ارتفاع فرص التوصل إلى اتفاق غزة… وجيش الاحتلال: لوقف الحرب بأي ثمن المفاوضات تستأنف اليوم في الدوحة… ومرحلة وقف نار وتفاوض بين مرحلتين ردّ المقاومة: قصف عمق الشمال بمئات الصواريخ وعشرات الطائرات المسيّرة
} كتب المحرّر السياسيّ
طغت التطورات المتلاحقة على المسار التفاوضي حول اتفاق غزة على أحداث كبرى بحجم متابعة الانتخابات الرئاسية الإيرانية في جولتها الثانية اليوم بين المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان والمرشح أمل حافظ سعيد جليلي، بعدما صار الخيار واضحاً بين منهج يقول بأن بوابة حلول المشاكل الاقتصادية والسياسية يتمثل بإحياء المسار التفاوضي لتحسين العلاقات مع الغرب كما يقول المرشح الإصلاحي، أو بالاعتماد على البناء الذاتي لاقتصاد قويّ والانفتاح على الشرق، وإدارة الملف التفاوضي بحذر يستند الى التجارب السابقة التي مرّت بها إيران وخلصت إلى عدم الثقة بالغرب وعلى رأسه أميركا.
الانتخابات الفرنسية الأحد وفرضيّات توازن اليسار واليمين عادت للظهور بعد ترجيحات فوز ساحق لليمين، مع تبادل الفرص بين مرشحي اليسار ومرشحي حزب الرئيس إيمانويل ماكرون لقطع الطريق على مرشحي اليمين، والانتخابات البريطانية تحت مجهر الفحص مع تراجع حزب المحافظين أمام حزب العمال في جولات بدأت فعلياً، حيث يسجل حزب العمال فرص فوز جدّية على حزب المحافظين بعد غياب طويل لحزب العمال عن المشهد السياسيّ، ثم ما يتسرّب من كواليس الحزب الديمقراطي عن بحث جدّي لاستبدال الرئيس جو بايدن كمرشح رئاسي للحزب، والتداول بفرضيّة توافق الرئيسين السابقين بيل كلينتون وباراك أوباما، واسم وزير الخارجية السابق والمرشح الرئاسي السابق جون كيري كبديل، كذلك غابت فرص مراقبة مسار التفاهم التركي الروسي حول سورية بعد اللقاء الذي جمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، وانطلقت منه ورش عمل مشتركة لترجمة التفاهمات.
خطفت تطوّرات المسار التفاوضي حول اتفاق غزة الأضواء، وتقدّمت كحدث أول، حيث بدأت تتكشف المعطيات التي تقول إن جيش الاحتلال يقود مساراً نهائياً للتوصل الى اتفاق، وقد نقلت القناة الرابعة عشرة في كيان الاحتلال عن مسؤول عسكري كبير قوله إن الأولوية هي التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب بأي ثمن. فالجيش لم يعد قادراً على تحمل مواصلة حرب بلا أفق، ويأتي هذا الكلام معطوفاً على كلام جنرالات في جيش الاحتلال لصحيفة نيويورك تايمز، يقولون فيه إن تبادل الأسرى ووقف الحرب نهائياً مع بقاء حماس مسيطرة على غزة، ثلاثيّة مقبولة للاتفاق.
نجحت المقاومة في غزة ومعها محور المقاومة فى استراتيجية حرب الاستنزاف، ووصل جيش الاحتلال إلى اللحظة الحرجة التي لا يستطيع معها مواصلة القتال، وبانت خلفيات ما سُمّي بالمرحلة الثالثة والانسحاب من المدن ومناطق الاحتكاك كرسالة استعداد للانسحاب الشامل، كما قال محللون عسكريون في قنوات تلفزيونية في الكيان، واليوم يصل رئيس الموساد إلى الدوحة لبدء المفاوضات، بعد موافقة رئيس حكومة الاحتلال مرغماً على إرساله، واعتبار ردّ حركة حماس المنسّق مع الوسطاء على مبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن، تطوراً إيجابياً، والجديد الذي تمّ التوصل إليه، كما تقول مصادر متابعة هو إضافة مرحلة بين المرحلتين الأولى والثانية، هي مرحلة التفاوض على الوقف النهائي للحرب واستمرار وقف إطلاق النار خلالها، وعند التوصل إلى الاتفاق تتم العودة إلى تطبيق المرحلتين الثانية والثالثة.
على جبهة لبنان واصلت المقاومة ردّها على اغتيال القيادي “أبو نعمة”، وقال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين إن الرد بدأ وسوف يستمر قوياً وفاعلاً، وكان أمس وأول أمس قد شهدا سقوط مئات الصواريخ وعشرات الطائرات المسيّرة فوق تجمّعات جيش الاحتلال ومستوطناته وقياداته ومقاره العسكرية وقبته الحديدة وصولاً الى عكا، والناصرة وأطراف الضفة الغربية وبحيرة طبريا غرب الجولان المحتل.
غداة اغتيال القيادي البارز في حزب الله أبو علي ناصر، استهدف حزب الله تموضعًا مستحدثًا لجنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة كفربلوم بصلية من صواريخ الكاتيوشا. وقصف بأكثر من 200 صاروخ من مختلف الأنواع، مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في ثكنة اييلايت، ومقر قيادة اللواء المدرع السابع في ثكنة كاتسافيا، ومقر قيادة كتيبة المدرعات التابع للواء السابع في ثكنة غاملا، ومقر قيادة الفرقة 210 (فرقة الجولان) في قاعدة نفح، ومقرّ فوج المدفعية التابع للفرقة 210 في ثكنة يردن. واستهدف موقع بياض بليدا بصاروخ بركان. وشنّ الحزب هجومًا جويًا بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر قيادة الفرقة 91 المستحدث في ثكنة اييلايت، ومقر قيادة اللواء المدرع السابع في ثكنة كاتسافيا، ومقر قيادة المنطقة الشمالية في قاعدة دادو، وقاعدة استخبارات المنطقة الشمالية ميشار، ومقر قيادة لواء حرمون 810 في ثكنة معاليه غولاني، والقاعدة الرئيسية الدائمة لفرقة 146 ايلانيا، ومقر لواء غولاني ووحدة إيغوز في ثكنة شراغا. واستهدف الحزب موقع البغدادي بصاروخ بركان، ورويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بصاروخ بركان ثقيل، وأصابه إصابة مباشرة حيث اندلعت فيه النيران ودمّر أجزاءً منه وأوقع فيه إصابات مؤكدة وأيضاً وأصاب إصابة مباشرة موقع المرج بصاروخ بركان ثقيل. وتحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن إصابات خطيرة بين الجنود بعد استهداف آلية عسكرية بقصف من لبنان وأفيد عن مقتل أحدهم. وأشار جيش العدو الإسرائيلي الى «اندلاع حرائق في عدة مناطق في الشمال جراء عمليات اعتراض لصواريخ ومسيرات أطلقت من لبنان».
وشدّد رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين على أنّ «الرد على اغتيال القائد أبو نعمة بدأ أول أمس، وستستمر هذه السلسلة من الردود التي تستهدف مواقع جديدة لم يكن يتخيّل العدو أنها ستصاب»، مضيفًا «ستبقى هذه الجبهة قوية ومشتعلة».
في المقابل، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي المعادي غارات على عيترون وعيتا الشعب وراميا. كما استهدفت المدفعية الإسرائيلية بلدة الخيام. وتعرضت أطراف بلدة الناقورة في القطاع الغربي لقصف مدفعي. واستهدفت مسيّرة إسرائيلية منزلا في حولا أسفرت عن سقوط شهيد. وأغارت مسيّرة إسرائيلية بثلاثة صواريخ على حي المعاقب فوق الملعب في بلدة حولا أيضاً. وأُصيب مواطنان جراء استهداف منزل الأول بقذيفة في أطراف كفرشوبا. وفي ظل القصف المدفعي المركّز على كفرشوبا جرى تشييع أحد أبناء البلدة. واستهدفت غارة اسرائيلية منزلاً في بلدة القنطرة قضاء مرجعيون ودمّرته بالكامل.
وزارت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب برئاسة النائب فادي علامة، المقر العام لقيادة «اليونيفيل» في الناقورة. النائب علامة ألقى كلمة قال فيها: «إن لبنان لا يريد الحرب، يريد تنفيذ القرارات الدولية، واليوم أكثر من أي وقت مضى نؤكد الحاجة الى دور اليونيفيل. وأضاف: يحضر موعد التجديد لقوة حفظ السلام بعد تصاعد الأعمال العدوانية الإسرائيلية والخرق المتواصل للقرار 1701 خلال السنوات الماضية من خلال آلاف الطلعات الجوية والخروق البرية والجوية والبحرية وخطف المزارعين اللبنانيين وغيرها الكثير من الاعتداءات التي أحصتها التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، لينتقل للخروق المتفجّرة من خلال الاعتداءات اليومية على العديد من المناطق لا بل أكثر، حتى أنه وفي تلك الاعتداءات التي هي أشبه بحرب، فإن العدو الإسرائيلي لم يلتزم بالقانون الدولي الإنساني. وثبت مسلسل اعتداءاته على مدنيين ومسعفين وإعلاميين كذلك استعمل القنابل الفوسفورية الحارقة والمحرمة ولا بد أنكم تلحظون ذلك بشكل يومي حيث لم توفر إسرائيل استهداف البشر والبنى التحتية فضلاً عن تدميرها البيوت والمؤسسات الاقتصادية والتجارية».
أما المتحدثة باسم «اليونيفيل» كانديس أرديل، فقالت: «الوضع في الجنوب اليوم متوتر ونحن نواصل العمل من خلال آليات الارتباط والتنسيق لدينا، ونتحدث إلى السلطات على جانبي الخط الأزرق لحثها على العودة إلى وقف الأعمال العدائية، وحث جميع الأطراف الفاعلة على إلقاء أسلحتها حتى نتمكن من المضي قدماً من خلال القرار 1701، من خلال إطار وقف الأعمال العدائيّة نحو حل سياسي وديبلوماسي يعيد الاستقرار على المدى الطويل إلى جنوب لبنان».
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن أحد كبار مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن آموس هوكشتاين التقى بمسؤولين فرنسيين وناقش الجهود الفرنسية والأميركية لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط، بحسب وكالة «رويترز». أضاف: «إن فرنسا والولايات المتحدة تشتركان في هدف حلّ الصراع الحالي عبر الخط الأزرق بالوسائل الدبلوماسية ما يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة إلى ديارهم مع ضمانات طويلة الأمد بالسلامة والأمن»، في إشارة إلى الخط الفاصل بين لبنان و»إسرائيل».
ولفت وزير الخارجيّة السّعوديّة فيصل بن فرحان آل سعود إلى أنّ «وقف إطلاق النّار في غزة، قد يساعد على وقف توتّر الحدود بين «إسرائيل» ولبنان»، ومشدّدًا في كلمة خلال مؤتمر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجيّة في مدريد، على «أنّنا قلقون للغاية من خطر توسّع الحرب في لبنان ولا نرى أفقًا سياسيًّا».
وقام وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب بزيارة رسميّة إلى كندا، حيث التقى بنظيرته الكندية، وزيرة الخارجية ميلاني جولي. تأتي هذه الزيارة في إطار الجهود المشتركة لتعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة تداعيات الحرب على غزة ولبنان. وتمّت خلال اللقاء مناقشة الدور الحيوي الذي تلعبه كندا ضمن مجموعة السبع الكبار، حيث دعا بو حبيب كندا إلى استخدام نفوذها لتخفيف التوتر في المنطقة ومنع اندلاع حرب شاملة، ومن ثم العمل على حلّ شامل للقضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادرة السلام العربية. بدورها أكدت جولي على التزام كندا بدعم الاستقرار في لبنان والمنطقة والعمل مع الشركاء الدوليين لتحقيق هذا الهدف.
في غضون ذلك، زارت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي وتناول البحث الاوضاع العامة والتطورات في الجنوب. كما زارت بلاسخارت النائب الياس بوصعب الذي حملها «رسالة الى الأمم المتحدة لايجاد حل سريع وجدي في قضية النازحين السوريين، حيث لا يجب بعد اليوم إطلاق صفة النازحين عليهم، بل أصبح من الأفضل إطلاق صفة مهاجرين غير شرعيين».
واستقبل الرئيس بري سفيرة قبرص لدى لبنان ماريا هادجيثيو دوسيو، حيث تناول البحث التطورات السياسية والميدانية في لبنان والمنطقة على ضوء مواصلة «إسرائيل» لعدوانها على لبنان وقطاع غزة إضافة للعلاقات الثنائية بين البلدين.
واجتمع الرئيس ميقاتي مع المنسّق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا وتناول البحث التنسيق بين الحكومة ومؤسسات الأمم المتحدة على الصعيدين الخدمي والإنساني.
وجددت حركة أمل في يوم الشهيد تمسكها بالحوار والتلاقي والتشاور نهجاً وسلوكاً في مقاربة كافة القضايا والعناوين الخلافية، لا سيما السياسية منها وفي مقدمها الأزمة الراهنة المتصلة بانتخاب رئيس للجمهورية، وهي في هذا الإطار منفتحة ويدها ممدودة باتجاه أي مسعى يفضي لإنجاز هذا الاستحقاق وفقاً لقواعد الدستور وتحت قبة المجلس النيابي.