أولى

اليمين الفرنسي يشق طريقه نحو الحكم

– تشير تحولات أوروبا نحو اليمين الى أولوية الحرب الروسية الأوكرانية في صناعة التحولات، على موقع حرب غزة رغم الأهمية التي احتلتها في إعادة تركيب اتجاهات الرأي العام، ولعل نتائج الانتخابات الفرنسية تسمح بقراءة تضاف الى ما قالته انتخابات البرلمان الأوروبي للتدقيق في اتجاهات التحولات الأوروبية.
– تقول الانتخابات الفرنسية ما سبق وقالته الانتخابات الأوروبية، وهو أن القيادات والأحزاب التي كانت عنوان العداء لروسيا من جهة والتضامن الأعمى مع السياسات الأميركية تجاهها، والوقوف وراء كيان الاحتلال من جهة مقابلة والتزام السياسات الأميركية تجاه حرب غزة، قد فقدت ثقة الشعوب، وهي تدفع ثمن هذه الخيارات التي تسبّبت لأوروبا بفقدان موقع القوة الكبرى، وأن نسبة توزع الرأي العام بين البدائل التي يمثلها اليمين المتطرف واليسار التقدّمي، تعبر عن تأثير هذين العاملين.
– لقد فاز اليمين في فرنسا بصورة كاسحة يرجّح أن تمنحه الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة بعد انتهاء الدورة الثانية الأسبوع المقبل، وخطاب اليمين ضد المهاجرين وعنصريّته ودعوته بأن تكون فرنسا للفرنسيين، والمقصود غير المهاجرين وخصوصاً غير المسلمين، هو تعبير عن نتائج تراجع الاقتصاد بفعل تراجع المكانة الاستعمارية ونسب البطالة المرتفعة من جهة، والوطنيّة الفجة الشوفينيّة التي تميّز اليمين المتمرّد على صيغ العولمة ونتائجها بما فيها الاندماج الوحدوي في الصيغة الأوروبية، لصالح تفضيلها صيغة تنسيقية تكاملية، لكن سياسياً يبدو أن الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية وموقف اليمين الداعي للمصالحة مع روسيا والرافض للمقاطعة الاقتصادية معها، خصوصاً في ملف النفط والغاز كان ورقة اليمين الرابحة، التي تَعِد الفرنسيين بعدم دفع فاتورة هزيمة الرهان الأميركي على انتصار أوكرانيا، وشراكة الرئيس الفرنسي في هذا الرهان.
– بالمقابل فاز اليسار التقدمي بزعامة جان لوك ميلنشون بالمركز الثاني مع نسبة يتوقع أن تصل إلى 30% من مقاعد البرلمان الذي سوف ينال اليمين نصفه، ويبقى للرئيس وحزبه أقل من 20 % من مقاعده، على خلفية استقطاب اليسار للطبقة الوسطى وتقدّمه برؤية ضريبية تضمن الاستقرار الاجتماعي بالاعتماد على موارد الاقتصاد الوطني من جهة، وبسبب تعبير هذا اليسار عن الخط الشعبي الداعم للقضية الفلسطينية التي تضج بنبضها شوارع فرنسا وساحاتها.
– تعود فرنسا إلى الانقسام الطبيعيّ بين اليسار واليمين، واللافت أن اليمين واليسار سوف يلتقيان من خلفيتين مختلفتين على الانفتاح على سورية، حيث سبق لليمين أن أكد اعتقاده بأن مواجهة خطر الإرهاب والهجرة تتحقق بالانفتاح على الدولة السورية ورئيسها، بينما تأخذ القضية الفلسطينية ودعمها اليسار نحو بيروت ودمشق وربما طهران أيضاً.
التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى