أردوغان لما يُسمى «المعارضة السورية»: أُسدِلت الستارة وانتهى العرض
} يوسف هزيمة*
«لن نبقى ساكتين وسندعم الثورة السورية حتى النهاية،» (30 حزيران/ يونيو 2012).
«لا يوجد أيّ سبب يمنعنا من إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية ومن الممكن أن نلتقي مجدّداً مع السيد الأسد في المرحلة المقبلة، ومستعدّون لذلك». (28حزيران/ يونيو 2024).
التصريحان الآنفان هما للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الأول أطلقه في أواخر حزيران، والثاني في أواخر حزيران أيضاً. ولكن بين حزيران وحزيران دزينة من السنوات عجاف مرّت على المنطفة، ولا سيما النصف الأول منها وما رافقها من حوادث ترافقت مع مظاهرات اجتاحت العديد من الدول العربية، راق لبعضهم تسميتها بـ «الربيع العربي»، الذي بدأ ربما في تونس ربيعاً، ليجتاح مصر وليبيا واليمن وصولاً إلى سورية خريفاً قاسياً ولا سيما على سورية، حيث كان لانقشاع بعض الغبار عما جرى، كافيا لإظهار مشهد يرسم صورة فوضى منظمة خلاقة مدروسة ومهندَسة بإتقان، من مهندس غربي كأنه تتلمذ على أيدي سايكس بيكو، وتنفيذ عمال غوغائيين، كان بينهم بعض الذين أيقنوا أنّ هناك من أفلت المغول من القفص مِن جديد، مع الإشارة انّ المغول اليوم نفضوا أيديهم من مغول الأمس.
انتهى ما سُمّي خطأ الربيع العربي الى ما انتهى اليه، وطُويتْ الصفحة التي كان يُراد لها رسم المنطقة من جديد على قياس الأميركي، في نسخة جديدة من سايكس بيكو. لتبدأ صفحة جديدة لم يُرِد مطلقوها ولم يتوقعوا في الأساس ان تُرسَم المنطقة من جديد على وقعها، ونعني بها صفحة طوفان الأقصى، التي تتشكل المنطقة بل العالم على وقع حوادثها. والآتي من الأيام سيشي بكلّ لحظاته إلى ذلك، وهو بدأ بذلك.
عود على بدء، فقد أعلن الرئيس التركي أردوغان استعداده للقاء الأسد، والأصح السيد الأسد، وفق تعبير ووصف أردوغان، والعارفون باستخدام كلمة السيد، وما تعنيه عند الأتراك من احترام عال وكبير، يدركون أنّ الرجل نفض يديه من كلّ تصريح سابق وأسبق، وما أكثر تلك التصريحات التي أطلقها أردوغان ضدّ سورية وقيادتها، وقرَنَها بالفعل، من خلال الدعم غير المحدود للجماعات المسلحة.
إذن نفض أردوغان يديه من كلّ مواقفه السابقة، وأعلن منذ أيام وبُعَيد صلاة الجمعة استعداده للقاء الرئيس الأسد، وعندما يطلِق أردوغان كلامه في يوم الجمعة وبعد صلاتها، فإنّ القوم يصدّقونه، وما نعني بالقوم، ما يسمى المعارضة السورية، التي يبدو أنها التقطت الرسالة جيدا، وأيقنت انّ اللعبة انتهت، على الأقلّ في الشمال السوري. إدلب وجوارها،
بانتظار ان تنتهي في الشرق حيث قوات «قسد»، في السياسة يمكن قراءة كلام أردوغان، وهو لا يقرَأ إلا من نوافذ السياسة، بأنّ الأخير يتصرف بواقعية سياسية مع الكثير من البراغماتية. وهذا يعني – وحتى لا نطيل – أنّ الدبلوماسية هي لغة الأيام المقبلة، التي ستحمل معها العلاقات الدبلوماسية لتضعها على سكتها الطبيعية… وهكذا بعد عودة الإمارات والبحرين ومصر والسعودية والجامعة العربية إلى حضن دمشق، ها هي أنقرة تعود، ولسان حالها يقول لما يسمى «المعارضة السورية» لقد أُسدِلت الستارة، وانتهت اللعبة، ومعها انتهى العرض، بل المسرحية برمّتها…
*كاتب وباحث سياسي