أخيرة

دبوس

لم يتغيّر شيء

هكذا كانوا على مدى العصور والأزمان، وعبر التاريخ وفي كلّ الحقبات، وهكذا كانت علاقتهم بالرب أرادوها علاقة مصلحيةً، يتطلعون دائماً من خلالها الى الانتفاع الدنيوي، والجائزة الآنيّة، ويريدون للمكافأة أن تأتيهم على طبق من الفضة، دون ان يكلّفوا أنفسهم جهد المعاناة…
الأغلبية الساحقة من هذه الكينونة الشيطانية هم من العلمانيين، الذين لا يكادون يؤمنون بأنّ الله هو رب هذا الكون، ولكنهم بالرغم من ذلك يرون ان الله وعدهم بهذه الأرض، 600 عائلة حتى الآن، وهم أول الغيث، تقدّمت بعريضة لرئيس أركان حرب الجيش القاتل للأطفال، هيرتسي هاليفي، مطالبين إياه بأن يعامل أبناءهم تيمّناً بأبناء الحريديم، أي أن يعفيهم من الخدمة في الجيش، «أولادنا ومن ورائهم أهاليهم، يتسابقون لنيل شرف الاستشهاد في سبيل الوطن والمقدسات والدين، بينما يتسابق هؤلاء الأوغاد للتهرّب من القتال في سبيل «أرض الميعاد»!
لم يتغيّر شيء على مدى آلاف السنين، ومنذ أكثر من ثلاثة آلاف عام، هم ذاتهم الذين يتهرّبون من القتال الآن، ويتسابقون في التمنّع عن أداء ضريبة الدم، حتى عن «أرض ميعادهم» المزعومة، هم ذاتهم الذين قالوا لموسى، «إذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون».
ونحن ما زلنا كما نحن، ومنذ ألف وخمسمائة عام، نفس التابعين للرسول الأعظم، والمتفانين في التضحية في سبيل الله والأوطان والشعوب، نفس أولئك الذين قالوا للرسول الحبيب، «لن نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى، اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون، بل سنقول لك، اذهب انت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون».
لم يتغيّر شيء، نفس الضلال، ونفس المقدرة على خداع الذات ومحاولة خداع الآخرين، بأنهم متميّزون، وأنهم شعب الله المختار، وأنّ الآخرين هم أغيار كفّار يستحقون القتل أو الاستعباد، لم يتغيّر شيء…
سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى