لماذا يملك الخارج الأوراق الرئاسية؟
عندما يكون المجلس النيابي منقسماً بين كتل يصعب على أي تحالف يجمع بعضها الوصول إلى القدرة على تأمين النصاب اللازم لانتخاب رئيس للجمهورية والمتمثل بثلثي أعضاء المجلس. وعندما يجاهر تحالف يملك نصاب تعطيل النصاب برفض الحوار طريقاً لتسوية تضمن تأمين النصاب والذهاب الى جلسة انتخاب توافقية أو تنافسية، لا يعود للحديث عن حل داخلي للأزمة الرئاسية معنى.
واقعياً يوجد مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، هو الوزير السابق سليمان فرنجية المدعوم من مجموعة قوى سياسية ونيابية يتقدّمها ثنائي حركة أمل وحزب الله وتضم مروحة قوى قادرة على تأمين قرابة الستين نائباً، أي أقل من نصف أعضاء المجلس بقليل، وسائر الخيارات الرئاسية بما فيها خيار ترشيح قائد الجيش، هي مشاريع يجري تقديمها كبدائل لإنجاز تسوية مع داعمي ترشح فرنجية، بعد فشل تجربة السير بمرشح منافس، كحالة ميشال معوّض بداية، والتقاطع مع التيار الوطني الحر على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور.
مدخل الاصطفاف الذي تقارب منه الكتلة الكبرى لمناوئي ترشيح فرنجية ليس داخلياً، فهو يرتبط علناً وبصورة مباشرة بخيار فرنجية الاستراتيجي من موقع لبنان في صراعات المنطقة، ومكانة المقاومة التي يقودها حزب الله في هذا الإطار. وهذه النقطة تشكل الأساس المحرّك لمواقف الخارج من شؤون لبنان، وبالتالي ينشأ اصطفاف داخلي على شأن خارجي مع خارج يعتبر نفسه معنياً بالشؤون الداخلية اللبنانية من بوابة حجم ومدى تأثير ودور المقاومة.
الحديث عن رئيس صُنع في لبنان يعني الحديث عن أحد أمرين، إما انتقال أولويات الكتل النيابية الى البحث بمواصفات الرئيس من زاوية الداخل اللبناني، لجهة درجة تمسكه بالحفاظ على التوازنات الطائفية والسياسية ومراعاتها، وعدم تحويل الرئاسة إلى مصدر قوة لمن وما يمثل على حساب الخصوم، وربما تكون هذه أحد مصادر فرادة ترشيح فرنجية، أو أن يتفق اللبنانيون على تسوية سياسية تحكم مقاربتهم لملف المقاومة يرعاها الرئيس المنتخب، وفي ذلك إذا حدث ترجيح لكفة المرشح فرنجية.
بخلاف هاتين، يبقى أن الداخل المنطلق في حسابات الرئاسة من البعد الدولي والإقليمي المتصل بالمقاومة، سينتظر الخارج المتدخل علناً في شؤون لبنان الداخلية لقياس درجة المقاومة وحدودها ومدى قوتها. وهذا يعني أن لا رئاسة قبل نهاية حرب غزة، لأنها المدخل لترسيم حدود قوة المقاومة في لبنان والمنطقة.
التعليق السياسي