الاعتراف «الإسرائيلي» بالفشل في القضاء على حماس أيّ خلفيات مشبوهة…؟
} رنا العفيف
اعتراف «إسرائيلي» بالفشل بالقضاء على حماس كفكرة والعودة إلى سمفونية الحكم البديل، والمراهنة على الفلسطينيين للتخلي عن حقوقهم بكلّ الوسائل، على ماذا يراهن الاحتلال اليوم؟
متأخراً أدرك الاحتلال حقيقة الفلسطيني ومدى ارتباطه بالمقاومة، اعتراف «إسرائيلي» بالفشل بالقضاء على حماس كفكرة والعودة إلى المربع الأول من الحديث عن الحكم البديل، إذ راوغ الاحتلال وكذب مدّعياً أنّ حماس «حركة إرهابية»، وصدق كذبته لدرجة أنه تبنى استراتيجيته على فكرة أنّ حماس هي التي تدفع الفلسطينيين إلى تبني فكرة المقاومة، وجاء طوفان الأقصى ليكشف الحقيقة المرة وباعتراف مستشار الأمن القومي «الإسرائيلي»، إنه لا يمكن القضاء على حماس كفكرة؟
الفكرة في هذة السردية هي تلك النابعة من عقل كلّ فلسطيني مقاوم وكلّ مقاوم فلسطيني، إذ يقترح الاحتلال إيجاد بديل فلسطيني قادر على العيش إلى جانبه، بمعنى يشير إلى عملاء أو الاستفادة من الدعم العشائري للحكم في غزة كنوع من التحوّل الاستراتيجي من جانب «إسرائيل» يهدف إلى تجاوز الكيانات السياسية التقليدية والعمل به لأنّ ذلك يشكل مع الفصائل المجتمعية ما يمكن قابليّته للتنسيق الذي انتهجته «إسرائيل» أكثر ملاءمة لمشاريعها الإقليمية، وبالتالي للسيطرة على الضفة الغربية والتحكم بالقطاع بشكل إداري، وهذا ما تعوّل وتركز عليه «إسرائيل» بعد الفشل الذريع الذي ألمّ بها، وها هو اليوم مرة جديدة يخوض الكيان في البيانات التكتيكية الخاطئة مراهنات عبر اختراق عقول الغزاويين بهدف ينذر فكرهم، فالرهان اليوم على شعب فلسطين الذي قتل وذبح على يد «الإسرائيلي» وداعميه فهل بعد كلّ التضحيات الجسام والآلام سيقبلون حكماً ينصبه الاحتلال عليه؟
القضية في مسألة القضاء على حماس كفكرة وعقيدة وكوجود لا يمكن أن يتمّ الخلط بين القضاء على حماس كسلطة وبين القضاء على حماس كمقاومة، خاصة عندما تتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن التصوّر الإسرائيلي في رفح وغيرها وتتبنّى فكرة التصوّر في أكثر من اتجاه علّها بذلك تحقق تكتيكاً عسكرياً ما يتحدث عن القدرة «الإسرائيلية» بهدف رفع معنويات جيش الاحتلال والجميع يعلم أنّ هناك تكتيكاً حربياً معيّناً عبر مجموعات مقاومة مثلما نراها في شمال غزة وجنوبها وفي الوسط ونحن نتحدث بشكل عملي وليس نظرياً تعطي فكرة حقيقية عن نبذة المقاومة المتجذرة بكلّ فلسطيني مقاوم رفع السلاح دفاعاً عن النفس والأرض والانتماء والهوية بما في ذلك عن قضية التحرير في ظلّ ظروف متعرّجة من الاتفاقيات والتطبيع، فكانت معركة طوفان الأقصى نقطة تحوّل كبير في الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي» ولم يقف الدور الذي لعبته حماس عزفاً منفرداً ليأتي في الخطاب المضاد إنكار حقّ المقاومة على الفلسطيني بذرائع لا تمتّ للواقع بصلة…
«الإسرائيلي» منذ شهور وهو يتحدث عن حكم عسكري مباشر لإعادة المستوطنات ويتحدثون عن السلطة وعن إدارة عربية أو قوات عربية محلية فيما نتنياهو يرفض هذه الفكرة رفضاً مطلقاً وكذلك الحكومة «الإسرائيلية» تتحدث عن أكثر من فكرة ولم تتبلور أياً من الأفكار وتلجأ اليوم للتعامل مع الوضع وفق تصوّراتهم الكاذبة ولا يريدون الإفصاح لضرورة أن يكون هناك بديل عن حماس كقوة محلية تتمّ إدارتها بشكل توظيفي سواء على مستوى أفراد أو مجموعات في الوقت التي تحدّده الولايات المتحدة على اعتبار أنّ الجهر بها في الوقت الحالي يسبّب لواشنطن تداعيات كبيرة في مكان آخر، لذلك هو متحفظ على هذه الورقة إلى حين الطلب الغربي وخاصة الأميركي بعد الفشل «الإسرائيلي» في إسقاط عقيدة المقاومة الأمر الذي يدفع إلى صيغة اليوم التالي، بمعنى أنّ «الإسرائيليين» يربطون مسألة الإعمار والمساعدات والغذاء باليوم التالي والتطورات الأميركية قبل ذلك، أيّ لا يسلّمون المساعدات إلا للإدارة التي يرضون عنها وتعمل لصالحهم وأيّ تعرّض لها سيكون نتائج تدميرية وطبعاً هذا لا يقلّ خطورة عن القصف التدميري الذي يتعرّض له أهل غزة من قبل الاحتلال وداعميه على استجداء طلب المساعدات الإنسانية التي يتمّ ربطها بتقاسم لقمة عيش الغزاويين وكلّ ما في مقومات الحياة.
والولايات المتحدة تركز بشكل كبير على مسألة اليوم التالي لما فيه من تدابير واحترازات شيطانية تدفع بتصوّر نتنياهو أن لا يخسر استراتيجياً في غزة وقالها مسؤول أميركي بالفم الملآن بأن لا نريد أن يضع الإسرائيليون تصوّرات اليوم التالي وأن لا يرتكبوا الأخطاء التي ارتكبها الأميركيون في أفغانستان والعراق، علماً أنّ الولايات المتحدة لا تنظر إلى الأمور مثلما تنظر إليها «إسرائيل»، بالرغم من الاختلافات في الأسباب الداخلية والخارجية، ولكنهما يشرعان التصويب على ذات الأهداف المتفق عليها وكلّ منهم يمتلك خطابين الأول ساري المفعول نظرياً وهذا واجهة سياسية تتعلق بالأمور الداخلية أيّ على مستوى قاعدة الرئيس الأميركي جو بايدن، والثاني عملياً يبرّر السلوك الإجرامي لـ «إسرائيل» على المستوى الدولي والإقليمي، وبالتالي التصورات الأميركية «الإسرائيلية» بشأن مستقبل غزة ضمن أطر التحفظات العربية وزيارة بلينكن إلى الشرق الأوسط كانت تهدف إلى هذا الاتجاه تحت غطاء الهدنة وضرورة التركيز في الحرب على حماس لتجنّب حالة الاجترار لجهة حرب آخرى ضدّ حزب الله في الشمال هذا كلام سياسي مبطن وسط الدعم الأميركي المستمرّ وغير المسبوق ريثما تحصل على موافقة مستلزمات حالة الطلب السياسي الأميركي «الإسرائيلي» في مسألة اليوم التالي كنوع من مؤشر للحفاظ على ما تبقى من توازن استراتيجي لها في المنطقة ولردع حزب الله وإيران في مساندة غزة ولكن الحقيقة الواشنطية تقول عكس كلّ التصريحات العبثية بأنّ واشنطن لديها رغبة أميركية في تحقيق أهدافها وبالإصرار التي تدفع اليد الطولى لها بين قوسين «إسرائيلياً» لتحصل على ما تريد، فتاريخ الغرب معروف بالتسلط والهيمنة والقمع والاستبداد والعنصرية، والفلسطيني بشكل خاص بات يعرف أنه لا يمكن أن يتعايش مع الاحتلال بعد كلّ التضحيات والآلام التي تتكبّدها، وقال هاغاري في مقابلة مع القناة 13 العبرية إنّ حماس فكرة وحزب مغروسة في قلوب الناس ومن يعتقد أنّ بالإمكان إخفاءها فهو مخطئ ولا يمكن القضاء عليها وهذا باعتراف «الإسرائيلي» نفسه، وبالتالي لا يمكن استدراج عقول الفلسطينيين الذين يطالبون بأدنى مقومات الحياة، وأطفال لا حول ولا قوة لهم عالقون بين ناري الاحتلال والجوع وكأنّ الدمار والنزوح لا يكفيان لجعل المشهد في غزة كارثياً، وما لبث الغرب الجماعي أن فضح نفسه حين شجع وبرّر إبادة الشعب الفلسطيني،
أما الجانب الفلسطيني في مسألة اليوم التالي واضح إذ قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية أنّ كلّ الأفكار بشأن اليوم التالي يجب أن تكون فلسطينية، ولا يحق لأحد التدخل فيها. كما دعت لجنة المتابعة الوطنية والإسلامية إلى عدم المساهمة في تمرير مخططات الاحتلال تحت مسمّيات إنسانية لأسباب ذكرت أعلاه…