهة لبنان، ذلك التداعيات ممتدة في الزمان متمادية في الأبعاد والمستويات.
– من يستطيع محو صورة انهيار فرق وألوية مقاتلة محترفة يزيد تعدادها عن عشرة آلاف مقاتل، وتعتبر من الأهم في بنية جيش الاحتلال، خلال ست ساعات أمام بضعة مئات من المقاومين؟ ومن يستطيع استرداد قدرة الردع لهذا الجيش الذي فقد مهابته؟ والمهابة كما يقال مثل العذرية تفقد مرة واحدة ولا تستعاد.
– مَن يستطيع إقناع المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة وجنوبها أن أي ترتيبات تتم إقامتها على الحدود تمثل ضمانة للسكن الآمن، ما دامت الثقة بالجيش الذي يحمي قد سقطت، والثقة بالحكومة التي تعرف كيف تتصرف انتهت، والثقة بالكيان الذي ينعم بالأمن ظهرت مجرد كذبة كبيرة؟
– من يستطيع إعادة نخب الغرب وطلابه وشارعه المتفجر تضامناً مع فلسطين، إلى ما قبل 7 أكتوبر، وقد انفتحت أمامه كل كتب التاريخ ووضع يده على حقيقة القضية الفلسطينية وسقطت بعيونه صورة الكيان المتفوّق حضارياً والمتقدم تمدناً على جوار قيل لهم إنه مسكون بالتوحش، وصار الكيان رمز الإجرام والوحشية، والشعب الفلسطيني رمزاً للمظلومية والقتال في سبيل الحق والقدرة الأسطورية على الصمود ورمزاً من رموز البطولة؟
– من يستطيع إعادة الكيان إلى ما قبل 7 أكتوبر استثناء على القانون الدولي، لا يجرؤ قاضٍ على مساءلة مسؤول فيه، أو مجرد التساؤل عن إمكانية فتح ملف لقضية قد يرد فيها ذكر الكيان في موقع احتماليّ للإدانة، والذي يجري اليوم أن القضاة رغم محاولاتهم إقامة نوع من التوازن في ملاحقة المقاومة وملاحقة الكيان أو تجزئة إلزامه بوقف العدوان بين رفح وسائر مناطق قطاع غزة، يفعلون شيئاً ما كان متخيلاً أن يفعله قضاة في محاكم يجاهر الغرب أنه أنشأها لمحاكمة خصومه فقط؟
– من يستطيع إعادة الكيان إلى ما قبل 7 أكتوبر حيث لا تجرؤ حكومة في الغرب على البحث بأي شأن يتصل بالقضية الفلسطينية دون التنسيق مع حكومة الكيان وضبط إيقاع الموقف على رضاها. فالكيان وكيل حصري للغرب في كل ما يتصل بالعلاقة بفلسطين وقواها وشعبها وقضيتها، بينما اليوم تتجرأ الحكومات وتفعل الأصعب وهو الاعتراف بدولة فلسطين غير آبهة بموقف حكومة الكيان وغضبها وغيظها؟ فالشعوب في الشوارع وتنتظر من حكوماتها فعل ما يقول إنها حكومات مستقلة، وليست مجرد دمى صهيونية.
– ليس في العالم من قوة تستطيع إعادة الكيان إلى ما قبل 7 اكتوبر.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى