مانشيت

الأمم المتحدة تضع الكيان على القائمة السوداء… وتل أبيب تخشى وقف السلاح / حماس توزع مذكرة على الدبلوماسيين تحذر فيها من قرار أمميّ قبل الاتفاق / المقاومة جنوباً تفرض إيقاعاً جديداً على عمق الكيان: مسيّرة تصل إلى 50 كلم

كتب المحرّر السياسيّ
تتوسّع يومياً الدائرة الدولية المتحرّرة من عقدة النقص والخوف في التعامل مع كيان الاحتلال، ومن عقدة الذنب تجاه الكيان، وعقدة القلق من الاتهام بالعداء للساميّة، وعلى طريق تحرر المنظمات الأممية من التبعية العمياء للهيمنة الأميركية، بدأت محكمة العدل الدولية وتبعتها نسبياً محكمة الجنايات الدولية حتى جمّدتها واشنطن عبر التلويح بالعقوبات، وواظبت اليونيسيف والأنروا ومنظمة الصحة العالمية ووكالات أممية عديدة على التحرّر من هذه التبعية وهذه الهيمنة، وشكل مكتب الأمانة العامة وتصريحات المتحدثين بلسانه في شؤون مختلفة على اتخاذ مواقف استقلالية شجاعة، توّجها أمس قرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بإدراج كيان الاحتلال على القائمة السوداء، على خلفية جرائم مفترضة بحق الأطفال، وفقاً لتقدير محكمة العدل الدولية في الدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا. ووقع القرار على تل أبيب وقوع الصاعقة، وأبدت حكومة بنيامين نتنياهو كما نقلت عنها هيئة البث الإسرائيلية خشيتها من أن تكون أولى عواقب القرار فرض حصار على بيع الأسلحة لكيان الاحتلال، بينما بدأت حملة منظمة ضد غوتيريس شخصياً وتصنيفه عدواً للكيان وداعماً لقتل “اليهود” وعدواً للسامية.
على صعيد مسار التفاوض جمود كامل، واليوم يفترض أن يظهر الموقف النهائي لعضو مجلس الحرب في الكيان بني غانتس من مصير قراره بالاستقالة، وفق التحذير الذي وجهه إلى نتنياهو بالاستقالة ما لم يقم باتخاذ خطوات جدية على طريق إنجاح المسار التفاوضي. وفي ظل ترقب موقف بني غانتس، واستمرار الضغوط الأميركية لدفع حركة حماس لقبول نص اتفاق لا يتناسب مع مضمون العرض السابق للوسطاء الذي قبلته الحركة، أصدرت حماس مذكرة وزّعتها على الدبلوماسيين تشرح فيها موقفها، وتقول إن النص الذي وصلها مخالف لما قاله الرئيس الأميركي عن وقف الحرب والانسحاب الشامل، وتؤكد أنها لن توقع اتفاقاً لا يتضمّن الوضوح المطلوب في هاتين القضيتين بمثل ما يتم تثبيت نصوص واضحة حول ملف الأسرى. وحذّرت حماس في مذكرتها الدبلوماسية من خطورة صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يستبق التوصل الى اتفاق.
على جبهات المواجهة فالمقاومة في اليمن والعراق وغزة تكتب صفحات جديدة من الإنجازات، بينما سجلت المقاومة على جبهة لبنان حدثاً كبيراً تمثل ببلوغ إحدى طائراتها المسيّرة عمق 50 كلم من الحدود للمرة الأولى عبر استهداف مقار قيادية عسكرية في منطقة مرج بن عامر شرق العفولة، وعلى مسافة 10 كلم من جنين في الضفة الغربيّة، جنوب حيفا بـ 15 كلم. وقد تعامل إعلام كيان الاحتلال مع الخبر بذعر ورعب شديدين باعتبار الحدث يؤكد الهيمنة على الأجواء التي يفرضها حزب الله منذ شهر على الأقل..

وفيما لا تزال «الورقة القطرية» حول وقف إطلاق النار في غزة قيد الدرس لدى قيادة حركة حماس، علمت «البناء» أن المقاومة الفلسطينية لن توافق على أي اتفاق لا يتضمّن تنفيذ مطالبها الأساسيّة المتعلقة بوقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وليس من المناطق المأهولة فقط، إضافة إلى إطلاق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وإعادة الإعمار في قطاع غزة ودخول المساعدات الإنسانيّة.
وبقيت الجبهة الجنوبيّة في الواجهة في ضوء التهديدات الإسرائيلية بتوسيع العدوان على لبنان رداً على ارتفاع وتيرة عمليات حزب الله ضد مواقع وقواعد ومنصات القبب الحديدية في شمال فلسطين المحتلة. وما يلفت هو مشاركة وسائل إعلام محلية وقوى سياسية لبنانية بحملة التهديدات والحرب النفسية الإسرائيلية على لبنان. وكرّرت مصادر مطلعة على الوضعين الميداني والسياسي لـ”البناء” استبعادها قيام العدو الإسرائيلي بحرب شاملة على لبنان، رغم ضجيج قادة الاحتلال المهزومين في أرض الميدان في غزة ورفح، واضعة سيل التهديدات في إطار تطمين المستوطنين الذين يطلقون صرخات الخوف من حزب الله وتعبوا من الوضع القائم والمؤلم والذي لم تشهده “إسرائيل” في تاريخها ولم يعهده المستوطنون في كل الحروب السابقة، إضافة إلى التعويض عن فشل وزراء وجنرالات الحرب في تغيير المعادلة الميدانيّة في غزة وتحقيق أهداف الحرب، كما قالت صحيفة هآرتس أمس.
وشدّدت المصادر على أن لا ضوء أخضر أميركياً لتوسيع الحرب الإسرائيلية على لبنان لا سيما في الوقت الحالي على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات الأميركية، فضلاً عن استنزاف الطاقة القتالية والتسليحية للجيش الإسرائيلي في غزة ورفح خلال ثمانية أشهر، عدا عن قوة ردع المقاومة والقدرات الكبيرة التي تملكها وشهدنا بعضها خلال الأسابيع الأخيرة على جبهة الجنوب.
وأضافت المصادر أن واشنطن تبذل جهوداً دبلوماسية مكثفة منذ بداية الحرب على غزة، أكان بالتهديد أو بالإغراءات للحؤول دون توسيع رقعة الحرب بين لبنان وكيان الاحتلال ولا زالت الرسائل والعروض تصل توالياً حتى الآن، وذلك خشية وقوع حرب تعمق أزمة الكيان وهزيمته، فهل مَن يستجدي التهدئة على الجبهة الجنوبية ويسعى لإطفاء نيران الحرب في غزة وتطويق امتداداتها إلى المنطقة، سيسمح لحكومة المجانين في “إسرائيل” بشنّ عدوان شامل على لبنان؟
وكشفت أوساط معنيّة بالتفاوض لـ”البناء” أن وقف الحرب على غزة ستكون ساعة وقف إطلاق النار على جبهة الجنوب، وكل الحديث عن أن استمرار الحرب على لبنان بعد وقف إطلاق النار في غزة يوضع في إطار الضغوط والحرب النفسيّة. ولفتت الى أن “إسرائيل” لم تردّ على الورقة الفرنسية التي حملها المسؤولون الفرنسيون مؤخراً، وقد سلّم رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد التشاور مع حزب الله الملاحظات التي لا تخدم المصالح الوطنية اللبنانية وتحقيق الاستقرار في الجنوب.
ميدانياً، استهدفت المقاومة مرابض مدفعية العدو الصهيوني في خربة ماعر وانتشارًا لجنوده ‏في محيطها بقذائف المدفعية، كذلك استهدفت آلية عسكرية للعدو داخل موقع بركة ريشا بصاروخ موجّه أصابها ‏إصابة مباشرة، وانتشارًا لجنود العدو الصهيوني في حرش ‏نطوعا بالأسلحة الصاروخية.‏
في المقابل، استهدف طيران العدو الحربي منطقة كسارة العروش في جبل الريحان، بصاروخي جو -أرض. كما نفّذ، عدداً من الغارات الوهميّة فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل، ما أدّى إلى تكسير الزجاج في عدد من المدن والقرى.
ويواصل الإعلام الإسرائيلي الكشف عن الصورة الحقيقية لواقع التخبّط السياسي والعجز العسكري في التعامل مع جبهة الشمال ومواجهة خطر حزب الله، واعتبرت صحيفة “معاريف” العبرية أن الجيش الإسرائيلي وبعد ثمانية أشهر من الحرب في قطاع غزة، ومن المشكوك فيه أن يكون لديه القدرة على شن حرب واسعة النطاق في لبنان أيضاً، وتساءلت “أولئك الذين لم ينجحوا في إخضاع حماس لمدة ثمانية أشهر، كيف سيتمكنون من هزيمة حزب الله؟”. وأضافت الصحيفة العبرية “الوعد أمام الجمهور بإمكانية تدمير لبنان والخروج من الحدث بسلام ليس الوهم الوحيد الذي يخرج من أفواه قادتنا هذه الأيام، هناك تصريحات مؤسفة أخرى، على سبيل المثال، الوعد بإطلاق سراح المحتجزين عبر الضغط العسكري”. وأردفت “بعد ثمانية أشهر من اندلاع الحرب، قتل الجيش الإسرائيلي عددًا من المحتجزين عن طريق الخطأ أكثر ممن أُطلق سراحهم”.
في المواقف رأى نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن إيران هي قائدة حركة التحرّر وحركات المقاومة وتتحمل كل أعباء مواجهة النظام الأحادي الداعم للكيان الصهيوني.
وفي كلمة له خلال إحياء ذكرى رحيل الإمام الخميني في حفل أقامته السفارة الإيرانية في بيروت اعتبر قاسم أنّ غزة منصورة بالحق في الأرض وبالمقاومة وبالوحدة الإسلامية التي امتدت في المنطقة وبالتجارة مع الله، مؤكدًا أنّ الاحتلال الصهيوني مهزوم بارتكاب الإبادة ضد الأطفال والنساء والأبرياء. وهذا الكيان عاجز، يعاني من تمزّق كامل لقواه السياسية والشعبية، فهم لا يجتمعون على رأي، وهم في حالة من الفوضى. وأكّد أن مواجهة حزب الله للعدو الصهيوني في جنوب لبنان هي مواجهة مساندة للمقاومة الفلسطينية ودفاع عن فلسطين، مشددًا على أن في مواجهة الميدان الكلمة للميدان، ولا حديث للسياسة ولن تتوقف هذه الجبهة إلا بتوقف إطلاق النار في غزة.
ولفت الشيخ قاسم إلى أنه ليس لدى حزب الله مشروع للانزلاق إلى الحرب، ولكن إذا انزلقت “إسرائيل” يعني أنها قررت الحرب وحزب الله سيواجه ذلك، مؤكدًا أن “ما ترونه من ردود مؤلمة على العدو هي لردع “إسرائيل”، وهذه الردود محدودة بأهدافها، وليست ما يمتلكه حزب الله من قدرة للردود التي يحين وقتها”.
وتساءل الشيخ قاسم: “هل يُعقل أن نوقف جبهة المساندة وإطلاق النار مستمر في غزة. ليكن معلومًا لديكم في مواجهة الميدان الكلمة للميدان، ولا حديث في السياسة، وإذا أردتم السياسة لتؤثر على الميدان أوقفوا الحرب في غزة لتتوقف في لبنان، أوقفوها في غزة واتفقوا مع الفلسطينيين تتوقف عندنا دون أن نتعاطى في التفاصيل”.
على المستوى الرسمي، رحّب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالبيان الصادر عن قادة فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا، ولفت إلى أنَّ “الاتصالات الديبلوماسية اللبنانية جنّبت لبنان في العديد من المحطات مخاطر الخطط الإسرائيلية لتوسيع الحرب، ليس في اتجاه لبنان وحسب، إنما على مستوى المنطقة، وهذا التوجّه عبّر عنه بيان الدول الأربع بتشديده على العمل لتجنب التصعيد الإقليمي”.
وكان رؤساء دول وحكومات اللجنة الرباعية (فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا) قد أكدوا في بيانهم الصادر في باريس أن الحفاظ على استقرار لبنان مسألة حيوية، مشددين على عزمهم لتضافر الجهود من أجل الحد من التوتر على طول الخط الأزرق تطبيقًا للقرار 1701، ودعا الرؤساء جميع الأطراف لضبط النفس وتجنب أي تصعيد في المنطقة.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش إلى “وقف الهجمات المتبادلة بين “إسرائيل” وحزب الله على طول الحدود بين الدولة العبرية ولبنان”، معرباً عن قلقه من خطر نشوب “صراع أوسع نطاقاً تكون له عواقب مدمّرة على المنطقة”، بحسب “وكالة الصحافة الفرنسية”. وقال المتحدّث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك في بيان إنّه “مع استمرار تبادل إطلاق النار حول الخط الأزرق، فإنّ الأمين العام يدعو الأطراف مرة أخرى إلى وقف عاجل لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701”. وأبدى الأمين العام أسفه “لأنّنا فقدنا بالفعل مئات الأرواح، ونزح عشرات الآلاف، ودُمّرت منازل وسبل عيش على جانبي الخط الأزرق”.
على صعيد آخر، وغداة قرار المدعي العام التمييزي بالتكليف القاضي جمال الحجار بكفّ يد النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، وجّه الرئيس ميقاتي كتابًا إلى الوزارات والإدارات العامّة كافّة، لوجوب التقيّد والالتزام بالتّعميم الّذي أصدره النّائب العام.
بدورها تساءلت القاضية عون: “فهِمتوا يا جماعة الخير شو يعني؟ يا مودعين يا منهوبين، أي أنّه ممنوع أن تعرفوا أين ذهبت الـ8 مليارات دولار. ممنوع أن تعرفوا ما وثّقته شركة “ألفاريز آند مارسال”، وممنوع أن يعطي حاكم مصرف لبنان السّابق معلومات”. وشدّدت في تصريح، على أنّ “هذه الخطّة لسرقة أموالكم، وممنوع أن تفتحوا فمكم، وممنوع أن يحاسب القضاء على سرقة أموالكم. يا للعار!”، سائلةً: “متى ستستفيقوا وترفضوا هذه السّرقة المفتوحة؟”. وتوجّهت إلى ميقاتي، قائلةً: “هذه الاستباحة للدستور غير مقبولة. هناك فصل سلطات، ولا يحقّ لك إرسال هذا الكتاب للإدارات، ولا يحقّ لك مخالفة المادّة 7 من القانون رقم 206/2022 لحماية نفسك أو أي شخص آخر”، مؤكّدةً أنّك “تخالف القانون صراحةً، وهذا يعرّضك للملاحقة”.
وكانت عون قالت في تصريح سابق: “أطمئنكم بأنني لن ارتكب جرم الاستنكاف عن إحقاق الحق. انا ملزمة وفقاً لقسمي بالنظر في كل ادعاء يقدّم لي”.
بدوره، سأل التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل: “‏كيف يحق لأي كان أن يمنع الضابطة العدلية من أن تستجيب لإشارات مدعي عام، أي أن يكف يده عملياً؟ هذا الأمر يعود للمجلس التأديبي وليس لقاضٍ آخر. وأوضح باسيل في تصريح له على “إكس”: لقد صح ما نبهنا منه مراراً من أن تتم ملاحقة القضاة الذين يلاحقون الفاسدين ومن سرقوا أموال المودعين عوض مكافأتهم، وهذا ما يتم على يد المنظومة الحاكمة التي تريد إدامة إمساكها بالقرار المالي والاقتصادي والقضائي…
وأضاف باسيل: هل كانت المنظومة لتفعلَ الأمر نفسه مع المدعين والقضاة المتقاعسين والمحميين؟ أم أن الاستسهال وصل الى درجة المس فقط بمدعي عام جبل لبنان، وجرمها أنها تتجرأ على فتح ملفات لا يجرؤ الآخرون عليها! فأين التدقيق الجنائي؟ أين ملف أوبتيموم؟ أين رياض سلامة المطارَد دولياً والمحمي محلياً في كنف هذه المنظومة؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى