زيارة لودريان وفرنجية المرشح الوحيد!
ناصر قنديل
– لا ينخدع المهتمون الخارجيون بملفات لبنان بما يسمعونه من حلفائهم أو جماعاتهم في الداخل اللبناني، ذلك أن هذا الاهتمام الغربي العربي بدأ على خلفية تقاطع وحيد هو كيفية استثمار نتائج الانتخابات النيابية لمحاصرة حزب الله ومساومته على سلاحه وترتيبات الوضع على الحدود من بوابة الاستحقاق الرئاسي. والانتخابات التي كانت الخطة الغربية العربية المعلنة تقوم على جعلها فرصة للمجيء بأغلبية نيابية مناوئة للمقاومة فشلت في تحقيق هذا الهدف، كما قالت انتخابات هيئة مكتب مجلس النواب ورئيسه، لكنها نجحت في إنتاج تجمعات نيابية يمكن للغرب والعرب تحشيدها لامتلاك القدرة على تعطيل النصاب لمنع وصول مرشح رئاسي يمثل سنداً ثابتاً للمقاومة، لمساومة المقاومة مرة أخرى على سلاحها وترتيبات الوضع على الحدود، وعندها إذا ارتضت المقاومة المساومة فلا مشكلة بالمقايضة على الرئيس.
– كان هذا هو الوضع عندما كانت التحضيرات على قدم وساق لتعديل القرار 1701 لصالح توسيع نطاق صلاحية القوات الدولية، ولا زال هذا هو الوضع في ذروة حرب غزة، ولو تغيّر الاتجاه من السعي لطرح موضوع سلاح المقاومة وحضورها على بساط البحث من البوابة الرئاسية، الى حصر البحث بوقف مساندة المقاومة لجبهة المقاومة في غزة؟ وخلال سنتين لم يتغير شيء في الداخل، حيث الوزير السابق سليمان فرنجية مرشح وحيد، وكل من تم ترشيحهم ثبت أنهم كانوا مجرد محاولة لتجميع المناوئين لترشيح فرنجية، لفرض معادلة سحب كليهما طلباً لمرشح ثالث لا يمثل للمقاومة ما يمثله فرنجية وترضى به كحالة وسطية، ولذلك سُحب ترشيح ميشال معوّض وتمّ الذهاب الى التقاطع مع التيار الوطني الحر على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ثم صرف النظر عنه، وكذلك هو الأمر في التداول باسم قائد الجيش، الذي يمكن للذين يبدون أنهم متمسكون بترشيحه من الداخل والخارج أن يتخلوا عن هذا الدعم لمجرد بلوغ اللحظة التي يبدي فيها حزب الله ومعه حلفاؤه الاستعداد للبحث باسم آخر. فالقضية كانت ولا تزال قضية أن فرنجية هو المرشح، والباقون مرشحون لمهمة واحدة هي سحب ترشيحه والتفاوض على اسم ثالث يعرف الجميع أنه سوف يُترك لحزب الله اختياره بمجرد قبول سحب ترشيح فرنجية.
– المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لا يملك حلولاً سحرية ولا مفاتيح للأقفال المغلقة. فالقرار الأميركي هو القفل، والمفتاح ليس فرنسياً، ولذلك تتحفظ السعودية على قول الكلام المباح، وتكتفي بالغموض، وتتحرّك قطر بنشاط للحفاظ كما فرنسا على كرسي الدور، وطالما أن الداخل المعارض للمقاومة ليس مستعداً للحوار معها حول الشأن الرئاسي، وقد تكفّل بإطاحة مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري التي جمعت طلب الفريقين، الحوار ضمن مهلة من جهة، ومن جهة مقابلة عقد الدورات الانتخابية المفتوحة، فإن الرئاسة في لبنان مؤجلة حتى يقرأ الأميركي حاصل المعركة الدائرة في المنطقة، على ترسيم موازين القوة مع المقاومة، وقد بدأت المؤشرات بالظهور، لجهة إمساك قوى المقاومة بزمام المبادرة في الحرب، ونجاحها بإبقاء يدها هي العليا، وعندما ترسو الموازين على وضوح سوف يُفرج الأميركي عن الانتخابات الرئاسية وعن الحوار وعن التوافق، ويعود للموقف السعودي الوزن الذي حاول الأميركيون تعطيله إقليمياً بعد الاتفاق السعودي الإيراني، بإفراغ الاندفاعة السعودية لعودة سورية إلى الجامعة العربية وحضورها القمة العربية من أي مضمون اقتصادي أو سياسي إيجابي على سورية، وتجميد مفاعيل الحل في اليمن، واحتواء المرونة السعودية مع الحلفاء المشتركين في لبنان بتشجيعهم أميركياً بالعكس دعوة للحفاظ على التمسك بالتصلب.
– فشلت فرنسا فلم تحاول السعودية، والقضية الآن عند الأميركي، ومن وضع مقياس الرئاسة عنده العداء للمقاومة، كمثل من وضع في قضية النزوح معياراً هو العداء لسورية والمقاومة، فلا يستطيع جعل الرئاسة أولوية ولا جعل عودة النازحين أولوية، لأن شرط ذلك الانفكاك عن الغرب. والعداء للمقاومة وسورية يحتاج الاستناد لهذا الغرب، لكن عندما يتغير الغرب فقط، يمكن أن يتغير اللبنانيون ولات ساعة مندم!! لو نظروا فقط بعين الواقعية اللبنانية لمعنى رئاسة سليمان فرنجية لبنانياً، بعيداً عن الكيد والحقد على المقاومة، لوجدوا أنه ربما يكون بوليصة التأمين التي يحتاجونها ويحتاجها لبنان لعهد رئاسي يقوم على التوافق ولا تتشكل فيه حكومات لون واحد، ويفتح الباب للاستقرار السياسي والاقتصادي. وربما لن نشهد ذلك حتى يقرّر الأميركي الإفراج عن الرئاسة، لأن معادلة المنطقة تحتاج مجدداً الاعتراف بتفوّق قوى المقاومة، وعدم تعطيل فرص الاستقرار بوهم إضعاف المقاومة لأنها ستحول هذا التحدّي إلى فرص.