دبوس
كيان من الأوهام
لقد غدت مقولة النصر المطلق التي يردّدها بيبي بمناسبة وبدون مناسبة بمثابة نكتة، جيشه البائس بقيادته العسكرية البلهاء يندفع كل مرّة إلى لا شيء، فيحقق لا شيء، ويضيف إلى إنجازاته الصفرية لا شيء آخر، وحينما يعتمل كلّ ذلك اللاإنجاز في نفوس قياداته العسكرية الغبية، لا يجدون سوى الإغارة على الأطفال والنساء للتعويض!
نحن أمام كيان فقد عقله، لقد بنى هذا الكيان في منطقة الوهم لنفسه صورة مغايرة تماماً لواقعه، وهو الآن يواجه حقيقته العارية، لقد أقنع نفسه بأنه إنسان متفوّق، وأنّ تفوّقه لا يقتصر على الارتقاء المتميّز تكنولوجياً وتصنيعياً وعلمياً، بل ينسحب الى المنطقة الأخلاقية والممارسات الديموقراطية والمعايير الغربية في حقوق الإنسان والمرأة والطفل وحرية التعبير والتجمّع السلمي، كما أنه واصل هذا الخداع للذات وللآخرين ليخلق في منطقة اللاوعي معايير منخفضة لكينونتنا الإنسانية…
هكذا خادع نفسه وخادع الآخرين، ولكنه الآن أمام ركام هذا البناء الكاذب يندب حظه ويلعق بقايا قاذوراته المرّة، الدعم الغربي اللامحدود والذي كان معنوياً وإعلامياً وسياسياً وعسكرياً بدأ يتضاءل شيئاً فشيئاً، فالدعم المعنوي والإعلامي هو في حالة تآكل بعد ان تمزّقت، إثر الطوفان، سرديّته الجدلية شرّ تمزيق، وبات من يتكلم عن مظلومية الوحش يثير من الضحك والسخرية أكثر بكثير مما يثير من التعاطف والتماهي. والدعم السياسي بات في مهبّ الريح، حيث وجد الجسم السياسي الغربي نفسه في مواجهة شارعه. أما الدعم المالي والعسكري فهو لا يزال يمتلك زخماً بفعل هذه الأوليغارشية الغربية المتوحشة، والتي ستنهار حتماً مع انهيار الكيان البائد…
كينونة غير سويّة في خلقها وفي وجودها وفي استمرارها، وأخيراً في مقتلها، لم يُتح على مرّ التاريخ ان كان هنالك كيان فيه كلّ هذا الشذوذ، وبالذات الاعتماد الشبه الكلّي على الخارج للبقاء، فحينما يشطح أيقونتهم الإعلامية المفعمة بالدجل دان شابيرو وينطح، ويقول إنه سيزحف بعد إزالة حماس إلى لبنان، ثم بعد ذلك الى إيران، فاعلموا انّ هذا العدو قد فقد عقله وهو في مرحلة الهلوسة، هلوسة ما قبل الفناء، مقاتلنا تقطع ذراعه وتنزع من جسده فيقول، يا نفس لا تراعي، إنْ قطعوا ذراعي، فإنّ معي كراعي، ومقاتلهم ينهار لدى وخزة دبوس وقطرة من الدم…
المعادلة هي: ننزف وتنزفون، ولكنكم بفعل هشاشتكم لا تتحمّلون، نحن هنا باقون كأشجار الزيتون، ومنذ آلاف السنون، وأنتم طارئون كالغث والشعشبون، منذ الوعد الملعون، وحتى من السنين، «ثمانون».
سميح التايه