السقوط الأخلاقي بامتداده الدولي…
} رنا العفيف
الاحتلال الرازح تحت ضربات المقاومة، يواصل إجرامه ضد المدنيين في محاولة من نتنياهو لشراء المزيد من الوقت بعد أن نفدت من بين يديه الأوراق السياسية والميدانية، وتحديداً تلك التي تتعلق بفقد عناصره الوظيفية في مسألة الردع والأمن، كيف يمكن وضع مجزرة رفح في ظلّ غياب وعجز القرار السياسي والدولي؟
العدوان الإسرائيلي يقتل كلّ أشكال الحياة في فلسطين، أطفال وأجنّة في الأنانبيب باتوا أهدافا إسرائيلية، ضمن أطر الإبادة الجماعية وهي لا تحتاج تأويلاً في التعريف والقانون الذي ألمّ بالانسانية وجرّدها مما زرعه الله في قلوب البشرية جمعاء، فأكثر من ستة وثلاثين ألف شهيد والعالم يتفرّج، من بين هؤلاء أكثر من ٦٠ في المئة هم أطفال ونساء وكبار في السن، فالأطفال وحدهم يُفترض بهم أن يكونوا محميّين بموجب كلّ القوانين والمعاهدات الدولية،
أعداد لا تعد ولا تحصى في الجموع من بينهم ستة آلاف، عدا عن الأطفال في أرحام أمهاتهم لم يسلموا من الإبادة والمحرقة الجماعية بالقصف المباشر يواجه خطر الموت، من لم يستشهد جراء العدوان حتى على القطاع الصحي، الذي يضمّ عشرة آلاف مريض سرطان يحتاجون إلى العلاج مع انخفاض أسرّة المستشفيات في نسبة ما يقارب ال٨٠ في المئة بالإضافة إلى أسرّة مرضى غسيل الكلى بنسبة ٧٥ في المئة فيما الأطفال يمثلون خمسة وعشرين في المئة من حالات الوفاة نتيجة قصور الكلى،
واقع كارثي متفاقم، مع خروج ثمانين في المئة من المستشفيات عن الخدمة بينما استشهد نحو 500 من الجسم الطبي وما زال 310 قيد الاعتقال والعشرات في عداد المفقودين، أما في ثقل الخوف الذي يمثله القطاع التعليمي والتربوي على مستوى الوعي، فقد مارس الاحتلال تدميراً ممنهجاً إذ أكثر من مئة عالم وأكاديمي واستاذ جامعي وباحث استشهدوا وأكثر من 103 جامعات ومدارس تمّ تدميرها بشكل كلي و311 بشكل جزئي، حتى المقدسات الإسلامية والمسيحية طالها العدوان الإجرامي، وقد دمّر الاحتلال 604 مساجد و 3 كنائس وألحق الضرر بـ 200 مسجد، وكذا استهدف 60 مقبرة وسرق أكثر نحو ألف من جثامين الشهداء والأموات منتهكاً كلّ الأعراف والقوانين الدولية والحقوقية والإنسانية والأخلاقية والتراجيدية العالمية في حقبة الإنسانية والإنسان، هنا عندما نتحدث تواصل المنظومة الغربية الأميركية الإسرائيلية سقوطها الأخلاقي المدّ، تسمع السقوط في أرجاء العالم بامتداده الدولي على وقع المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بضوء أخضر غربي أميركي من تمويل وزخم وتأييد على اعتبار أنهم من مناصري عقيدة الإبادة الجماعية في غزة ورفح والقطاع، الأمر هنا ليس بمسألة السقوط فحسب، وإنما هو انكشاف الصورة الحقيقية لهذا الغرب المتوحش كيفما نظرت إليه، وإنّ الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق غزة وتل السلطان رفح تتقاطع مع سكان الأرض الأصليين، بمعنى واضح وصريح
عندما يقف الغرب أمام مجازر الاحتلال المتواصل، لا يعني بالضرورة السياسة أنه عاجز أو أن هناك غياباً للقرار السياسي بالمعنى الحرفي، في حين يعلم الاحتلال أن كل العالم ضده في هذه المذبحة والمحرقة منذ السابع من اكتوبر، لطالما الكيان وإلى جانبه الولايات وبعض الدول الأوروبية ومنها ألمانيا تتحدث عن كيان يؤمن بالإبادة الجماعية ويزعم الكيان بأن ما من أحد يمكن أن يمسّ به، وتأكيداً لذلك هو قول بن غفير الذي قال حرفياً بأن الحكومة لا تكترث لما يقوله العالم أو يفكر به قادتنا وهذا اعتراف خطير على مستوى العالم بأسره يؤكد أنّ كل ما فصّلته الولايات المتحدة هو على مقاس الكيان فقط ولا أحد سواه، وبالتالي ما يحدث ويجري هو دليل على أن الكيان الإسرائيلي سيفعل ما يحلو له أينما وجد على أي أرض في هذه البقعة الجغرافية من العالم لطالما يتمتع بشرعية الدعم الدبلوماسي والسياسي والعسكري والمالي من جانب الولايات المتحدة وحليفها، بالتوازي مع دعاية التضليل في تصريحات البيت الأبيض وجو بايدن الذي يتشدّق في كلّ مرة عن حماية المدنيين ويفعل عكس ذلك بإعطاء الأوامر والتنفيذ بالقضاء على المدنيين، ولكن ماذا يريد الكيان من هذة الإبادة إذا كان لديه القدرة لكي يستهدف إن كانت تدّعي أنها تستهدف قيادات بالمقاومة بين المدنيين أو أفراد من المقاومة لنقل بين المدنيين، وهي لديها كلّ القدرات في أسلحتها إن كانت تريد استهداف أشخاص بعينها دون أن تتسبّب في إصابة المدنيين والأطفال والنساء؟
ولكن المغزى من ذلك أيّ من كثرة الأعداد الهائلة من الشهداء ومن هذة الإبادة وتحديداً في مخيمات النازحين، أنّ كلّ أشكال الحياة في فلسطين ترعب الاحتلال والهدف من ذلك واضح وقسري، الأميركي والأوروبي يكثرون من جملة مؤسف ومزعج ولكن لا يجرؤ على قطع الإمداد والتمويل والدعم اللوجستي بالمال والسلاح للقضاء على النفس الفلسطيني أينما كان، أميركا تعاقب وتهاجم وتطرد طلاب الجامعة المؤيدة للقضية الفلسطينية من جهة وتصرّح من جهة أخرى لتقول نكرّر أسفنا وتقف بحيادية وبتواطؤ غير عاجزة عما يراه البعض كدور أو موقف أميركي تجاه هول الكارثة الإنسانية، ولكن ما حصل هو أن الولايات والاستخبارات العسكرية على حدّ سواء أو في «سي أن أن» هي متعاونة مع الكيان بشكل مباشر وذلك من خلال قبول حماس في الصفقة وردّ الإسرائيلي على الأميركي بقوله لا نقبل، ما يؤكد بالدليل بأنّ الصهيونية تسيطر على حكومة الإدارة الأميركية والاستخبارية وحيال هذا الأمر لاحظنا بعض الاستقالات، وبالتالي الصورة العامة للكونغرس ولإدارة بايدن واضحة إذ تقف خلف الكيان للإبادة ولن تضع لها حداً، بالتنسيق مع مهاجمة الطلاب في الجامعات الأميركية واعتقالهم وقد تمّ تسليم أسماءهم إلى شركات كي لا يحظوا بفرصة لاحقة، ولكن بطبيعة الحال هذا سيؤثر على الداخل الأميركي على اعتبار تبعاته التي تلحق الأضرار في العمق الأميركي بدأت تطفو كما للإبادة الجماعية تداعيات موصوفة تحظى بدعم أميركي غربي، حتى الغرب اليوم نلاحظ ان هناك اعترافا منهم بدولة فلسطين في الوقت الذي تدخل فيه الولايات انشغالها الانتخابي، ما يعني أن هذه الاعترافات فقط للحسابات الانتخابية، أو ربما نكون أمام تطور تاريخي لناحية الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، ولكن ليس هناك خجل من دعمهم للكيان الإجرامي ولكن لو أنها فعلياً مهتمة للاعتراف بفلسطين لكانت اعترفت بها من البحر إلى النهر وليس الاعتراف بفتات ما تبقى من فلسطين بعد أن استولى المستوطنيون المحتلون وسرقوا الأراضي وقاموا بطرد سكان وأصحاب الأرض الأصليين…
آخر ما يمكن وضع أو تشخيص مجزرة رفح في مدونة التاريخ للسقوط الأخلاقي بامتداد دولي لهذه المنظومات التي تمثل عاهة دولية على المستوى الأخلاقي والمصداقية والإنسانية مع كلّ إبادة تحصل كلّ يوم وكلّ ساعة وكلّ دقيقة نتحدث عن غرب ما زال مؤيداً لـ «إسرائيل» وداعم له يهمّش ويصمت تجاه هول المجازر بحق المدنيين بدون أي اهتمام دولي أو رعاية دولية، وذلك يجعلنا أن نفند صورة هذا السقوط بأكثر من اتجاه منها سقوط المصداقية والتي تتضمّن الكذب والتضليل في أصل الصراع مع الإشارة للتبني الأعمى للسردية الإسرائيلية وحجب الرواية الفلسطينية بشكل مباشر مع غياب قواعد القانون الدولي التي تتشدّق به أميركا في أوكرانيا وأماكن أخرى موالية لنظامها السادي في المنطقة، أيضا السقوط الإنساني بتجاهل الإبادة للمدنيين وتغييب الانتهاكات القانونية لحقوق الإنسان وتهميش التعاطف والمشاعر، وكذلك السقوط الأخلاقي الذي يتضمّن الكثير من الأمثلة وأبرزها إعطاء الكيان الضوء الأخضر للشروع في القتل في حربها الإجرامية وتبرير ما تقوم به إضافة لتعطيل وتمزيق أي مشروع أو قرار لوقف اطلاق النار لأسباب إنسانية، وكل هذا مؤشر يقول بأن استمرار الدعم من قبل الولايات المتحدة للكيان هو تأكيد على انتصار المقاومة في هذة الحرب، ومؤكد لخسارة «إسرائيل» الكبيرة في الكثير من الدعم السياسي الذي تتلقاه على كافة المستويات في هذه الحرب الإجرامية.