هوكشتاين وفرص التهدئة تنتظر التزام الاحتلال بالضوابط ووقف الحرب بعد غزة / فيديو «الهدهد» حلقة 1 : حيفا ومجمعاتها العسكرية والاقتصادية والسكانية أهدافاً / نتنياهو يلوّح بالحرب الأهلية بوجه المعارضة إذا هدّدت سلطته وحربه دستورياً /
كتب المحرّر السياسيّ
سمع المبعوث الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين في بيروت ما كان يتوقع سماعه مرة جديدة، وما كان مهيأ لسماعه، بل لتقبله بعدما قالت وزارة الخارجية الأميركية مؤخراً تعليقاً على تهديدات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ «عملية عسكرية قوية» على لبنان، أن أي عمل عسكري كبير يمثل خطراً على أمن «إسرائيل» ومستقبلها، وأن وقف النار في غزة يتكفل بوقف النار على جبهة لبنان، وفيما شارك هوكشتاين محدّثيه، وخصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري القناعة بعبثية ولا جدوى البحث بوقف النار على جبهة لبنان، إلا بعد وقفها على جبهة غزة، حاول استكشاف إمكانية تخفيض التصعيد، خصوصاً أن مراحل التفاوض على مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن تبدو قريبة برأيه رغم كل مناخات الحرب المخيّمة على غزة، مشيراً إلى قرب نهاية عملية رفح، فسمع كلاماً أعاده الى تل أبيب، ومضمونه أن المقاومة لم تذهب الى التصعيد بقرار يتصل بفهمها لدور جبهة الإسناد الذي اختارته لجبهة الجنوب، فخطتها كانت ولا تزال بحصر المواجهة في المدى الجغرافي الأمامي الممتد من 5-10 كلم، وتصعيدها كان دائماً موضعياً رداً على انتهاك جيش الاحتلال لهذا المدى، لتنفيذ عمليات اغتيال أو لقصف المدنيين، كمثل اغتيال الشيخ صالح العاروري واغتيال القيادي أبو طالب أو القيادي وسام الطويل، أو غاراته على بعلبك او الغازية او سواها، وأن المقاومة لا تمانع بالالتزام بالمدى الجغرافي المقرّر من طرفها، ما لم يقم جيش الاحتلال بانتهاك هذا المدى. وعندما يفعل لن تكتفي المقاومة بالذهاب الى عمق الجغرافيا بل الى أنواع متناسبة من السلاح مع وظيفة الردع لعمليات العمق وطبيعة الأهداف التي تحددها لمهمة الردع.
المقاومة من جهتها لم تعلق على زيارة هوكشتاين، لكنها واكبتها على طريقتها فنشرت تسجيلاً مصوراً لجولة طائرة أو طائرات مسيّرة سمّته الهدهد الحلقة – 1 -، حمل رسائل ردع عالية السقف، ففيه منطقة حيفا، وضمنها مصانع رافاييل للأسلحة والمعدات الحربية والعديد من مواقع القبة الحديدية، وميناء تجاري أول ومطار ومجمعات سكنية ومقار الغواصات والقوات البحرية الخاصة والمدمرات ساعر، وخزانات النفط والمواد الكيميائية ومحطة توليد الكهرباء. وفي التسجيل ما يوحي عبر رسم صاروخ مجنّح أن الأهداف الواردة في التسجيل هي مشاريع استهداف بالصواريخ الدقيقة.
داخل كيان الاحتلال ارتفعت مجدداً التحذيرات من خطر الحرب الأهلية، لكن هذه المرة على لسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي اتهم المتظاهرين باللجوء الى العنف الذي يهدد بالحرب الأهلية، وهو ما رآه متابعون عن كثب لشؤون الكيان بداية تمهيد من نتنياهو إلى استخدام ميليشيات اليمين المتطرف لمواجهة المتظاهرين، منعاً لتدحرج كرة ثلج معارضة بدت تتعاظم، ما لم يمنع تعاظمها بالقوة، مستعيناً بما فعله وما يقوله صديقه وشبيهه دونالد ترامب، اللجوء إلى السلاح والمسلحين لمحاولة اغتصاب السلطة ورفض المسار الانتخابي، والتلويح بالحرب الأهلية إذا تمّ تهديد وصوله أو بقائه في السلطة.
لم تكن زيارة الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين الى لبنان على غرار زياراته السابقة، فهي حملت تحذيراً للبنان من احتمال «إسرائيل» شنّ حرب على لبنان بعد انتهاء عملياتها في رفح، وأن لا بدّ من العمل من أجل عودة الأمور الى ما كانت عليه في الايام الاولى للمواجهات بين حزب الله و»إسرائيل» والتي كانت الى حد كبير منضبطة ولم تتجاوز الخطوط الحمراء. في حين تبلّغ هوكشتاين من لبنان، بحسب مصادر مطلعة، لـ»البناء» أن الكرة بملعب «إسرائيل» لتجنب الحرب، في حين أن الوسيط الاميركي دعا القوى السياسية الى الضغط على حزب الله لتجنب التصعيد والالتزام بقواعد الاشتباك وأن لا تزال هناك إمكانية للتهدئة.
وكان هوكشتاين الذي غادر لبنان مساء أمس، انتقل مجددا الى تل ابيب حيث التقى رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقالت هيئة البثّ الإسرائيليّة في هذا الإطار، إنّ هوكشتاين قال لنتنياهو إنّ “حزب الله غير مستعدّ لوقف إطلاق النار في الشمال قبل وقف حرب غزة”.
وبحسب ما أشار البنتاغون فإن لا أحد يريد أن يرى حرباً إقليمية أوسع. ونحن نعمل مع شركائنا في الشرق الأوسط للتوصل إلى حل دبلوماسي بشأن الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، إنّ الأوضاع على الحدود بين لبنان و”إسرائيل” متقلبة للغاية بشكل مثير للقلق.
وأضافت ليف أنّ وقف إطلاق النار في غزة سيُمثّل اختراقاً من أجل الوصول إلى حلّ على الحدود بين لبنان و”إسرائيل”. وتابعت: “نضغط على الشركاء الرئيسيين لفعل ما بوسعهم لحث حماس على قبول مقترح وقف إطلاق النار”.
وأكد هوكشتاين “أننا نريد تجنب مزيد من التصعيد بين “إسرائيل” ولبنان بدلاً من حرب مفتوحة”، مشيراً إلى أن “الوضع على الحدود بين لبنان و”إسرائيل” في غاية الخطورة، ونسعى لوقف التصعيد تفادياً لحرب كبيرة”، معتبراً من عين التينة أن “الاتفاق الذي حدده الرئيس بايدن في 31 أيار 2024 والذي يتضمن إطلاقاً للرهائن ووقفاً دائماً لإطلاق النار وصولاً لإنهاء الحرب على غزة، هذا الاقتراح قُبِل من الجانب الاسرائيلي ويحظى بموافقة قطر، ومصر ومجموعة السبع، ومجلس الأمن الدولي. إن هذا الاتفاق يُنهي الحرب على غزة ويضع برنامج انسحاب للقوات الاسرائيلية، فاذا كان هذا ما تريده حماس عليهم القبول به”. وأضاف “إن وقف إطلاق النار في غزة ينهي الحرب، أو حل سياسي آخر ينهي الصراع على جانبي الخط الأزرق”.
والتقى هوكشتاين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي أكد “أن لبنان لا يسعى الى التصعيد، والمطلوب وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان والعودة الى الهدوء والاستقرار عند الحدود الجنوبية”. وقال: “إننا نواصل، السعي لوقف التصعيد واستتباب الأمن والاستقرار ووقف الخروق المستمرة للسيادة اللبنانية وأعمال القتل والتدمير الممنهج التي ترتكبها “إسرائيل””. وشدّد على “أن التهديدات الإسرائيلية المستمرة للبنان، لن تثنينا عن مواصلة البحث لإرساء التهدئة، وهو الأمر الذي يشكل أولوية لدينا ولدى كل أصدقاء لبنان”.
وأشارت أوساط حكوميّة شاركت في اجتماع هوكشتاين مع الرئيس ميقاتي، إلى أن الوضع قابل للتهدئة على الرغم من التصعيد الأخير بين حزب الله و”إسرائيل”… وأفيد أن الموفد الأميركي التقى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب قبل مغادرته بيروت.
ومع ذلك واصلت “إسرائيل” تهديداتها للبنان. وقال وزير الخارجية العدو يسرائيل كاتس “نقترب جدّاً من لحظة اتّخاذ القرار بشأن تغيير قواعد اللعبة ضدّ “حزب الله” ولبنان”، في حين أصدر وزير الحرب يوآف غالانت تعليماته للجيش برفع درجة الاستعداد لحرب في لبنان.
الى ذلك ردّ حزب الله على زيارة المبعوث الأميركي، والتحذيرات التي نقلها باحتمال شن “إسرائيل” حرباً على لبنان حيث نشر الإعلام الحربي لحزب الله مشاهد مصورة بطائرة مسيّرة، تتضمن مسحاً دقيقاً لمناطق في مدينة حيفا وشمالي فلسطين المحتلة. وكشف الفيديو، الذي تجاوزت مدته 9 دقائق، صوراً عالية الدقة لميناء ومطار حيفا بالكامل، ومستوطنة الكريوت، ومواقع عسكرية ومنشآت بتروكيميائية حساسة.