أولى

ماذا لو قبلت حماس صفقة بايدن؟

يقول بعض المحللين إن على حركة حماس أن تقبل بصفقة بايدن، لأنها بذلك تعيد الكرة الى ملعب بنيامين نتنياهو الذي يريد التهرّب من الصفقة وتحميل حماس مسؤولية الفشل، ويضيفون أن قبول حماس سوف يُحرج نتنياهو، ويضعه أمام أحد احتمالين فإن رفض الصفقة ربحت حماس، كما في المرة السابقة، أكثر لأن الأميركي هذه المرة هو صاحب العرض رسمياً وعلناً، وإن قبل نتنياهو فإن الأحزاب اليمنية المتطرفة سوف تترك الحكومة، وسوف يكون التشقق هو حال الكيان نحو انتخابات مبكرة، ولن يستطيع أحد بعدها تجميع القوة اللازمة سياسياً وعسكرياً للمغامرة بالعودة إلى الحرب.
إذا وضعنا جانباً الاعتبارات المبدئية والأخلاقية التي بنت المقاومة قوتها عليها، وقبلنا النقاش المصلحي البراغماتي، فإن الحديث يدور عن صفقة لا تتضمن نصاً يتحدّث عن وقف الحرب بل عن تفاوض حول شروطه ليس مشروطاً أن يصل الى نتيجة. والنص لا يتضمن انسحاباً كاملاً لجيش الاحتلال من قطاع غزة بل مغادرة المناطق المأهولة، ولا فكاً للحصار. وهذا النص إذا قبلته المقاومة يجب على أحد أن يُخبرنا عن سبب رفضه من قبل نتنياهو، وعن سبب مغادرة أحزاب اليمين للحكومة، لأن هذا النص انتصار لنتنياهو وأحزاب اليمين معه ليقولوا سوف نعيد الأسرى دون التزام بوقف الحرب ودون سحب الجيش من قطاع غزة وفك الحصار عنه. وسوف يحتفل نتنياهو وحلفاؤه بالنصر ويقولون لقد ثبت أن ما كان يطلبه الانهزاميون ويقولون لن يعود الأسرى بدونه هو تخاذل، وقد ثبت أننا أعدنا الأسرى دون هذا الثمن المكلف عبر رفضنا قبول وقف الحرب ونجحنا. وفي الانتخابات سوف يحصد نتنياهو وحلفاؤه الأغلبية، لأن نتنياهو يحتاج الى هدنة طالما لم يعلن التزاماً بوقف الحرب. وهدنة تنهي ملف الأسرى وتتجاوز موعد الانتخابات الأميركية، مناسبة جداً لنتنياهو ليربح انتخاباته وهو يملك القدرة على العودة الى الحرب بعد إعادة تركيب سياسي وعسكري للمشهد في الكيان على إيقاع وصول دونالد ترامب الى الرئاسة الأميركية.
تمسّك المقاومة بشروطها بالمقابل قد يعرّضها لضغوط يمكن تحملها، ولكن الذي سوف يحدث هو أنه سوف يكون على جيش الاحتلال مواصلة خوض حرب استنزاف على جبهتي الشمال والجنوب بنصف قوامه ونصف معنوياته وربع الرأي العام، دون هدنة ودون استراحة. والباب الوحيد للخروج هو قبول شروط المقاومة بتضمين الاتفاق نصاً واضحاً لوقف الحرب، وعندها سوف يكون الكيان بعد الاتفاق أمام هزيمة يجب أن يدفع أحد ثمنها، ونتنياهو هو المرشح الأول ومعه حلفاؤه، ويبدأ النقاش الوجودي في الكيان حول كيفية تفادي مزيد من التراجع على خلفية الاعتراف بتغيّر موازين القوى.
أيّهما الأفضل للمقاومة؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى