رسالة هادئة إلى معارضي المقاومة في جنوب لبنان
} يوسف هزيمة*
في الثامن من تشرين الأول /أكتوبر المنصرم فتح حزب الله متعمدا، الجبهة في جنوب لبنان، بعد يوم واحد على عملية طوفان الأقصى، وذلك في ظاهرة غير مسبوقة تعرَّض لها كيان الاحتلال، حيث أن الأخير، بشكل عام، كان هو المبادر والبادئ على الدوام في فتح الجبهات. ومنذ فتح الحزب الجبهة اسناداً ودعما لغزة، وقف فريق في لبنان، بالموقع المعارض لفتح جبهة من الجنوب، وما زال ذلك الفريق عند موقفه، بل وصل الأمر ببعضه إلى إطلاق مواقف لا تُقرأ الا في خانة المؤيد ل «إسرائيل»، فيما حافظ بعضه الآخر على معارضة الانخراط في مساندة غزة ، إلا انه أعلن إدانته للكيان الصهيوني ووقوفه بجانب غزة إعلاميا، ولكن دون تأييده لأعمال عسكرية من الجنوب مساندة لغزة.
وإذا كان الفريق الأخير منطلقاً في موقفه من الخشية على لبنان من ردّ فعل صهيونية، إلا أنه أعلن مراراً وقوفه مع حق المقاومة الفلسطينية، وأعلن في آن تأييده المطلق للمقاومة في لبنان، بحال شنَّت «إسرائيل» حرباً على الأخير، وهذا الفريق نفسه كان مسانداً للمقاومة في الحرب التي شنّها العدو الصهيوني إبان العام 2006.
لكن الآخَرين ممن عارضوا انخراط المقاومة في لبنان بنصرة غزة ذهبوا بعيداً في مواقفهم، ورفعوا شعارات تطالب بالانفصال عن لبنان، والعيش في لبنان خاص بهم، له سياسته المغايرة لتلك التي يتخذها لبنان الرسمي، منذ انتهاء الحرب الأهلية المشؤومة… ويتخذها لبنان الشعبي منذ قيام إسرائيل»، باستثناء ذلك الفريق.. سياسة ليس أقلها الحياد، الذي لا يرى في «إسرائيل» عدواً، وتالياً لا يرى في ما تقوم به في غزة إلا دفاعاً عن نفسها.
وإنّ عودة، ولو سريعة، إلى مواقف ذلك الفريق السياسي من ذلك الكيان المسمّى «إسرائيل»، وخاصة منذ العمل الفدائي الفلسطيني في أواخر السبعينيات من القرن الماضي وصولاً إلى نشأة المقاومة الوطنية ضد العدو، فإن ذلك الفريق لم يكن إلا في خانة المعارضين لعمل المقاومة، وهذه المعارضة، حتى لا نقول العداء، لم يكن إلا موقفاً يتقاطع ويلتقي مع العدو الإسرائيلي، شاء ذلك الفريق أم أبى. وهذا يعني انه لم يكن مقتنعاً ولا متبنياً خيار المقاومة، اللهم الا مقاومة غير الإسرائيلي، سواء الأشقاء والعائلة الواحدة، وكذا أبناء الوطن أو المقيمين قسراً بفعل التهجير من فلسطين.
عود على بَدء، فإنّ هناك فريقاً سياسياً لبنانياً، وهو ليس بالضرورة من مشرب روحي واحد، تاريخياً وحاضراً لم يتبنَّ خيار المقاومة. واذا كان يردّد في مجالسه الخاصة: ما لنا ولفلسطين، و»إسرائيل» ليست العدو، فإنه على لسان بعض صبيانه اليوم، عن قصد أو غير قصد، بدأ يخرج تلك المواقف التي ورثها عن شيوخه وكباره إلى العلن. إذن ليست القضية ابنة اليوم، ولا نصرة المقاومة اللبنانية لغزة، لأنّ كلّ ذي شرف وحسّ إنساني لا يمكن إلا أن يناصر غزة، بغضّ النظر عن نيات العدو العدوانية وخططه تجاه لبنان ومقاومته.
فإلى أولئك الذين لم يروا في كيان الاحتلال عدواً، ويمنّون النفس بعلاقات طبيعية معه نقول: إنّ رهانكم على المسماة «إسرائيل» كرهان الحمل على الثعلب، وإذا كنتم تحسبون ان الصهاينة أقرب إليكم من أبناء وطنكم العربي، ولا نقول اللبناني فقط، فإنكم تخطئون الحساب، وتخطئون إنْ كنتم تظنون انّ الغربي الداعم لـ «إسرائيل» هم مرجعكم، فلا «إسرائيل» ستكون قريبة لكم ومنكم، ولا حاضنتها الغربية. انتم أهل هذا الشرق العربي، وساكنوه وأجدادكم حماة حضارته وثقافته ولغته وهم مرجعه دوماً، فليكن هذا الشرق العربي مرجعكم، وهو لم يكن إلا ذلك، ولن يكون إلا ذلك، هو وكلّ أهله على اختلاف وتنوّع مشاربهم ورؤاهم. أما ذلك الصهيوني فهو دخيل على هذه الأرض، وعاجلاً أو آجلاً سيعود من حيث أتى به العم سام، ومن قبْل الانغلوساكسون…
*كاتب وباحث سياسي