مرويات قومية

مرويات قومية

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ «البناء« هذه الصفحة، لتحتضنَ محطات مشرقة من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة، وقد سجلت في رصيد حزبهم وتاريخه، وقفات عز راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا أي تفصيل، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
أنّ نكتب تاريخنا،..فإننا نرسم مستقبل أمتنا.

إعداد: لبيب ناصيف

من ثقافتنا القومية الاجتماعية… انتقال الأفكار

الأمين سهيل رستم

الأمين سهيل رستم بما كان عليه من ثقافة حزبية ونضال مميّز الى مناقب قومية اجتماعية تمتع بها طوال مسيرته الحزبية، كتب عنه كثيراً غداة وفاته ويستحقّ ان يُكتب عنه الكثير بما تمتع به.
منه هذه المقالة التي كنا عمّمناها بتاريخ 18/12/2009، في فترة توليّ مسؤولية عميد شؤون عبر الحدود، كما نشرت في العدد رقم 468 من «النهضة» الدمشقية .
نأمل من حضرة الأمينة راغدة ان تزوّدنا بما ترى مفيداً نشره من مقالات ودراسات لحضرة الأمين الراحل.
ل. ن.

لا شك أنّ الاحتكاك بين الأمم والمجتمعات سينشأ عنه تعرّف المجتمعات إلى بعضها البعض، وهذا ما ينشأ عنه تفاعل ثقافي يتناول بعض الأفكار، وتنتج عنه أفكار جديدة تلائم المجتمع الواحد، وتخضع لقبول المجتمع لها بما يتوافق مع مزاجه النفسي وثقافته وحاجاته، أو قد ينشأ عنه تسرّب أفكار من مجتمع لآخر بغضّ النظر عن ملاءمتها للمجتمع المنتقلة إليه، أو توافقها مع نفسيته وحاجاته. وفي العصر الحالي، وبسبب تطور وسائل الاتصالات وتعميم الإعلام، فإنّ المجتمعات تتلقى يومياً كمّاً كبيراً من الأفكار تفعل في مجموعات وأفراد يروّجون لها في مجتمعهم باعتبارها حسب رأيهم، أفكاراً متطوّرة لا بدّ من مجاراتها كأمر واقع، أو أنها تبهر البعض ويعتقد أنها الأصلح والأفضل، وهذا ما نلمسه في ما تعمل له السياسة الأميركانية بأساليب عدة، أبرزها الدعوة إلى تعميم الأفكار والقيم الأميركانية، والنظام الأميركاني في السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق، وتلجأ أحياناً إلى فرض أفكارها بالقوة على المجتمعات التي تتمكن من التحكم بها أو الهيمنة عليها، فإذا لم يكن المجتمع محصّناً ومدركاً لشخصيته وتمايزها واستقلالها، فإنّ الأفكار تتسرّب إليه بشكل عشوائي وتفعل فعلها في بعض مكوناته، مع أنها قد لا تمسّ روحية المجتمع ولا تتوافق مع قيمه ومطالبه، لأنّ أيّ فكر ينتقل من مجتمع إلى آخر، أو من بيئة إلى أخرى، فإنّ المجتمع إما أن يقبله إذا كان ملائماً له، أو أن يعدّ له ليصبح ملائماً، أو أن يرفضه بالكلية. فالأفكار ليست سلعاً تستورد، ولا بدّ لها لكي تنتشر في مجتمع من أن تلائم نفسيته ومطالبه.
ولقد تعرّض سعاده لهذه المسألة، وأوضح بعض جوانبها في المحاضرة الأولى من «سلسلة محاضرات الندوة الثقافية» عام 1948 التي تحدث فيها عن مفهوم النهضة، وعن الفكر المضطرب، وعن اقتباس الأفكار بشكل عشوائي، فقال: «إنّ الأفكار المقتبسة اقتباساً من الخارج لا تحرك عوامل النفسية الصحيحة»(1)، لأنّ الأفكار مهما كانت عظيمة بالنسبة لمنشئها فإنها لا يمكن أن تفرض بالقوة على المجتمعات الأخرى، وقد تنتقل أو تنتشر في مجتمع إذا حصلت له القناعة بها، أيّ أنه يشعر أنها تمسّه وتمسّ مصالحه ومطالبه النفسية وتتلاءم مع قيمه التي يؤمن بها، وهذا يتوقف كما ذكر سابقاً على مدى إدراك المجتمع لشخصيته ومطالبه، وعلى حصانته أمام الأفكار الوافدة إليه، أو التي يقتبسها بعض عناصره من مجتمعات أخرى، أو التي يحاول البعض فرضها بالقوة عليه. وهذا ما أشار إليه سعاده في مقالته «ضعف الإدراك من نقص العقل» من «سلسلة مقالات جنون الخلود» عام 1941 التي ردّ فيها على رشيد سليم الخوري (الشاعر القروي) إذ قال: «إنّ فرض العقائد بالقوة له حدّ يقف عنده، وإنّ أفضل الطرق لنشر العقائد بين الشعوب هو الاقتناع بها وليس الإكراه عليها»(2)…
ومن خلال إدراكه لأهمية هذا الشأن أوضح سعاده مسألة استقلال الفكر السوري، وإنه بتأسيسه الحزب وضع النظام الذي يعبّر عن حاجات الأمة السورية، ويعمل لنهضتها، فقال في «الخطاب المنهاجي الأول» عام 1935: «إنّ نظام الحزب السوري القومي الاجتماعي ليس نظاماً هتلرياً ولا نظاماً فاشياً، بل هو نظام قومي اجتماعي بحت لا يقوم على التقليد الذي لا يفيد شيئاً، بل على الابتكار الأصلي الذي هو من مزايا شعبنا»(3). وفي خطاب أول آذار عام 1938، أشار أيضاً إلى أنّ العقيدة التي وضعها جاءت معبّرة عن مصالح الأمة وإرادتها، فقال: «إنّ تأسيس قضيتنا القومية في مبادئ الحزب السوري القومي التي كنت حريصاً جداً على أن تكون معبّرة عن مصالحنا وإرادتنا، أنقذنا من حالة اليأس وبدل من حالة التخبّط حالة الجلاء والعمل الجدي المنظم في الحزب القومي»(4). ولقد توصل سعاده إلى ذلك قبل تأسيسه الحزب، إذ قال في مقالته مبادئ أساسية في التربية القومية عام 1930: «كلّ مبدأ عام لا يكون الغرض منه خير الشعب وضمان وسائل تقدّمه نحو مثله الأعلى يكون عديم الفائدة»(5). ووفق ما طرحه سعاده، فإنّ المحافظة على شخصية الأمة وأسّسها النفسية والثقافية المتوافقة مع مطالبها العليا، يتطلب التنبّه إلى الأفكار التي تضخ يومياً ويتلقفها البعض دون تمييز، ودون معرفة ما يلائم المجتمع منها، أو ما يضرّ به. إذ لا يكفي أن تكون الأفكار براقة وهي ليست سوى شعارات تحاول بعض القوى نشرها وتعميمها لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، لأنّ لكلّ مجتمع مفاهيمه وقيَمه ونظرته الخاصة للأفكار المطلقة في العالم كالديمقراطية والحرية والنظام والقيَم والمثل العليا، فهي وإنْ كانت مطلقة في العالم، فإنّ لكلّ مجتمع نظرته الخاصة لها بما يتوافق مع نفسيته ومطالبه وحاجاته ونظرته إلى الكون والمجتمع الإنساني. وإذا كنا لا نستطيع إيقاف تسرّب الأفكار إلى مجتمعنا، فلا بدّ لنا من وضع خطة ثقافية تعزز مبادئنا وقيَمنا وثقافتنا الأصيلة وتحصن مجتمعنا من الانزلاق وراء الشعارات البراقة التي تغزّو مجتمعنا كما تغزو المجتمعات الأخرى. لأنّ في الأفكار المتسرّبة ما هو أخطر من الاحتلال المباشر.
المستندات:
1ـ الآثار الكاملة- الجزء الخامس عشر- صفحة 15- سعاده.
2ـ الآثار الكاملة- الجزء التاسع- صفحة 156- سعاده.
3ـ الآثار الكاملة- الجزء الثاني- صفحة 186- سعاده.
4ـ الآثار الكاملة- الجزء الرابع- صفحة- 38- سعاده.
5ـ الآثار الكاملة- الجزء الأول- صفحة- 330- سعاده.

 

 

الأمين الراحل ابراهيم الشمالي

صورة مستوصف اليازدية

كنا بتاريخ 07/01/2010 أوردنا نقلاً عن “البناء” عن التشييع الذي أقيم في بلدة “اليازدية” للأمين الراحل ابراهيم الشمالي.
جريدة “النهضة” الصادرة في دمشق أوردت تفاصيل اضافية عن التشييع المذكور، نرى فائدة من تعميمها بالنظر لما كان يتحلى به الأمين الراحل من نضال حزبي وحضور فاعل في متحده.
كان في وداع الأمين الراحل حشد كبير من المواطنين والقوميين الاجتماعيين من بينهم الأمناء: معين عرنوق، فايز شهرستان، أنطون أسبر، سهيل رستم، ميشال معطي، سميح ديب، ميخائيل معطي، نجيب حنا، جمال القحط، ومنفذ عام صافيتا الرفيق وائل يازجي ومنفذ عام دمشق الرفيق سمير حجار.
أدت مجموعة من القوميين الاجتماعيين تحية الوداع للأمين الراحل على مدخل بيته.
تقبّل التعازي الى جانب أفراد العائلة الأمين أنطون إسبر عضو المجلس الاعلى ومنفذ عام صافيتا الرفيق وائل يازجي، حيث كان قد نعي الأمين الراحل بإسم الحزب والعائلة معاً.
بعد الدفن حضر الأمين عصام المحايري من دمشق وقدم التعازي لأفراد العائلة.
نبذة عن الأمين الراحل ابراهيم الشمالي:
ولد الأمين ابراهيم الشمالي في قرية اليازدية – صافيتا عام 1931.
انتمى الى الحزب في أواخر الاربعينيات، أسس مديرية للحزب في قريته وقادها قبل ان ينتقل الى حلب للتدريس في المدرسة الانجيلية بحلب.
تخرج من كلية الحقوق في دمشق، وسافر الى بيروت بعد أحداث 1955 في الشام، حيث تسلّم هناك مسؤولية ناظر تدريب منفذية بيروت.
في أواسط السبعينيات سافر الى الخليج وبقي نحو 30 عاماً وحقق بعض النجاح، الذي لم يبخل بنتائجه على الحزب والمجتمع عند أول إشارة تعطى له محلياً أو مركزياً، من أهم إنجازاته في هذا المجال إنشاء وتجهيز مستوصف كامل لقريته والقرى المجاورة وسيارة اسعاف كاملة التجهيز ايضاً.
عن المستوصف، أورد الأمين ابراهيم الشمالي قصة تبرعه ببنائه ضمن كتيب حمل اسم “خواطر”، موضحاً انه كتب، رداً على الرسالة التي كانت جاءته من صديقه ميشال ايوب موسى، يفيده فيها: “انه على استعداد لتغطية كلفة البناء وثمن التجهيزات الكاملة بالاضافة الى سيارة اسعاف من آخر طراز، شريطة أن يُسمى المستوصف بإسم الدكتور
شاكر طعمة الشمالي(1) فنقل هذه الرغبة الى ذوي الشأن وتم الاتفاق على أن يسمى المستوصف بإسم مستوصف اليازدية وأن يعلق على جانب المدخل لوحة رخامية مكتوب عليها (شُيّدَ وجُهِزَ هذا المستوصف على نفقة ابراهيم سليمان الشمالي احياء لذكرى الدكتور شاكر طعمة الشمالي)…
وهكذا انطلق مشروع المستوصف حيث أنجز البناء وتم توريد التجهيزات في آب 1998 وتم الافتتاح الرسمي بتاريخ 06 تشرين الأول من العام نفسه ولم أحضر الافتتاح لأنني كنت في أبو ظبي.
صورة مستوصف اليازدية
من جميل المصادفات ان يجري هذا الافتتاح في الذكرى الـ 22 لوفاة والدي بتاريخ 06 تشرين الاول 1966.
وبتاريخ 05/03/1999 وصلت سيارة الاسعاف الى المنطقة الحرة في طرطوس وفي داخلها 17 صندوقاً مليئاً بالاجهزة واللوازم الطبية الحديثة جداً”.
هوامش:
(1)شاكر طعمة الشمالي: ابن عم الأمين ابراهيم. ولد في اليازدية عام 1904 وتوفي في الولايات المتحدة الاميركية عام 1976. لم يرزق بصبي يحمل اسمه، لذلك اقترح الأمين الشمالي ان يسمى المستوصف بإسمه.

 

 

الرفيق أنطون رومانوس

في فترة توليّ مسؤولية رئاسة مكتب الطلبة، تلك الفترة التي تلت الثورة الانقلابية تميّز حضورنا في ثانويات بيروت بالنوعية والكمية اللافتتين، بدءاً من ثانوية فرن الشباك الى مدرسة البشارة الارثوذكسية الى مدارس عديدة في العاصمة بيروت.
من هذه المدارس أذكر مدرسة الثلاثة أقمار التي كان يتولى إدارتها الأرشمندريت غريغوريوس صليبي (الأسقف لاحقاً)، وكان صديقاً للحزب وصديقاً شخصياً لي.
كان الأرشمندريت صليبي يتصل بي مع نهاية كلّ فصل دراسي، طالباً مني أسماء رفقاء جامعيين للتدريس في مدرسة الثلاثة أقمار وهذا ما كنت أقوم به كلّ عام دراسي.
أذكر من الأسماء الرفيق جان نادر، الذي ارتبط بالمدرسة لسنوات عدة، والمواطن الصديق إيلي مجدلاني، وأذكر انه عندما غادر الأرشمندريت غريغوريوس الى فرنسا، بقي على تواصل معي، حتى إذا عاد نهائياً الى الوطن زارنا في ضهور الشوير وكان لقاء ممتعاً في مدرسة الثلاثة أقمار.
كان الطالب الرفيق أنطون رومانوس يدرّس في مدرسة الثلاثة أقمار. كان كتلة من الأخلاق والنشاط والارتباط الصميمي في الحزب. كنت أرتاح إليه كثيراً وأتابع نشاطه الحزبي حتى انه عندما غادر المدرسة المذكورة استمرّيت على سؤالي عنه واستمر، لشدة إعجابي بأخلاقه وحميته الحزبية.
وعدني الرفيق أنطون ان يتوجه إليّ صيفاً إلا انّ ظروفه وظروفي لم تكن تسمح باللقاء الموعود.
مؤخراً اتصل بي الأمين الحبيب شوقي باز ليبلغني عن وفاة الرفيق أنطون.
كان الخبر صدمةً بالنسبة لي فهو ما زال في مقتبل عمره.
وفاءً لما أعرف عن ثبات إيمانه، أنعيه الى كلّ الرفقاء الذين عرفوه في تلك الفترة، وأنشر أدناه النعي الذي كان ورد من حضرة الأمين شوقي.
تبقى يا رفيق أنطون في أحلى الأمكنة في نفسي، وسأذكرك دائماً مع العدد الكبير من الرفقاء الممتازين قومياً اجتماعياً الذين عرفتهم في فترة توليّ مسؤولية الطلبة. عنهم تكلمت في نبذات سابقة وآمل ان أتكلم عنهم أكثر وفاء لهم.

 

 

من رفقاء رأس بيروت المعروفين

 

الرفيق بترو بخعازي
من الرفقاء الذين نشطوا في رأس بيروت، وكان بيته مشرّعاً للعمل الحزبي، وشبه مقر عسكري في حوادث العام 1958. هو معروف من أهالي رأس بيروت بهويته الحزبية، وكنت على علاقة جيدة معه عندما كان مقيماً في رأس بيروت (بالقرب من مستشفى الخالدي، الى جوار منزل نسيبة لي من آل ناصيف تأهّلت من والد الصديق إميل ورده). ثم انتقل الى منطقة مستشفى اوتيل ديو مؤسِّساً معملاً لألبسة فاليزير valisaire، فانقطعت عنه إلا لماماً.
انما اذا رغبنا ان نتحدث عن الحضور الحزبي في رأس بيروت لما أمكننا إلا أن نورد اسم الرفيق بترو بخعازي بين الأوائل.

الرفيق إيلي ربيز
بدوره نشط جيداً وكان معروفاً لدى أهالي بيروت صاحب مكتبة في شارع المكحول. كان من النوعية الجيدة بأخلاقه وسويته، استمر على علاقة جيدة بالحزب خاصة انه مقيم صيفاً في ضهور الشوير.
عندما نحكي عن الحزب في رأس بيروت لا بدّ أن نذكر الرفيقين بترو بخعازي وإيلي ربيز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى