أخيرة

دبوس

ديموقراطية

إلى هذا الحدّ وصلت هذه «الدولة العظمى»، وإلى هذا المنحدر انحدرت، إذ يتقاتل على منصب الرئاسة رجلان، أحدهما معتوه، بلغ من العمر عتيّاً، وأصيب عقله في منطقة التركيز والتذكّر إصابات بالغة، جعلته غير قادر على التفريق بين زوجته ونائبته، وجعلته في مناسبات أخرى يصافح الفراغ، ورجل آخر استمرأ الخطاب الشعبوي، فأصبح ديدنه، واستشعر انّ هذا النمط من الخطاب يجتذب الرعاع، فوصل الى نقطة لا يمتلك معها سوى الاستمرار في هذا النهج البائس، نهج الخطاب الشعبوي، لأنه انْ تخلّى عنه فسيفقد كلّ ذلك الشارع الأبله الذي يؤيده، فأصبح هو وشارعه يتدافعان في سباق الحماقة، لإثبات أيهما أكثر شعبوية، وأصبح يكذب كما يتنفس، ولكن كليهما مربوط في نهاية المطاف من عنقه من قبل تلك الأوليغارشية الصارمة، ولديه من المقدرة على الحركة، بقدر طول الحبل الذي يمسك بتلابيبه من العنق، ثم يتحدّثون عن الديموقراطية التي يصرّون على تصديرها الى كل الأمم والشعوب،
يتفوّق جورج لاتيمار على جمال باومان في انتخابات نيويورك الفرعية، ليس بسبب آرائه العظيمة، وفلسفته المبرمة، بل بسبب المال الذي تدفق من اللوبي الصهيوني بغزارة وبلا حساب لمصلحته، فمن يملك المال في أميركا، ولو كان حماراً يدبّ على أربع، سيفوز في مقعد له بالكونغرس، ويقرر بعد ذلك مصائر الناس، ثم يسمّون ذلك ديموقراطية، أيّ حكم الشعب، ويريدون تمرير هذا النمط من الحكم إلى بقية الشعوب، فقط تأمّلوا معي هذه اللعبة المزرية، يتلقّى المرشح الذي تريد الأوليغارشية والصهيونية إيصاله إلى موقع القرار، يتلقّى المال الوفير لتمويل حملته الانتخابية، وهو في معظمه ذاهب الى وسائل الإعلام، المملوكة أيضاً من قبل الأوليغارشية والصهيونية، يعني، من هاي الجيب لهاي الجيب، وتتمّ خلال هذه الجدلية المضحكة، عملية غسل الأدمغة للناس، حيث يصبح التيس عبقرياً، ويصبح الباذل لذاته، والمناكف عن حقوق المظلومين إنساناً شريراً، ومؤيداً للإرهاب…
هذه هي لعبة الديموقراطية على الطريقة الأميركية، وهم لا يريدون لهذه التجربة ان تبقى حكراً عليهم، بل يصرّون على تمريرها إلى بقية الشعوب، لينتفع منها الناس جميعاً، سمّ زعاف يتم تغليفه بغلاف لامع برّاق، تماماً بنفس الطريقة التي يروّج لها الأميركي البشع لسلعة التي تباع في الأسواق، غلاف جذاب لامع برّاق، وبضاعة لا تنطوي على أيّ فائدة للناس، بل ربما ستلحق به كلّ الأضرار.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى