مانشيت

الانتخابات الفرنسية تطوي صفحة ماكرون وتفتح طريق اليمين نحو روسيا وسورية / الإجماع العربي للتقرّب من المقاومة بعد تصحيح خطأ صفقة القرن بتصنيفها إرهاباً / الاحتلال يعترف بالفشل العسكري وعشرات القتلى والجرحى في غزة وجبهة لبنان

كتب المحرّر السياسيّ

قال الناخبون الفرنسيون كلمتهم، وسوف يواصلون تثبيتها نهاية الأسبوع المقبل في الدورة الانتخابية الثانية، بإقصاء حزب الرئيس إيمانويل ماكرون عن مركز التحكّم بالقرار الفرنسي، بحيث يرجح أن يكمل اليمين الفرنسي السيطرة على الغالبية النيابية، والنجاح بتشكيل حكومة منفرداً، يُجبر ماكرون على التساكن معها كبطة عرجاء قبل أن يخرج ومعه حزبه الطارئ على المشهد السياسي الى متحف اللوفر، ويفتح طريق الماليزية أمام خيارات جديدة.
التبعيّة العمياء للسياسات الأميركيّة أسقطت فرص تشكيل قطب أوروبيّ موازٍ ومستقل مقابل الاستقطاب الأميركيّ الروسيّ الصينيّ، وفقد مع ذلك الشعور بالمكانة والمهابة، لكن الاقتصاد فقد موارد المستعمرات في زمن التراجع الغربي، ودفعت فرنسا الحصة الكبرى من هذا التراجع في أفريقيا، وفقد هذا الاقتصاد ومعه المستهلك الفرنسي فرص الحصول على الوقود والطاقة بسعر رخيص بسبب حال العداء والقطيعة والعقوبات التي فرضت على روسيا في ظلال حرب أوكرانيا. وبالتوازي وقفت فرنسا كتلميذ مطيع وراء أميركا في حرب غزة داعم بلا شروط لكيان الاحتلال، بينما خرج الشعب غاضباً يعلن تضامنه مع غزة وفلسطين، فتوزع الناخبون بين الوطنية الفجة التي يمثلها اليمين، وبيده وعود الانفتاح على روسيا وإعادة ضخ النفط والغاز من موسكو الى دول أوروبا، ورفض إرسال القوات الفرنسية لمساندة أوكرانيا والدعوة لمصالحة روسيا والناتو بعد وقف الحرب، وبين اليسار التقدمي الذي قاد الشارع المساند لفلسطين وغزة، والمعترض بقوة على سياسات التبعية اقتصادياً لتوجّهات الليبرالية المتوحشة، واعداً بسياسات ضريبية تعيد تنشيط الطبقة الوسطى وتقدم الرعاية للطبقات الفقيرة.
نال اليمين 33% في الدورة الأولى أمس، وينتظر أن يكمل نيل الأغلبية الأحد المقبل، وبينما يَعِد بسياسات قاسية في ملف المهاجرين، يتبنى اليمين موقفاً مسانداً للدولة السورية باعتبار هذا الانفتاح وحده يقدم حلولاً لمواجهة الإرهاب وخطر تهديده لأوروبا، كما يقدم حلولاً لملف الهجرة عبر فتح طريق العودة الآمنة الى البلد الأصليّ ورفع العقوبات عنه ومساعدته على النهوض.
في المنطقة حمل الموقف الذي أعلنه معاون الأمين العام للجامعة العربية حسام زكي، خلال زيارته لبيروت، حول إزالة اسم حزب الله عن لوائح الإرهاب بقرار من الإجماع العربي كما قال، ترجمة لمسار معاكس لما بدأه العرب مع اتخاذ القرار بتصنيف حزب الله إرهابياً عام 2016، في سياق الأوهام التي انتشرت حول تصاعد المشروع الأميركي، وما سُمّي بالفرص الواعدة لصفقة القرن والتطبيع، ومثلما تراجع العرب عن قرار مقاطعة سورية ومصادرة مقعدها وقرروا عودتها الى القمم العربية، يتراجعون اليوم بسبب سقوط الأوهام وثبات قوة قوى المقاومة وتفوّقها على وهم القوة الإسرائيلية، وظهور القضية الفلسطينية عنواناً لن يسهل جعله هامشياً، بعدما عادت فلسطين تتوهّج على جدول أعمال الشعوب والدول، وعادت المقاومة رقماً إقليمياً صعباً.
في جبهات القتال اعترف جيش الاحتلال بسقوط 33 من جنوده بين قتيل وجريح، منهم 22 في عمليّات غزة، و11 في عمليات شمال فلسطين، بينما قال مستشفى صفد إنه استقبل 18 مصاباً بضربة جويّة واحدة للمقاومة في جنوب لبنان.

تواصل «إسرائيل» اعتداءاتها فاستهدفت غارة إسرائيلية منزلاً في بلدة حولا، مخلّفة دمارًا كبيرًا، ما أدّى إلى سقوط 3 شهداء، هم: نصرات حسين شقير من بلدة الصوانة، وجلال ضاهر من بلدة حولا، وحسين محمد سويدان من بلدة عدشيت القصير. وقد سبق ذلك قصفٌ مدفعي استهدف البلدة.
وأعلن حزب الله أنه استهدف مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة يرؤون بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابةً مباشرة، ومقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت بصاروخ بركان ثقيل، فَأُصيبت إصابةً مباشرة ودُمّر جزءٌ منها، ومقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل بصاروخ “فلق”، فَأُصيبت إصابةً مباشرة ودُمر جزءٌ منها، ووقعت فيها إصابات مؤكدة، واستهدف الحزب “مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المطلة بالأسلحة المناسبة”، كما أعلن تنفيذه “هجوما جوياً بِسربٍ من المسيرات الانقضاضية على مقر كتائب المدرعات التابعة للواء 188 في ثكنة راوية، مُستهدفةً مبنى القيادة فيها وأماكن تموضع ضباطها وجنودها وأصابها إصابةً مباشرة، مما أدى إلى اندلاع النيران فيها وأوقع فيها إصابات مؤكدة”. واستهدف “المشغل العسكري التابع لِثكنة بيت هلل بصاروخ “فلق”، فأُصيب إصابةً مباشرة ودُمر جزءٌ منه، مُحققاً فيه إصابات مؤكدة”، و”مرابض مدفعية العدو الإسرائيلي في خربة ماعر بالأسلحة الصاروخية، وموقع رويسة القرن في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابه إصابةً مباشرة”.
وشكّك رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة تل أبيب اللواء احتياط تامير هيمان والرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية (أمان) – في جدوى توسيع “إسرائيل” الحرب في لبنان، قائلا إن “التحرك في الشمال قبل حسم الحرب في غزة أمر غير مرغوب، وقد يؤدي إلى تشتيت الجهود وإلى حرب استنزاف طويلة”.
وأضاف هيمان أن حزب الله لديه البنية التحتية والقدرات العسكرية لخوض حرب طويلة جداً ربما تستمر عدة أشهر، يُلحق خلالها أضراراً جسيمة ب”إسرائيل”، الأمر الذي سيؤثر على استمرارية العمل والاقتصاد وقدرة أي إسرائيلي على القيام بعمل ما. وفي حال أصرّت الحكومة الإسرائيلية على الدخول في حرب شاملة مع حزب الله، قال هيمان إن “عليها أن تحدّد بشكل واضح كيف ستنتهي، وأن تتعلم من دروس الحرب في غزة، والتي تم التخطيط لها باعتبارها حرباً طويلة، وهذا يتعارض مع مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي”. وأردف قائلاً “أما إذا اندلعت حرب شاملة ضد حزب الله، فمن الأفضل ل”إسرائيل” أن تخوضها وتصمّمها، بحيث تكون قصيرة ومحدودة إقليمياً بقدر الإمكان، على أمل أن تتسبب بأقل قدر من الضرر المادي والمعنوي بالجبهة الداخلية الإسرائيلية”.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن “الرسالة التي بعثت بها إيران في ما يتعلق بشنّ “حرب إبادة” في حالة تنفيذ “إسرائيل” عملاً عسكرياً واسع النطاق في لبنان تجعلها تستحق التدمير”. وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، إنه إذا شرعت “إسرائيل” في “عدوان عسكري شامل” في لبنان، فإن “حرب إبادة ستندلع”.
إلى ذلك تتجه الأنظار إلى لقاء سيجمع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بالموفد الفرنسي جان إيف لودريان الأسبوع المقبل في باريس، حيث سيتم البحث بين الطرفين في ملف لبنان بشقيه الرئاسي والأمني العسكري، في وقت تستعد اللجنة الخماسية لاستئناف تحركها الاسبوع الثاني من الشهر الحالي في شأن الانتخابات الرئاسية بالتوازي مع زيارة الموفد القطري أبو فهد بيروت قريباً للبحث في الملف الرئاسي وما يمكن القيام به لإحداث خرق جدي في هذا الشأن، والعمل من أجل تفادي اتساع رقعة الحرب، علماً أن الدوحة ستستضيف وفداً قواتياً يوم غد الثلاثاء في سياق اهتمامها بالشأن اللبناني واستقبالها الكتل النيابية.
إلى ذلك لا يزال كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي الأحد الماضي محل متابعة سياسية واهتمام من قبل العاملين على خط ترتيب العلاقة بين بكركي وحزب الله. وقال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أمس، إنه على مدى كل العلاقة مع بكركي، حزب الله كان حريصاً على علاقة واحترام متبادل مع الصرح البطريركي فهناك قنوات مفتوحة وحوار دائم. ولفت فياض إلى أن الأب عبدو ابو كسم قام بخطوة إيجابية وكانت في الاتجاه الصحيح. وما قام به النائب فريد الخازن قُرئ جيداً من قبلنا، ولكن برأينا الامر يحتاج الى خطوات اضافية وحبذا لو ان البطريرك الماروني بشارة الراعي يوضح الأمر. واعلن فياض أن حزب الله ارسل الى بكركي ان المقاومة مزعوجة جداً من الموقف الذي صدر وما حصل جرحنا في الصميم وكلمة الإرهاب هي لغة تصادم ومواجهة وليست لغة اختلاف سياسي، قائلاً: حتى لو لم تكن هناك غزة فنحن نقاتل عدو لا يزال يحتل ارضنا ونواجهه، وبالتالي نفتش عن اللحظة المناسبة لاستكمال العمليات ضده؛ وهذا حق المقاومة. وشدّد فياض على أن حزب الله يدرك خصوصية موقع بكركي ودوره ونريد أن تبقى قنوات الحوار مفتوحة وما حصل يحتاج الى احتواء ومعالجة والخطوات التي حصلت إيجابية، ولكن يجب ان تستكمل بالمزيد منها.
وكان النائب فريد هيكل الخازن زار يوم السبت بكركي، ونقل عن الراعي قوله “نعم هناك “مشكل” مع حزب الله، هناك فريق معه سلاح وآخر ليس معه سلاح، وهذا الموضوع يحدث إشكالية ونقاشاً كبيراً، لكنه لا يصل الى حدود ان نتهمه بالإرهاب”. كما نقل الخارن عن البطريرك الماروني “أن أحد سفراء دولة عظمى طلب منه تسمية حزب الله بالإرهاب، الا انه رد عليه بأن هذا الحزب هو فريق لبناني ولا نتهمه بالإرهاب، وهو بعيد عن الإرهاب”. وقال الخازن بعد اللقاء إنه “يرفض وصف اي فريق لبناني بالإرهاب”، واعتبر”ان ما حصل غيمة ولازم تمرق”.
وتمنى البطريرك بشارة الراعي لو أنّ الذين يتعاطون الشأن السياسيّ العام عندنا، يدركون أنّهم مدعوّون ليتقدّسوا في عملهم السياسيّ، لأنّه بالأساس موجّه لخدمة الشخص البشريّ في دعوته وحقوقه الأساسيّة، وإنمائه بكلّ أبعاده الروحيّة والإنسانيّة والثقافيّة والاقتصاديّة؛ وموجّه لتوفير العدالة والسلام والاستقرار الأمنيّ بواسطة مؤسّسات الدولة النظاميّة والأمنيّة؛ كما أنّه موجّه للاعتناء بقضيّة المسنّ والمهمَل، والعامل المظلوم، والفقير والجائع. فإذا اعتنوا بجميع هذه الحالات، نالوا أجرًا عند الله، وسارعوا إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة وفقًا للدستور الواضح والصريح، من شأنه أن يعيد ثقة المواطنين بشخص الرئيس وبمؤسّسات الدولة الدستوريّة.
ويزور رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل اليوم رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة لاطلاعه على نتائج لقاءاته القوى السياسية وأهمية الذهاب الى حوار يعقبه عد جلسات متتالية لانتخاب رئيس لا سيما وأن هناك 86 نائباً يبدون استعداداً للمشاركة في الحوار.
وشدّد باسيل أمس، خلال جولة قام بها أمس على قرى وبلدات عكارية على أننا “اليوم مهدّدون بسبب اسرائيل وجميعنا نسأل السؤال نفسه حول حدوث الحرب”، مؤكداً “اننا ضد أي سياسة تأتي بالحرب”. وأضاف: “صحيح نعمل لمنع الحرب عن لبنان، ولكن هذا لا يعني الاستسلام، وسواء وقعت الحرب أم لا لبنان سيخرج منها منتصراً ولو بكلفة مرتفعة”، معتبراً أن “الحرب هي فشل للإنسان، ونتيجة الحرب ستكون انتصاراً للبنان”. ولفت الى ان “الخوف هو من الحروب الأخرى لتغيير الهوية وغيرها، وهذا الأمر ليس فيه عنصرية ولا عدائية”.
وقال المكتب الإعلامي للرئيس فؤاد السنيورة، في بيان: “حزب الله ممثل في الحكومة وفي مجلس النواب، وفي لبنان ليس لدينا موقف كهذا، والأيام ستثبت وحسب التجربة اذا ما كان هذا القرار للجامعة العربية متسرّعاً او صحيحاً. هذا التصنيف ليس تصنيفاً لبنانياً، حزب الله مشارك في الحكومة وفي مجلس النواب”.
أضاف: “على صعيد الجامعة العربية، اذا كان هناك من توافق للتوصل الى هذا الموقف، فمن الأجدر التحقق من المنفعة خلف الأمر للبنان وحزب الله لان هذا الكلام ينعكس إيجاباً على حزب الله وينعكس إيجاباً على لبنان، اذا كان هناك توافق على ذلك لقاء أشياء محددة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى