أولى

الضغوط الأميركية لا تنفع

يرسل الرئيس الأميركي جو بايدن مدير مخابراته وليام بيرنز ومستشاره بريت ماكغورك إلى المنطقة، ومن واشنطن بيانات متلاحقة من وزارة الخارجية والبيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، وتصريحات من الوزراء والمسؤولين، والعنوان واحد، هناك عرض إسرائيلي يشبه العرض الذي وافقت عليه حماس من قبل وعليها إعلان الموافقة هذه المرة وليس لها أن تطلب موافقة إسرائيلية لأن المقترح إسرائيلي.
الضغط المتسارع لم يحدث مثله على قيادة الكيان يوم قبلت حماس بالعرض الذي صاغه وليام بيرنز ووافقت عليه حماس، ولم يكن مقترحها أصلاً، فإن كان ما تدعيه واشنطن صحيحاً فلم السعي لسلق الأمور بسرعة، ولم هذا التدافع بالمواقف، وهو بالتأكيد ليس حرصاً على المدنيين الذين يقتلهم جيش الاحتلال بالأسلحة الأميركية أو يجوعهم بحصار تحت عين ورضى وبقبول واشنطن التي تتحدث عن النصائح والنصائح فقط. وإن كان العرض الجديد يشبه العرض القديم فلمَ لا يتم اعتبار الموافقة السابقة لحماس كافية والسير بالمقترح القديم، وقد قدّمه الوسطاء وليس أحد طرفي الصراع؟
الحقيقة يعرفها الأميركي لكنه يتجاهلها، وهي أن الفارق بين العرضين هو في عدم وجود نصوص واضحة تبين مصير الحرب والحصار وبقاء الاحتلال وانسحابه من غزة، والأميركي الذي يرد على الكلام المصري والقطري عن أن حماس تتعامل إيجاباً مع مبادرة بايدن، انه لا يهتم لما يقال هنا وهناك بل ينتظر رداً رسمياً، هو الأميركي ذاته الذي يطلب من حماس أن تربط مصير شعبها ومقاومتها وقضيتها بكلام يقال هنا وهناك عن وقف الحرب وإنهاء الحصار وتحقيق انسحاب جيش الاحتلال، لكنه لا يرد بشكل رسمي. وهذا هو الفارق بين العرضين، عرض يتضمّن نصوصاً واضحة، وعرض آخر يفتقد إليها ويستعيض عنها بالضبط، كما وصف جون كيربي ترحيب حماس بمبادرة بايدن، كلام يُقال هنا وهناك.
تريد واشنطن من حماس أن تقبل تحت الملاحقة بالقبول، والإكثار من كلام هنا وهناك بأن ما تريده ويريده شعبها ومقاومتها ويخدم قضيتها سوف يتحقق عبر قبولها، وعند السؤال كيف، يكون الجواب اعتمدوا على كلام يُقال هنا وهناك. وفي تل أبيب لم تقل الحكومة إنها تتبنى كلام بايدن بل وصفته بعدم الدقة، وهذا ليس كلاماً يقال هنا وهناك بل كلام رسمي ورغم ذلك لا يرفّ له جفن أميركي، فيكفي أن تقبل حماس، وماذا سوف يحدث عندها؟
ما سوف يحدث هو أن حماس سوف تفرج عن كل الأسرى وليس بين يديها أي نص يقول بإنهاء الحرب والحصار والانسحاب من كامل قطاع غزة، وعليها عندها أن تلهث وراء الرئيس الأميركي لسؤاله عن تنفيذ تعهداته في كل واحد من البنود، ويكون مع انتهاء تطبيق الاتفاق، قد دخل الرئيس في الكوما الانتخابية، وعندما يستفيق لن يكون رئيساً على الأرجح، ويأتي رئيس جديد معروف سلفاً، هو دونالد ترامب الذي ألغى اتفاقاً صريحاً واضحاً موقعاً ومصادقاً عليه من مجلس الأمن، هو الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، ويجاهر من اليوم بأن دعم كيان الاحتلال هو أولويته.
المقاومة لن ترضخ للضغوط، وعلى مَن يريد تحميلها مسؤولية إضاعة فرصة اتفاق أن يعلم أنه اتفاق لإنقاذ بنيامين نتنياهو وليس اتفاقاً لوقف المذبحة المفتوحة بحق الفلسطينيين. وهذا اتفاق يستحق الرفض.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى