أخيرة

دبوس

الأيام دول…

هكذا تتبادل الأمم الريادة والعلوّ والارتقاء، ولا يمكن أن تبقى تلكم الرّيادة حكراً على شعب أو دولة، هي نواميس كونية لا نملك منها فكاكاً، فالأمم تنحو بعد انتصارها، واستتباب الأمور لها نحو الاسترخاء فكرياً وفيزيائياً، يحدث أمران في ديالكتيكية الصراع بين الأمم، الأمم المنتصرة تجنح نحو الاسترخاء والتمتع بثمار الانتصار، والأمم المهزومة تبدأ باستفزاز طاقاتها الكامنة كيما تعيد لملمة قدراتها والتوجه نحو تحقيق التوازن أو تجاوز قدرات المنتصر…
فالخطوة التالية بعد الوصول إلى القمة هي خطوة الى أسفل، والخطوة التالية بعد الوصول الى القاع، هي خطوة إلى أعلى.
لقد ظنّ الكيان البائد حتماً بعد الانتصار في حرب الأيام الستة، أنّ الأرض أصبحت ملك يمينه، وأنّ السيادة والهيمنة على كلّ المنطقة قد آلت إليه، فانتبذ لنفسه مكاناً عليّا، وظنّ بأنه يستطيع فعل ما يشاء، متى يشاء، وكيف يشاء، ومضت الأيام والسنين، فذهب العدو الى حالة من النشوة والشعور الزائف بالتفوّق والاقتدار، وذهبنا نحن الى حالة من استفزاز الطاقات الكامنة في ذاتنا، فتتوّج الأمر بانبثاق المقاومة وتعاظمها وتراكم قوة الردع الى منطقة أصبح هنالك تفوّق لمحور المقاومة في بعض مقوّمات القوة مثل سلاح المُسيّرات، والقوة الاستخبارية، وحوّلنا كثيراً من مفاخر صناعات العدو العسكرية إلى أضحوكة أمام العالم.
لقد وصلنا الى نقطة من المقدرة الردعيّة بحيث تحوّلت قدرات العدو الى ظاهرة كلامية فقاعية غير قابلة للتطبيق العملي، ولم يعد يردعنا عن المبادرة الى الهجوم النهائي للقضاء على هذا الكيان العنكبوتي سوى محاولة إزالته بأقلّ الخسائر الممكنة، وبالذات المدنية، والتي يتخصّص العدو باستهدافها، لقد دارت دواليب الزمن دورة كاملةً، وألقت بالعدو الى حواف التهلكة، وان هي إلّا لحيظات في أعمار الأمم المديدة، حتى يصبح هذا الكيان المارق من الماضي، وتلك الأيام نداولها بين الناس…
سميح التايه

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى