أولى

«إسرائيل الصغرى» المهزومة… على طريق الزوال

أحمد بهجة
لا تتوقف الأحداث والتطورات المتسارعة عن إعطاء الإشارات والدلائل على أنّ العدو الصهوني يمرّ بمرحلة انحدار هي الأسوأ منذ نشوء الكيان في العام 1948.
لم يعُد هناك أيّ مجال للتحايل على الهزيمة النازلة بالكيان، ولا قدرة له ولا لداعميه على إخفائها والتعمية عليها، لا سيما أنّ الخسائر واضحة وبائنة وتحصل على مرأى ومسمع من العالم أجمع رغم كلّ المحاولات القمعية لمنع إظهار الأمور على حقيقتها.
أبرز دليل على ما تقدّم يتمثل بهذه التراجعات المعلنة على كلّ المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وغيرها، فـ فضلاً عن تفكك حكومة الحرب التي تشكلت بطلب أميركي غداة أسطورة «طوفان الأقصى»، وخروج جماعة بايدن منها (غانتس وآيزنكوت ومَن معهما…) أتت الإشارة الأهمّ وهي انكشاف التخبّط والضياع داخل صفوف جيش العدو المنهك، حيث جرى بالأمس إعلان ما سُمّيَ بـ «هدنة تكتيكية» لمدة 11 ساعة، لكن حين استيقظ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو من النوم فوجئ بالأمر وطلب إلغاء «الهدنة وعودة الأمور إلى ما كانت عليه! ثمّ أعلن قبل يومين حلّ مجلس وزراء الحرب في أوضح تعبير عن المدى الذي وصلت إليه الأزمة الداخلية في الكيان، وذلك بفعل الهزائم والخسائر في الميدان…
ولعلّ الكلام الذي صدر عن نتنياهو نفسه يعطي الصورة الأوضح عن الأزمة المستعصية في كيان العدو، إذ استخدم لغة جديدة غير مسبوقة حين قال «إنّ إسرائيل دولة لها جيش وليست جيشاً له دولة»…!
الأزمة مستفحلة، والأسباب واضحة تعكسها النتائج الباهرة التي تحققها المقاومة المظفّرة في الميدان في غزة بشكل أساسي، وفي جبهة جنوب لبنان المتصاعدة، ومن خلف الجبهتين سورية والعراق واليمن وصولاً إلى إيران.
وليس لكيان العدو أيّ مخرج من هذا المأزق إلا بالرضوخ لشروط المقاومة والانصياع لما تقتضيه متطلبات الوقف الدائم لإطلاق النار، والانسحاب التامّ من قطاع غزة، وإتمام صفقة تبادل الأسرى، ثم البدء الفوري لمرحلة إعادة البناء والإعمار.
وقد اتضح خلال الأيام الماضية أن لا حلّ إلا هذا الحلّ الذي جرت ترجمته إلى حدّ ما بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي وافقت عليه حركة حماس التي تفاوض بإسم المحور كله، وإلا فإنّ المعارك مستمرة حتى يأتي العدو صاغراً، وهو آتٍ لا محال، لأنه ليس فقط لم يستطع ولن يستطيع أن يحقق أيّ هدف من الأهداف التي أعلنها منذ 7 تشرين الأول الماضي، بل أيضاً لأنّ المقاومة تواصل تحقيق الإنجازات التي تكشف أمام العالم أجمع ضعف العدو وعجزه المطلق عن تحقيق أيّ هدف ميداني يُعتدّ به…
لذلك بات الشغل الشاغل للمبعوثين الأميركيين والأوروبيين، ومعهم بعض الوسطاء العرب، توفير المظلات اللازمة لكي يهبط العدو من الارتفاعات العالية التي وصلت إليها مواقفه وعنتريات قادته، ويعود إلى أرض الواقع حيث لا مفرّ أمامه من التسليم بأنّ الكيان الذي كان أربابه يحلمون بالوصول إلى ما يسمّى «إسرائيل الكبرى»، آخذ بالتقهقر والتراجع، وقد وصل في هذه المرحلة إلى «إسرائيل الصغرى»، بل «إسرائيل الصغرى» المهزومة، ريثما تأتي المرحلة النهائية التي تصنع فيها المقاومة الانتصار الكبير وتزيل هذا الكيان من الوجود…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى