عيد الأضحى في غزة حلوى بطعم الذل والخذلان
} حمزة البشتاوي
لم يكن أهالي غزة يتوقعون أن تمتدّ هذه الحرب، ويأتي إليهم عيد الأضحى، وسط المزيد من الدمار والقصف والآلام والجراح، وإصرار الاحتلال على تحويل غزة إلى مقبرة.
ولكن الأهالي أكثر إصراراً على إحياء العيد، بحديث الذكريات عن الشهداء، وأداء صلاة العيد فوق ركام المساجد والمنازل، وفي الخيام ومراكز الإيواء، والدعاء بانتهاء الحرب ومأساة النزوح، ونشر ما استطاعوا من البهجة والسرور على وجوه الأطفال، وهذه مهمة مستحيلة وصعبة، تقوم بها النساء اللواتي أصبحن أيقونة الصبر والصمود، أمام جحيم الكارثة والتحديات القاسية التي يتغلبون عليها بصناعة الحلوى للأطفال، من المساعدات التي تصل إليهم بطعم الذلّ والخذلان.
وحلّ العيد على أطفال غزة، بلا شراء ملابس، وبلا أضحيات وأسواق ومراجيح، حتى أنّ ممارسة العادات والتقاليد البسيطة كالغسل أو الاستحمام والذهاب إلى المسجد لأداء صلاة العيد، أصبح أمراً مستحيلاً في ظلّ العدوان الذي كان قبله أهالي غزة يعيشون أجواء ومعاني عيد الأضحى بكلّ أحاسيسهم وجوارحهم وتفكيرهم، ولكن هذه الأجواء التي كانت تبدأ مع تكبيرات العيد، وتزيين الشوارع والساحات والبيوت، وصناعة كعك العيد وخبز الصاج لإعداد منسف اللحمة أو الفتة باللحمة وزيارة الأرحام والمقابر وذوي الشهداء والأسرى…
بات أهل غزة يقدّمون الدروس في التضحية والصبر والفداء، والتمسك بإحياء الشعائر والعادات والتقاليد، رغم الحرب والحزن والألم والفقدان وغياب أدنى مقومات العيش، حيث لم يعد أهلنا في غزة قادرين على توفير وجبة طعام واحدة في اليوم إنْ وجدت، وبعض الأسر تعيش يومين أو ثلاثة بوجبة واحدة، ولم تبقَ أسرة في غزة إلا ولديها شهيد أو جريح أو أسير، وفقدان للبيت والأموال، وهناك أسر فقدت كلّ ما ذكر، بمواجهة الحرب الإسرائيلية التي تسعى إلى تدمير الإنسان والثقافة والهوية والتاريخ، والأرض المليئة اليوم برائحة الدم والعذاب والدمار الذي يقف فوقه طفل فلسطيني يقول لكلّ العرب والمسلمين شعوب ونخب وحكام تقبّل الله طاعتكم.
مع ملاحظة ما هي الطاعة التي سيتقبّلها الله منهم، وبعضهم كان بخيلاً حتى في الدعاء، ومع ذلك يتابع الطفل الفلسطيني قائلاً: أضحى مبارك وكلّ عام وأنتم بخير…