التحديات التي تقف عائقاً أمام طريق التنمية في العراق
} محمد حسن الساعدي
بات التأثير الذي سيولده طريق التنمية واقعاً على البلدان الجارة للعراق بالتساوي مع الدول العظمى على حدّ سواء، حيث سيؤثر بصورة سلبية على ديناميكية القوة والتأثير بين العراق والجمهورية الإسلامية الايرانية، إذ بدأت هذه الدول بالتنافس على شبكات النقل على الطريق التنموي، حيث ستحظى إيران بموقع استراتيجي مهمّ يتيح لها أن تسيطر على شبكة النقليات (السكك الحديدية) ولكن وسط العقبات السياسية والتحديات التي تتعرّض لها منطقة الشرق الأوسط، والعقوبات الدولية تجاه طهران تجعل العراق يحظى بفرصة أكبر وأهمّ من إيران لربط هذا المشروع مع العالم.
يبرز العراق بسرعة كبديل عن إيران كونه مجهّزاً بأحدث المنشآت الحيوية كميناء الفاو والذي سيسمح للعراق بأن يصبح واجهة رئيسية للسلع الدولية، وعلى الرغم من كون العراق وإيران ليسا اللاعبين الأساسيين في إعادة تشكيل البيئة اللوجستية في الخليج، إذ أدى التنافس المتزايد بين تركيا وإيران الى دعم أنقرة علناً لميناء الفاو مما يقوّض بشكل مباشر هيمنة إيران على حركة الملاحة في الخليج.
مشروع التنمية يهدف الى تحويل الاتصال الإقليمي والخدمات اللوجستية من خلال رفض طرق التجارة القائمة مثل المشروع الصيني المتمثل بـ «مبادرة الحزام والطريق»، وكذلك الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا لصالح علاقات اقتصادية وتجارية بين العالم ودول المنطقة، ولقد أبدت دول في مجلس التعاون الخليجي مثل قطر والإمارات رغبتها الشديدة في الانضمام الى هذا الطريق، وقدّمت كلّ الإمكانيات اللوجستية والمالية من أجل إنجاح هذا المشروع الحيوي الذي سيساهم بشكل مباشر في إبراز طريق التنمية الدولي أمام المبادرات الأخرى، وترسيخ مكانته كمركز إقليمي يهدف الى إظهار المنطقة عموماً والعراق تحديداً أهميته الاستراتيجية للتجارة العالمية.
بالرغم من المعطيات على الأرض والتي تؤكد أهمية العراق بأن يكون موقعاً استراتيجياً للطريق، إلا أنّ هناك عدة عوامل تعيق طموحات العراق بدءاً من البنية التحتية التي تحتاج الى نهضة تنموية بالإضافة الى طرق النقل المهترئة والتي لا تقارن بطرق النقل الإقليمية الحالية كتركيا والإمارات، ولعلّ الأمر الأهمّ هو التنافس الجيوسياسي بين الصين والولايات المتحدة، حيث سعت واشنطن الى إقامة علاقات وثيقة مع السعودية وذلك من أجل إيجاد التوازن المطلوب في المنطقة.
ربما سيجد العراق صعوبة في تنمية اقتصاده وسط لعبة الشدّ والجذب الذي تمارسه القوى المتصارعة، إذ سيحتاج الى التفاوض على كلّ العقبات التي ستعترض طريق التنمية، كما هو الحال بالنسبة لإقليم كردستان وطبيعة الجغرافيا ووعورة الجبال الأمر الذي من شأنه إطالة الأطر الزمنية للمشروع وربما ارتفاع تكاليف إنشائه، وعلى فرض استبعاد إقليم كردستان فإنه قد يثير تساؤلات كثيرة ومهمة عن أهمية الرسائل السياسية للمشروع وتداعياته الاقتصادية، وبنفس الوقت يجده الأكراد تحايل على حكومة الإقليم ومعاقبة للأكراد واسترضاء للأتراك.
على الرغم من كون طريق التنمية لا يزال في بداياته إلا أنه يمثل فرصة كبيرة الفوائد ويواجه مجموعة من التحديات الشديدة المحتملة والتي يمكن أن تعق نجاحه، لأنّ المشروع يتطلب ضخ أموال كبيرة لكي ينجح وأن مشاركة الدول المجاورة للعراق وخاصة تركيا أمر بالغ الاهمية لنجاح هذا المشروع، وانّ على العراق أن يعالج الاضطرابات السياسية والقضايا الأمنية التي لا تزال تشكل عائقاً أمام إنشائه، الإضافة الى محاربة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة كافة، مما يحتاج الى تغييرات شاملة تعزز المساءلة وتحسّن الشفافية وتعزز أنظمة الحكم في البلاد.