مرويات قومية

مواقف وعبَر لرفقائنا الأسرى في ستينات القرن الماضي

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ «البناء« هذه الصفحة، لتحتضنَ محطات مشرقة من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة، وقد سجلت في رصيد حزبهم وتاريخه، وقفات عز راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا أي تفصيل، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
أنّ نكتب تاريخنا،..فإننا نرسم مستقبل أمتنا.

إعداد: لبيب ناصيف

مواقف وعبَر لرفقائنا الأسرى في ستينات القرن الماضي

في نبذات سابقة تحدثنا عن التعذيب الذي طال الرفقاء الذين شاركوا في الثورة الانقلابية، وبعضهم قضى تحت التعذيب أو صُفّي في أمكنة مجهولة، وتحدثنا في النبذة بعنوان السجن – المدرسة(1) عن كيف تحوّل السجن في القبة «طرابلس» ثم في القلعة» بيروت» الى مدرسة، ووحدات انتاج.
من كتاب «سفينة حياتي» للأمين منير خوري نورد معلومات فيها عبَر وأمثولات، وزادا للمستقبل.
التعذيب
«… بعد الاستقبال الرسمي» أوْدعوني أحد«القواويش» مع حوالى أربعين موقوفاً، تعرّفتُ على عدد غير قليل منهم. أما ما لفتني فور دخولي ذلك القاووش، فهو شاب محطّم الجسد، يسيل الدم والقيح من فمه ورأسه وعينيه وأذنيه، مشهد لن أنساه طيلة حياتي.
«كان بعض الرفقاء يقوم بمساعدته بين الحين والآخر في محاولة للتخفيف من آلامه التي كان يكتمها بصبر وجلد نادرين، دون أن يتفوّه بكلمة آه أو أيّ نوع من أنواع التذمّر. ولما سألتُ بعض الشباب، مَنْ هذا الذي أراه؟ ابتسم أحدهم، وقد عرفني، ثم قال همساً: «بعد ما شفت شي يا حضرة الأمين. هذا المشلول الذي تراه أمام عينيك الآن هو واحد من العشرات الذين ينالون حصتهم من هذه الوحشية يومياً». كان ذلك الشاب، شبه المشلول، هو جبران الأطرش الذي اشتهر بطاقته وقوّته على تحمّل العذاب بصبر وجلد لا مثيل لهما».
في المحكمة الأمين محمد البعلبكي
«في 11 شباط بدأ الأمين محمد البعلبكي دفاعه بالتعليق على الوثيقه المزوّرة التي عمّمت على وزارة الخارجية، والتي بدأوها حرفيا: «من آمن بالاسلام فهو كافر، ومن آمن بالمسيحية فهو أكفر، ومن آمن بلبنان، فهو ليس منّا» قائلاً: «نحمد الله على أننا بُرِّئنا من هذه التهمة، ونحمد الله أيضاً على أنّ حضرة المدّعي العام أكد أنّ تلك الوثيقة المزوّرة التي نُسبت الينا تتحدّث عن الكفر بالأديان ولبنان، لا وجود لها في ملف الدعوى. ولكننا، بكلّ إخلاص كنا نتوقع من الحق العام في لبنان أن يكون حقاً عاماً لا حقاً خاصاً، أن يلاحق الذين دبّروا تزوير هذه الوثيقة ونشروها في بعض الصحف وعلى أبواب الكنائس والجوامع، بل توزيعها أيضاً بواسطة سفارات لبنان في الخارج وعلى جميع أقطار المعمورة». ثم انتقل الى موضوع مشاركته في المحاولة الانقلابية الفاشلة، فقال: «أحب في مطلع هذا الباب أن أذكر لكم وللرأي العام كله أنّ رئيس الحزب القومي الاجتماعي الدكتور عبدالله سعاده لم يكن وحده المسؤول عن اشتراك الحزب في محاولة الانقلاب الفاشلة، وانما أقول أننا نشاركه في ذلك، نحن معظم المسؤولين في مؤسسات الحزب، وأنا منهم».
«ورداً على الاتهام بالتآمر على لبنان قال بصراحة وجرأة: «المتآمر هو من لا يتآمر على هذا النظام».
وأيضاً ردّاً على تبجّج البعض بالولاء للبنان قال: «ليس كلّ من قال يا رب يدخل ملكوت السموات».
وردّاً على الذين يأخذون علينا تحيتنا السورية، ذكّر الأمين بعلبكي بما قاله نسيب المدعي العام اللبناني الأستاذ نبيه البستاني بأنّ علماً من أعلام النهضة الفكرية والعلمية، ومترجم الألياذة، عنيتُ به سليمان البستاني قال في حنينه الى وطنه سورية: «ذكرت لبنان وهاج فؤادي العاني، لذاك العرين. فهل ترى يفسح آني الأجل، حتى به تغمض المقل وأرض سورية محط الأمل».
الرفيق موسى مطلق ابراهيم
« أما الرفيق موسى مطلق ابراهيم، الفلسطيني الجنسية، المحمدي الهوية، العميق الثقافة، فصريح وصراحته ساطعة وقاطعة كحدّ السيف، أذهل رئيس محكمة التمييز إميل أبو خير، عندما استشهد في دفاعه بما ورد في الإنجيل حول قصة السامري الصالح. وكان ذلك ردّاً على ما كان يثيره النائب العام نبيه البستاني أنّ الذين اشتركوا في المحاولة الانقلابية هم من الغرباء عن لبنان.
وقف الرفيق موسى مطلق ابراهيم وتوجّه الى رئيس المحكمة قائلا: «ضرب إله من بلادي مثلاً، وهو يعلّم الناس على المواطنية الصالحة قال:
« كان لاوي مسافراً من أريحا الى أورشليم، فصادفه بعض اللصوص، فسلبوه دابته وما كان معه وضربوه وجرحوه، وأوثقوه، وتركوه ملقى على قارعة الطريق.
فمرّ به لاوي وجاز عنه ولم يكترث به،
ومرّ به صدوقي فجاز عنه أيضاً ولم يكترث به، ومرّ به فرّيسي فجاز عنه ولم يكترث به.
وأخيراً مرّ به سامري فنزل عن دابته وفكّ وثاقه ومسح جراحه بالزيت والخمر، وأركبه على دابته ومضى به الى خان على الطريق. وهناك أنزله وأعطى صاحب الخان دينارين أجرة بقائه عنده حتى يشفى.
وقال متسائلاً بعد ذلك: «أيهم أقرب الى اللاوي الجريح؟ فقالوا الذي عمل معه خيراً»، ثم أنهى كلامه قائلاً: سيدي الرئيس… «في أثناء فتنة لبنان قاتلت دفاعاً عن لبنان، وقتل أخي(2) الى جانبي وسلاحه في يده. وأنا لا يضيرني ولا يضير الحزب أن أكون سامريّاً من فلسطين ما دام الحزب جعل مني مواطناً صالحاً».
روى لي الأمين ميشال خوري الذي كان شارك في الثورة الانقلابية وكانت مهمته الإفراج عن الأمين شوقي خيرالله الذي كان موقوفا في ثكنة الفياضية(4) انّ الأمين عبدالله سعاده وقف بعد انتهاء الأمين موسى من كلمته وحيّاه، رافع اليدين.
السجن المدرسة
«في نهاية شهر شباط 1964 نقلنا الى سجن طرابلس في حي القبة حيث أمضينا ثلاث سنوات سُجلت فيها أروع التحديات الايجابية. كان عددنا مئة وخمسين تماماً، أما الذين صدر عليهم الحكم بالإعدام فكانوا ثمانية: العسكريون الثلاثة: شوقي خيرالله، فؤاد عوض، وعلي الحاج حسن. أما المدنيون فكانوا خمسة: عبدالله سعاده، محمد البعلبكي، بشير عبيد، جبران الأطرش، ومحسن نزهه. توزعوا جميعهم على زنزانات سجن الرمل.
في مذكراته «أوراق قومية» ذكر الدكتور سعاده في حديثه عن السجن في طرابلس تحت عنوان «السجن المدرسة وكيف حوّلنا ذلك السجن المجزرة، الى «السجن المدرسة» إلا أنّ الصورة التي ذكرها الدكتور سعاده ظلت ناقصة ولو أنها تعطي فكرة صادقة عما سماه «السجن المدرسة»، مع بعض الثغرات هنا وهناك تستحق الإشارة والتوضيح. وهنا لا بدّ لي من العودة قليلاً الى الوراء، أيّ قبيل اعتقالي عندما كنت، كما ذكرت سابقاً، خبيراً إقليمياً للأمم المتحدة في شؤون التنمية الريفية بحكم عملي يومها، كانت فلسفة النهوض بالمجتمعات المحلية الريفية (المتحدات الريفية) وبالقرى خاصة، تشدّد على أهمية الاهتمام بالشؤون الاقتصادية – الاجتماعية وضرورتها لكلّ من هذه المتحدات، وتحويلها الى خلايا منتجة عملياً وعلى حدّ تعبير الزعيم سعاده الى مجتمعات إنتاجية «فكراً وصناعة وغلالاً». وكان هاجسي منذ اعتقالي في ثكنة الأمير بشير في بيروت، وأنا أشاهد عدداً كبيراً من الرفقاء السجناء منهمكين في حياكة السلع الخرزية الملونة في شكل بدائي، كيف نستطيع رفع هذا العمل البدائي الى مستوى راق؟
وعندما تسلّمت مسؤولية رفقائنا المساجين في طرابلس من الأمين مصطفى عز الدين الذي كان ساعدي الأيمن في مسؤولياتي القيادية هناك، بدأت الفكرة تتطوّر تدريجياً بحسب المنطلقات الآتية:
أولاً: كان الشعار الأول والأساسي الذي أطلقناه، وطلبنا من الجميع التقيّد به هو: «كلّ سجين منتج» فكراً، فناً كان أم صناعةً.
ثانياً: كلّ غرفة (قاووش) يجب أن تصبح «وحدة تعاونية» إنتاجية.
ثالثاً: تنوع الإنتاج يتوقف على الطاقات المتوافرة عند الرفقاء: مهارات فنية، تعليمية، لغوية، صناعية خفيفة تتوافر فيها المواد الأولية في السجن.
رابعاً: تشكيل لجنة فنية من الرفقاء الموهوبين، مهمتها وضع تصاميم لجميع الأشغال الفنية: خرزية، خشبية من رقائق الخشب الدقيق غير الممنوع في السجن، موزاييك من قشر البيض وغيرها من المواد المتوافرة وغير الممنوعة في السجن.
خامساً: يطلب من جميع المهتمّين بالأعمال الفنية التقيّد بهذه التصاميم التي يهيّئها الفريق الفني.
سادساً: في الإنتاج الفكري ـــــ الأكاديمي ـــــ اللغوي، يُطلب الى كلّ قومي سجين يتقن اللغة الانكليزية أو الفرنسية أو العربية أو أيّ مهنة من المهن الأكاديمية كالمحاسبة ومسك الدفاتر، وغيرها أن لا يتردّد في تعليم الرفقاء في غرفته الذين يودونه في أي حقل من هذه الحقول.
سابعاً: يؤخذ خمسة في المئة من قيمة كلّ قطعة منتجة مادياً (هذا بعد أن يصبح الإنتاج ذا مردود مادي) خاصة المنتجات الخرزية والموزاييك المصنوعة من قشرة الخشب أو قشرة البيض.
ثامناً: توضع هذه الضريبة في صندوق التعاونية العام، في إشراف إدارة السجن.
يفرح القلب، انه لم يمرّ سوى بضعة أشهر، حتى أصبح السجن خلية إنتاجية حقيقية، ولم يشذ عن هذا البرنامج سوى شخصين فقط. لم يمرّ وقت طويل حتى بدأ المردود المادي للإنتاج، من جزادين خرزية، ولوحات فنية على أنواعها، ونرابيش أراكيل، وغيرها، يسدّ قسماً كبيراً من الحاجات المادية من طعام وأدوية ولباس. أكثر من ذلك، شرع بعض السجناء النشيطين إنتاجياً، في مساعدة أهاليهم في حدود ثلاث مئة ليرة شهرياً، (وكانت القوة الشرائية لليرة اللبنانية في أوج مجدها).
ساعدنا عدد كبير من أصدقاء وصديقات للحزب بجدّ وإخلاص في بيع تلك السلع الى المحلات التجارية والبيوتات اللبنانية(3). وبلغت حصيلة ما جمعناه من الضريبة على القطع المنتجة حوالي ثماني مئة ليرة، أودعت الصندوق العام عند إدارة السجن. كانت هذه القيمة مخصصة لتغطية النفقات لبعض الرفقاء من أدوية وأمور شخصية متنوعة.
علمت، بعد خروجنا من السجن أنّ جمعاً من الرفقاء الذين تعلّموا على أيدي رفقائهم من حاملي الشهادات الثانوية، أو الجامعية، أموراً، كاللغات الانكليزية والفرنسية والعربية، وأموراً أخرى كأصول «مسك الدفاتر» والمحاسبة، وغيرها استطاعوا التوظف في عدد من الشركات والمؤسسات التجارية.
ما ان اندلعت الحرب بين «إسرائيل» والدول العربية في صباح الخامس من حزيران 1967 حتى قفزت همومنا القومية الى الواجهة ونسينا هموم السجن والعفو، ونظرنا الى الآمال القومية التفاؤلية المرتقبة التي كنا نأملها ونحلم بها. كان ذلك سراباً بسراب اذ بعد بضعة أيام معدودة أي في التاسع من حزيران سمعنا الهزيمة الكارثة وانتصرت «إسرائيل» فيها وسيطرت في جبهاتها الثلاث مصر وسورية والأردن. ما زلت أذكر آثار الصدمة على رفقائنا دون استثناء خاصة ونحن نستمع الى خطاب التنحي الذي كان يلقيه عبد الناصر. كان حزبنا على خصام سياسي مع الرئيس عبد الناصر وكان لنا معه جولات إعلامية سياسية والكثير من المواقف العدائية السلبية. ورغم ذلك أظهر الرفقاء القوميون في السجن في الوجدان والممارسة موقفاً مشرّفاً، على خلاف ما انتظره وتوقعه بعض الأطراف منا. يقول الأمين الدكتور سعاده في هذه المناسبة: « لقد خيّم الوجوم على الدرك جميعاً، وبعد ساعة تقريبا أتاني الرقيب أول صادق، وهو محمدي، يقول: «دكتور، أنتم جماعة كبار يصعب على أمثالنا فهمكم، كنا نتوقع في محدوديتنا أن نراكم مثل بعض هؤلاء الحرس المسيحيين في حال انشراح لهزيمة عبد الناصر، فإذا بكم أكثر منا ألماً، وأبعد وعياً، فأرجوك أن تقبلوا اعتذارنا عن جهلنا وتأكدوا أنكم اخوتنا ونحن مستعدون لتقديم أيّ مساعدة تطلبون».
هوامش
1 ـ السجن المدرسة: للاطلاع على النبذة الدخول الى أرشيف تاريخ الحزب على الموقع التالي www.ssnp.info
2 ـ استشهد الرفيق سعيد، شقيق الرفيق موسى مطلق ابراهيم في معركة إيعات صيف العام 1958. مراجعة أرشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور آنفاً،
3 ـ لا بدّ أن نذكر بكثير من التقدير، الدور الذي قامت به الرفيقة ليلى الجدع، وكنت كرئيس لمكتب الطلبة على تواصل معها. كانت تهتمّ باستئجار جناح في كثير من المعارض، لأشغال الرفقاء الأسرى، وكان رفقاء ورفيقات من الطلبة الجامعيين والثانويين يؤمنون دواماً يومياً.
4 ـ شارك معه في المهمة، الرفقاء: اوغست حماتي، جوزيف عقل الياس وعادل اندراوس.
أسرى قوميون اجتماعيون يستعيدون حريتهم 1954-1957

كانت السلطات اللبنانية قد اعتقلت عدداً من الرفقاء المشاركين في الثورة القومية الاجتماعية الأولى، خصوصاً في سهل سحمر – مشغرة، سرحمول، المتين، والغبيري، او ممن تحركوا حزبياً وأدوا مهمات بطولية، امثال الرفيق توفيق رافع حمدان الذي اعتقل بتهمة محاولة اغتيال رياض الصلح.
هذا الملف يستأهل ان يُعمل على تنظيمه بدءاً من أسماء الرفقاء المعتقلين، أماكن احتجازهم، والسنوات التي أمضاها كلّ منهم في الاعتقال، وتاريخ الإفراج عنه.
وهذا الأمر يتطلب العودة الى أدبيات الحزب، كما الى معلومات أسر هؤلاء الرفقاء، وهو أمر غير يسير ويحتاج لمن يوليه وقتاً واهتماماً غير قليلين.
نعرض هنا لما توفر لدينا على أمل ان نتمكن، وغيرنا من تنظيم كامل الملف المطلوب.
إطلاق سراح 11 قومياً اجتماعياً
أوردت نشرة منفذية بيروت، في عددها، شهر تشرين الأول 1954، وتحت العنوان أعلاه، الخبر التالي:
أفرجت الحكومة عن رفقائنا الأسرى الأحد عشر: أنطوان ناكوزي، محمد الحوراني، محمد الحلبي، يوسف شمعون، باسيلا متى، محمد بلوط، حسين الحلبي، عبد الهادي حماده، ابراهيم صيداوي، إميل رفول، فؤاد سخا، وقد أقام الرفيق شاهين شاهين(1) حفلة غداء في منزله في بكفيا تكريماً لهم دُعي اليها عدد من الأمناء والرفقاء وفي مقدمته حضرة الأمينة الأولى.
في عيتنيت
أقام الرفيق جان سلوان(2) حفلة عشاء في منزله في عيتنيت (البقاع الغربي) تكريماً للرفيق إميل رفول بمناسبة خروجه من الأسر حضرها عدد من الأمناء والرفقاء.
الأسرى القوميون الاجتماعيون يستعيدون حريتهم
في أيلول 1957 أفرج عن آخر دفعة من الرفقاء المعتقلين. هذا العنوان أوردته جريدة الزوابع، ونشرت الى جانبه صوراً لعدد من الرفقاء المفرج عنهم، وأسماءهم، وهم: الأمين يوسف قائدبيه، نصير ريا، توفيق رافع حمدان، أمين الحلبي (الامين لاحقاً)، محمد غنوم، فايز زين، فؤاد متى، خليل الطويل، مصطفى ملاعب، سعيد حماد.
كان حضرة رئيس الحزب آنذاك الأمين أسد الأشقر في استقبال الرفقاء عند خروجهم من سجن القلعة. ومساء الأحد 29 أيلول أقام حفلة عشاء في فندق القاصوف في ضهور الشوير تكريماً للأسرى القوميين الاجتماعيين العشرة الذين استعادوا حريتهم بعد أسر استمر ثماني سنوات ونيّف.
حضر الحفلة نائبا الشوف نعيم مغبغب وقحطان حمادة وبعض أمناء الحزب وجمهور من القوميين الاجتماعيين والمواطنين.
تكلم في هذه الحفلة كلّ من رئيس الحزب الأمين أسد الأشقر، عميد الإذاعة الأمين إنعام رعد، فالأمين يوسف قائدبيه.
في عدد جريدة «الزوابع» المُشار إليه أنفاً، كتب الأمين إميل رفول في زاوية «على الدرب» الكلمة التالية:
«تحطم القيد»
وأخيراً انفتحت أبواب القلعة وتدفق منها الأبطال القوميون الاجتماعيون، الذين ربضوا بين جدرانها الأربعة السود ثماني سنوات ونيف.
لقد آمنوا بكبر قضية الأمة فخلقوا صدورهم في المعركة لهذا الكبر… وتحدّوا الرصاص، كباراً في إقدامهم ورجولتهم… وولجوا عتبة السجن، كباراً في آلامهم آلام الأمة، كباراً في صبرهم وتجلدهم، وكانوا في منازلتهم للزمن أثبت جناناً من الزمن. وحطمت فاعلية النهضة القومية الاجتماعية القيد فذلّ أمام السواعد السمر. وخرجوا الى مجالات الحرية، كما دخلوا، كباراً في الصراع الذي لا ينتهي لانّ معارك الحياة لا تنتهي. ولم يثن السجن لهم قناة لا تنثني، ولم يلو القيد ساعداً طالما اعتصر البطولة ولم تطغ ظلمة السجن على جذوة إيمان أنارت ظلمة الليل…
هم بيننا الآن أصلب عناداً من صور في وجه الاسكندر وأكثر شموخاً من قمة حرمون تتحدّى الأعاصير. هم بيننا رجع دوي البطولات يمتدّ بين الأجيال عبر التاريخ. هم بيننا زخم في معاركنا وغار في اكاليل انتصاراتنا وسيظلون».
زيارة ضريح الزعيم
قام الرفقاء الأسرى يتقدمهم رئيس الحزب الأمين أسد الأشقر بزيارة ضريح حضرة الزعيم في مدافن مار الياس ـ بطينا. وألقى رئيس الحزب الكلمة التالية:
أيها الرفقاء الخارجون من السجن،
جئنا لنحيّي ضريح الزعيم القائد الذي أطلق حيوية هذا المجتمع من مكامنها، فحرر عقل المجتمع من ظلمات القرون الانحطاطية، وحرر رجولة المجتمع الخليقة من قرون الضعف، فكنتم أنتم هذه الخليقة الجديدة المسلحة بالرجولة المتحررة وبالعقل النير، والمتحرر، والرجولة كلّ الرجولة، هما العنصران الأساسيان لإعادة بنيان كلّ مجتمع طرأت عليه أحداث جامحة هدامة فجزأته، ونكبات فادحة فأرزحته.
نحن دائماً في المعركة، لأنّ المعركة بدأت منذ أسّس الزعيم هذه الحركة البنّاءة التي أخذت على عاتقها وعلى مسؤوليتها وحدها بنيان هذا المجتمع من جديد في تعبيره وفي رجولته.
أنتم تخرجون من السجن لتستأنفوا المعركة، لأنّ معركة البنيان والتحرر تستمر دائماً وابداً، واذا كان الزعيم أطلقها بهذه القوة بعد جمود هذا المجتمع مئات طويلة من السنين فذلك لتستمر ولتنتقل من قمة الى قمة، ومن انتصار الى انتصار، طالما هذه الامة العظيمة متمعة بهذا العقل النير الخلاق الذي أطلقه الزعيم، وبهذه الرجولة البطولية التي أيقظها الزعيم من أعماق حيويتنا الخالدة.
نورد ما توفر لنا من معلومات عن الرفقاء المفرج عنهم:
ـ أنطون ناكوزي: من المتين. شارك في الهجوم على مخفر المتين. عقيلته الرفيقة هند، وابنه الرفيق أنطون ناكوزي.
ـ محمد الحوراني: شارك في الثورة القومية الاجتماعية الأولى اعتقل أثناء معركة مشغرة، استشهد في الأحداث اللبنانية عام 1976، شقيق الرفيق الشهيد منصور والرفيقين خليل ويوسف الحوراني.
ـ محمد حسين الحلبي: من بلدة المتين. شارك في الهجوم على مخفر البلدة.
ـ عبد الهادي حماد: إعلامي من مدينة طبريا. شقيق الرفيقين الشهيدين عباس حماد (عام 1949) وسعيد حماد (عام 1962) انتقل الى الأردن واستقرّ فيها.
ـ إميل رفول: مُنح رتبة الأمانة. من مشغرة. كان أديباً وشاعراً.
ـ يوسف قائدبيه: مُنح رتبة الأمانة في تشرين الأول عام 1957. من بين أوائل الرفقاء في عين عنوب. تولى رئاسة التنظيم الحزبي المنشقّ عام 1957. عقيلته المحامية الرفيقة إخلاص جابر.
ـ توفيق رافع حمدان: من عين عنوب. قام بمحاولة فاشلة لاغتيال رياض الصلح . من مناضلي الحزب له ديوان شعر ومذكرات.
ـ خليل الطويل: من المريجة، ومن مناضلي الحزب، كما شقيقه الرفيق جوزف.
ـ أمين الحلبي: من المتين. مُنح لاحقاً رتبة الأمانة. عُرف بقوته الجسدية، وبالتزامه الصادق بالحزب. كما الرفيقين محمد الحلبي وحسين الحلبي.
ـ نصير ريا: اعتقل في معركة سهل مشغرة، وكان الى جانب الرفيق الشهيد عساف كرم. غادر الى سويسرا وفيها بقيَ ناشطاً حزبياً الى ان وافاه الأجل.
ـ سعيد حماد: اغتاله الزبانية عام 1962 وكان معتقلاً في ثكنة الحلو شارع مار الياس. من مدينة طبريا.
ـ فايز زبن: من الجنوب السوري.
سنعمل لاحقاً على تنظيم معلومات عن الرفقاء الآخرين.
هوامش
1 ـ شاهين شاهين: من بكفيا، كان مهاجراً في كوماسي (غانا) ومن المؤسّسين للعمل الحزبي فيها الى جانب الرفيق رفيق الحلبي والأمين أسد الأشقر. وافته المنية عام 1957.
2 ـ جان سلوان: والد عميد التنمية الإدارية الرفيق الدكتور أنطون سلوان، وهو من أوائل الرفقاء في عيتنيت التي منها الرفقاء: الراحل الياس تقلا، وحيد رحال، جميل الراسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى