أولى

تراجع صيحات الحرب

الكلام الأميركي الاعتراضي حول فرضية الحرب الإسرائيلية على لبنان، ليس تعاطفاً مع لبنان، بل تعاطف واضح ومعلن مع كيان الاحتلال، فواشنطن بلسان أكثر وزرائها تعصباً لكيان الاحتلال، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي لم يُحرجْه القول بعد طوفان الأقصى إنه لم يأت الى تل أبيب بصفته وزيراً أميركياً بقدر مجيئة كيهودي يعلن وقوفه مع “دولة إسرائيل”، وبيان وزارته علق على فرضيات الحرب على لبنان فلم يقل إنها خطر على استقرار المنطقة او مصدر قلق لما سوف تسببه من أذى للبنان، بل قال بيان الخارجية بوضوح إن واشنطن ترى أن هذه الحرب مصدر خطر على أمن “إسرائيل” ومستقبلها.
يكرّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ما سبق وقاله منذ شهور، عن خشيته من أن يؤدي الانفعال والتسرع طلباً لتحقيق انتصارات تكتيكية مغرية إلى الوقوع في الخسارة الاستراتيجية التي لا يمكن معالجة نتائجها الكارثية. ويضيف رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال تشارلز براون أن قواته لن تستطيع تقديم المساعدة في مواجهة محتملة بين جيش الاحتلال وحزب الله كما فعلت يوم التصدّي لما وصفه بـ الهجوم الإيراني على الكيان بالصواريخ والطائرات المسيّرة، مشيراً إلى فارقين هامين في الجغرافيا وراء ذلك، خريطة الانتشار الأميركي في المنطقة المناسبة للتعامل مع النيران الإيرانية، وغير المناسبة للتعامل مع نيران حزب الله، وقرب مسافة النيران بين لبنان والكيان عبر الحدود، بما يفوق قدرة القوات الأميركية على التحرك بوجهها في الوقت المفيد والفعال، مقابل توازن مسافات التموضع الإيراني والأميركي بالنسبة لفلسطين المحتلة.
واجهت الحسابات الأميركية الباردة الرؤوس الإسرائيلية الحامية بالوقائع والمعلومات والمعطيات والتقارير، فتغيّر موقف وزير حرب الكيان يوآف غالانت الذي ذهب الى واشنطن طلباً لدعم خيار الحرب على لبنان، وتحوّلت الحرب عنده الى خيار أخير، باعتبار أن الخيار الأول لا يزال المساعي الدبلوماسية، واسمها عنده الضغط على حزب الله، وقال «لن ننسى وقفة واشنطن معنا منذ اليوم الأول لهجوم السابع من تشرين الاول، ونحن عازمون على إرساء الأمن وتغيير الواقع على الأرض والوقت ينفد». وأضاف «لن نقبل ببقاء خطر حزب الله على الحدود الشمالية». ولذلك «يجب الضغط على حزب الله لمنع التصعيد أو مواجهة حرب مفتوحة». و«يجب أن نعيد سكان الشمال والجنوب لكي يعيشوا بأمان ولو كان الثمن هو التصعيد».
بدوره مستشار الأمن القومي في الكيان، تساحي هنغبي، يؤكد أنه «يوجد إجماع في المجتمع الإسرائيلي بشأن تغيير الواقع قرب الحدود مع لبنان». ولفت إلى أن «المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين متفائل ويرى أن المرحلة الثالثة في غزة ستدفع حزب الله لخفض حالة الإسناد المعلنة»، مضيفاً «نحن والإدارة الأميركية بالمسار الدبلوماسي ولكن إذا لم نتوصل لتسوية سنلجأ للتغيير بوسائل أخرى». وشدّد هنغبي على أنه «حالياً نفضل أن نركز اهتمامنا على المسار الدبلوماسي».
إذا كان السؤال هو، ما سبب العقلانية الأميركية، وما هو سبب إعادة النظر بالتفكير الإسرائيلي والتردد بخيار الحرب؟ فإن هناك جواباً واحداً، هو قوة المقاومة، فقط لا غير.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى