أخيرة

آخر الكلام

لنقرأ من جديد سعيد تقي الدين*

 

‬ الياس عشي

منذ أسبوع وأنا غارق في قراءة ما تركه لنا الكاتب المبدع، والخطيب المفوّه سعيد تقي الدين، حيث خفّةُ الظلّ، والسخريةُ اللاذعةُ، والأدبُ الراقي، هي العلامات الفارقة في آثاره؛ لا فرق إنْ أطلقها من وراء منبر، أو في صحيفة، أو فوق خشبة مسرح، أو في جلساته مع أصدقاء، ورفقاء، وربما مع خصومه السياسيين.
وفي أثناء تجوّلك معه، تكتشف أن كاتباً من لبنان يُضاف إلى لائحة الكتاب الساخرين من أمثال برنارد شو ومارك توين ومحمد الماغوط والجاحظ، وغيرهم ممّن أضافوا مسحة من خفّة الظلّ، والأناقة، والتهذيب، وروح الدعابة، على آثارهم.
في واحد من خطابات سعيد تقي الدين الكثيرة يقول: «… إنْ خضتُ معركة ولم أهرب، فقد لا يكون البأس والإقدام والجرأة، أسباب ثبوتي في المعمعة، بل لعلّي أبقى في ساحة القتال ولا أهرب لسبب واضح، جليّ، ظاهر، وهو أنني لا أستطيع أن أركض!»
وفي مكان آخر يقول:
«منذ أيام أراني صديق صحافي، بشيء من المباهاة، مقالاً أعدّه للنشر، وفيه يهاجم الحكومة». قلت له: «مهاجمة الحكومة أمر هيّن. إنْ كنت قبضاي دافع عن الحكومة!»
هذه السخرية الراقية هي ما نفتقده اليوم، ولا سيما عبر الفضائيات، حيث العصبيات الدينية والمذهبية والقبلية عناوين رئيسة، وأسوأ ما فيها أنها جارحة، وكوميدية، ولكنها لا تمتّ بصلة إلى نادي السخرية.
عودوا إلى سعيد تقي الدين واقرأوه، وتتلمذوا على يديه، وادخلوا معه إلى نادي الساخرين.

 

كتبت هذا المقال بعد المقابلة المتلفزة التي أجراها الإعلامي مارسيل غانم مع رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والتي غلب عليها طابعان: الضحك والتهريج، يُضاف إليهما: التصفيق بأوامر من المخرج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى