أخيرة

دردشة صباحية

من ذاكرة العصفور
الذي أضاع طريقه إلى الشام*
‭}‬ يكتبها الياس عشي
أعود إلى طفولتي… ترافقني العصافير وقد عادت من مغتربها القسري.
أعود إلى سنيّ الحداثة، إلى مدينة اللاذقية، ألملم فرح الطفولة، وأرسم على الجدران رغيفاً من الخبز، وحبّة زيتون، وعلبة حليب، وكرة.
واللاذقية، يومها، مدينة تكاد أن تسمع هدوءها المتواضع، وصوت الأمواج، ورفرفة النوارس.
وهي لا تختلف في عاداتها، وتقاليدها، وأعرافها، عن المدن الأخرى المنسحبة على شواطئ المتوسط، بدءاً من اسكندرون، مروراً بها، وانتهاء بصور، أو مدن الداخل المزهوّة بحضارتها كدمشق وحلب وبيروت وبعلبك وغيرها.
وتمرّ السنون، وتبتلع ذاكرتك كثيراً من الصور والأحداث، إلّا بعضاً منها تواكبك إلى نهاية العمر.
منها على سبيل المثال…
عندما تخترق جنازة شارعاً أو زقاقاً تغلق أبواب الحوانيت، ويخرج أصحابها، ويقفون باحترام مشاركين أهل الفقيد حزنهم، فمنهم من يتلو الفاتحة، ومنهم من يرسم إشارة الصليب، ومنهم من يحني رأسه إلى أن يختفي المشيّعون. وكثيراً ما لفتني رجال الأمن والجيش وهم يقفون بانضباط مؤدّين التحية العسكرية للفقيد.

*من مؤلفي «السيرة الذاتية لعصفور أضاع طريقه إلى الشام».

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى