مقالات وآراء

كابوس الميدان يلاحق الاحتلال في غزة

‭}‬ رنا العفيف
عملية بطولية نفذتها المقاومة الفلسطينية بكلّ اقتدار، في عملية مركبة فريدة من نوعها. ماذا يعني أن تخرج المقاومة وتعلن عن إيقاع قوة إسرائيلية في كمين محكم؟
ما صدر عن الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة بتنفيذ عملية مركبة ضدّ قوة «إسرائيلية»، أدّت إلى إيقاع أفرادها بين قتيل وجريح وأسير، إضافة لما تمّ نشره من مشاهد تظهر جزءاً من عملية استدراج القوة الإسرائيلية إلى أحد الأنفاق في جباليا، يؤكد على النقلة النوعية العسكرية والاستخبارية في حلتها الجديدة بعد 233 يوماً من هذه الحرب العدوانية الهمجية على غزة، نقلة بطولية تتفنن بتلقين الدروس للاحتلال، درس تلو الآخر في زمن البطولات بنموذج فريد يعطي عنوان المرحلة المقبلة من المعركة التي تخوضها فصائل المقاومة الفلسطينية بالتوازي مع جبهات الإسناد ليعطي عنوان الملحمة التي سطرتها المقاومة وحققت هذا الإنجاز الكبير، لا سيما أنّ الاحتلال كان يدّعي منذ أكثر من شهرين أنه تمكن بشكل كامل منها مع الإشارة بالتعليق على أنه قضى على قوة المقاومة وعلى الأنفاق ودخل إليها وإلى ما هنالك من انتصارات وهمية وفقاعات إعلامية لا تمتّ للواقع الميداني بصلة.
إلا أنّ قوة المقاومة تظهر مرة أخرى في جباليا لتعلن عن عملياتها النوعية المحكمة لتكبّد العدو خسائر كبيرة في شمال قطاع غزة وبمنطقة جباليا التي تخضع لوضع ناري كثيف حيث تحط المقاومة أوزار عملياتها لتصفع الاحتلال وقياداته العسكرية والسياسية والأمنية والاستخبارية صفعة قوية ونفسية، وتحديداً نتنياهو الذي يتبجّح بالقول إنه لن يتراجع عن إجرامه إلا بتحقيق كامل أهدافه، إلا انّ صورة المقاومة التي ترعب الاحتلال من كلّ حدب وصوب استطاعت خرق النفوذ الاستخباري والعسكري لهذه القيادات بجدارة وكفاءة عالية، دون أن يعترف الكيان بهذا ولكن علامات التخبّط والإرباك واضحة حيال هذا الأمر وهو يقوم بالتستر خوفاً من ان يكشف الشارع الإسرائيلي الخلل الفاضح بين القيادات الميدانية والقيادات العليا في الجيش الإسرائيلي الذي كان يقوم بتزويدهم بأحدث المعلومات والبيانات في الواحدات القتالية في الميدان دون أن يحقق أيّ هدف ضمن أطر مشروع تحقيق النصر والنتيجة صفر، والجدير بالذكر أنّ هذه الوحدة دخلت إلى النفق وتمّ القضاء عليها وهم يتواصلون مع القيادة الأخرى، إذ فقد الاتصال مع هذه المجموعة والإجهاز عليها بشكل قد يكون بالكامل لا سيما مع القيادات المتواصلة مع القيادة الخارجية خارج هذا الحدث، وبالتالي انقطعت المعلومات ما أدّى إلى إرباك كبير وتورّم في صفوف القيادات الأخرى، حتى أصبح هناك مساندة قوى وكانت المقاومة جاهزة ومتمكنة لنسف المساندة وسحب ما تريد سحبه من جنود الاحتلال الذين دخلوا النفق، وطبعاً كما قال أبو عبيدة للحديث بقية، أيّ هناك ما ستكشفه المقاومة التي تمتلك تراكم أوراق قوة لتعلن عنه في وقت لاحق، وبكلّ تأكيد هناك شيء تفصيلي ستكشف عنه المقاومة خلال ساعات ربما أو أيام متعلقة بالبيانات والمعلومات التي تتعلق بسردية تفاصيل هذه العملية.
إذن… المقاومة الفلسطينية في غزة تنجح عسكرياً وتنتصر ميدانياً وتكتيكياً واستراتيجياً وإعلامياً في مواكبة الاستمرارية في معركة كي الوعي والحرب النفسية مع الكيان الإسرائيلي، وتحقق انتصاراً استراتيجياً وأمنياً واستخبارياً لتترك أثراً في نفوس جيش الاحتلال مع حزمة تساؤلات عن الدور والتوقيت الذي يلعبه أبو عبيدة في هذه الساحة، لا سيما أنه قُبيل إعلان أبو عبيدة عن العملية، كان هناك فيديو لكتائب القسام حول الأسرى الإسرائيليين، وبالتالي هذا النجاح يواكبه نجاح أعظم وانتصار أكبر يفتح بوابة نارية جديدة خاصة أنّ المقاومة الفلسطينية لا تتحدث من فراغ، ولا أحد يعلم بالضبط أرقام الأسرى الذين لا يزالون في أيدي المقاومين، لا عدد الأحياء منهم ولا الأموات، ولن تعطي المقاومة أيّ معلومات للاحتلال، خاصة أنّ هناك مفاجأت كبرى سواء على مستوى الأسرى أو المواجهة أو المفاوضات، والعبَر كبيرة لمن اعتبر، وبالتالي المقاومة مستمرة في عملياتها البطولية بكلّ بسالة واقتدار فداء للقضية وللشعب الفلسطيني الذي يقاوم ويصابر أمام الحرب العدوانية والإجرامية بقوة كبيرة من جباليا وصولاً للمناطق الأخرى حيث نشهد فيها تفجير الدبابات وقنص الجنود الاسرائيليين بشكل يومي رداً على حرب الإبادة التي يقودها الأميركي والإسرائيلي لنكون على موعد من جملة من المفاجآت التي ينتظرها الجميع من فصائل المقاومة الفلسطينية، وأيضاً من جبهات الإسناد، وتلك المعجزات التي لم ولن تتوقف منذ بدء طوفان الأقصى حتى يومنا هذا، ربما هناك معجزات عسكرية متقدّمة ومتطوّرة على كافة المستويات أعدّت لها المقاومة بإرادة حديدية لتثلج الصدور العارية في فلسطين وغزة من سكان القطاع المكلومين المحاصرين الذين ما زالوا حتى اللحظة يعانون من الحصار الاسرائيلي بمنع إدخال كلّ مقومات الحياة سواء على مستوى قطاع الطبي أو الغذائي، ولكن في طبيعة الحال هذه العملية النوعية التي زعزعت أركان الاحتلال وقيادته لها أركان عسكرية استخبارية تحتفظ بها المقاومة تحديداً في جباليا حيث مسرح عملياتها المتكاملة التي ستؤدّي إلى استنزاف قواعد جيش الاحتلال في المحاور التي تفتح عليها مناطق عديدة…
هذه العملية هي بالمعنى العسكري عملية ذات طابع مفصلي مع هذا الكيان في هذه المعركة، لماذا؟ لأنّ العدو الذي جاء لينقذ الأسرى أصبح أسيراً لدى فصائل المقاومة وللقصة بقية… بمعنى أنّ هذه الصورة التي ظهرت أمامكم هي ليست الصورة الوحيدة ليبقى السؤال التوجيهي المركزي هل هناك صور أخرى لها سردية أو قصة أخرى؟ هذه التفاصيل ستتكلم عنها كتائب القسام في مرحلة لاحقة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى