أولى

هكذا أحبطتهم قبرص

الحملة الواسعة التي أطلقها المتربّصون بالمقاومة في محاولة لتوظيف كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ضمن خطة حصار المقاومة، وتصويرها سبباً لإلحاق الأذى بلبنان، لم يفدها الحديث عن أن حزب الله تجاوز الدولة ومؤسساتها، لسببين الأول أن السيد نصرالله كشف عن معلومات زوّدت المقاومة بها المسؤولين في الدولة حول المناورات الإسرائيلية في قبرص لمحاكاة هجوم على جنوب لبنان لمواجهة الرئيس القبرصي بها خلال زيارته للبنان، وكانت النتيجة لا شيء. والثاني أن القضية تتصل بحال الحرب القائمة وتداعياتها وقد قيل فيها الكثير من الكلام المشابه وما قد يُقال ليس جديداً.
كانت هذه الحملة تحتاج كي تمتلك المصداقية وتصل إلى إقناع شرائح لبنانية بأن حزب الله يجلب الأذى للبنان واللبنانيين، أن يكون موقف قبرص حاداً وصلباً يقبل التحدّي ويقول إن قبرص دولة سيدة وتقرّر، دون اكتراث بمن يرضى ومن يغضب، تحالفاتها والتسهيلات التي تمنحها، وإنها جاهزة لمواجهة التهديدات بالرد المناسب، وأن يخرج الاتحاد الأوروبي بموقف مساند لقبرص بناء على طلبها، وربما يلحقه موقف من الناتو، لكن دون ذلك سببين كبيرين، الأول أن تورط قبرص في هذه الحرب سوف يجلب خراباً في العمران هي بغنى عنه، وسوف يهدّد التوتر الذي يسبق الحرب التي قد لا تقع، مصالحها خصوصاً موسمها السياحي ويرتب خسائر بمليارات الدولارات. والثاني أن هذه الحرب امتداد لحرب فلسطين وغزة، حيث كيان الاحتلال مجلبة للعار لكل من يتحالف معه ويقدّم له التسهيلات وقد يكون عرضة للملاحقة، بينما يقف حزب الله على ضفة غزة وفلسطين حيث ضحايا الإجرام الذي يرتكبه جيش الاحتلال، والشوارع الأوروبية ومنها الشارع القبرصي ليست في وضع يمكن مخاطبته بلغة التعاون مع الكيان.
خلال ساعات من كلام السيد نصرالله كانت قبرص تغادر اللغة الخشبية لرئيسها، ليخرج عن حكومتها بيان رسمي يقول إن قبرص ترفض منح أي تسهيلات لاستخدام قواعد فوق أراضيها لشن أي حرب، بعدما كانت تفاعلات كلام السيد قد شغلت المجتمع القبرصي السياسي والاقتصادي بالسؤال عن مبرر تعريض اقتصاد الجزيرة وأمنها للخطر كرمى لعيون الكيان الموسوم عالمياً بالجريمة والملاحق أمام المحاكم؟
أحبطت قبرص الذي نظموا حملة على كلام السيد نصرالله وقالوا إنه سيجلب الخراب على لبنان، وإذ بقبرص تستجيب ويسقط بأيديهم.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى