الفنان التشكيليّ محمد محفوض يتوّج رحلته التشكيلية على مدى خمسين عاماً بغاليري حمل اسمه في حمص
توّج الفنان التشكيلي محمد محفوض مسيرته التشكيلية على مدى خمسين عاماً بافتتاح صالة للمعارض وسط مدينة حمص التي نشأ فيها وأحبها وغادرها، بسبب عمله ليعود إليها حاملاً في جعبته مئات الأعمال الفنية التي شكلت هويته التشكيلية الخاصة والمتفردة في الأسلوب والطريقة.
فعلى مساحة ألفي متر تحيط بصالة معرضه الذي حمل اسمه استطاع الفنان محفوض أن يحقق حلمه التشكيلي الذي انتظره أكثر من نصف قرن بأعمال فنية زينت أروقة الصالة وجدران الساحة المحيطة بها وأرصفتها بلوحات فنية وديكورات اعتمد في معظمها على إعادة تدوير المواد المستهلكة ليشكل مجسّمات وأعمالاً فنية اشتغلها بحرفية متقنة، جامعاً في أعماله المميزة كل أصناف الحرف من حدادة ونجارة ونحت وفن تشكيلي.
ففي ساحة دوار مساكن الشرطة في مدينة حمص حطّت أعمال الفنان محفوض رحالها لتجمع معالم سورية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها بلوحات تضج بالحياة وبألوانها الممهورة بعشق التاريخ والحضارة فتزيّنت جدران الساحة بالسفينة «الفينيقية» والسيف الدمشقي وقلعة حلب وساعة حمص ونواعير حماة وبوابة فيليب العربي بالسويداء وباب بغداد بالرقة وآثار تدمر وكنيسة أم الزنار ومسجد خالد بن الوليد.
فيما احتلت الأبراج الفلكية الاثنا عشر سطوح الأرصفة المحيطة بصالة المعرض، والتي استطاع محفوض إنجازها بمفرده بفترة قياسية قصيرة لم تتجاوز الثمانية أشهر طامحاً من خلالها لدخول موسوعة غينس العالمية التي سجل للدخول فيها.
واحتضن الفناء الداخلي لصالة المعارض أكثر من مئتي لوحة فنية للفنان محفوض من مختلف المدارس التشكيلية، والتي شارك فيها بالمعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها.
ويمتلك محفوض الذي درس في الثانوية الصناعية وتابع في كلية الفنون الجميلة اختصاص ديكور موهبة ساعدته على الدمج بين الاثنين، ما أعطاه تنوّعاً في الأسلوب والإبداع، وهو ما تبدّى بالنحت والحديد والألوان الزيتية والتعتيم الداخلي والرسم بالحبر الصيني والمائي وتدوير المواد التالفة ليكون منها أعمالاً فنية حولت المدارس التي كان يدرس فيها بدولة الإمارات إلى شبه معارض فنية لا تزال تحتفظ بإبداعاته التي صنعها بالتشاركية مع طلابه.
عن هذا الإنجاز الذي تفرّد به كفنان تشكيلي أوضح ابن وادي العيون أنه بعد عودته من الغربة التي دامت لسنوات وجد أنه لزاماً عليه أن يرد جميل بلده سورية التي علمته بالمجان طوال فترات دراسته الثانوية والجامعية، ويقدّم لها ثمرة أعماله بصالة معارض تستقطب كل الملتقيات الفنية والمعارض الفردية والجماعية والورشات لتشكل ما وصفه ببيت الفن بهدف دعم الحركة الفنية في سورية بكل فئاتها ومدارسها.
وأضاف أنه أراد من خلال أعماله التي زينت الصالة من عربات وأراجيح ومقاعد ونوافير مياه وزخارف ولوحات مؤطرة بالمرايا والسراميك المكسور أن يقول بالفن تحيا الأمم، لافتاً إلى أن كل لوحة من لوحاته التي رسمها سطّرها بقصيدة شعرية تحكي عنها، ليتوّج أعماله بإصدار مجموعتين شعريتين بعنواني «أحلام وردية» و»حديث الدمع» أهداهما لأمه الراحلة.
وختم أنه أراد من خلال معرضه أن يثبت للآخر أن الإنسان الفنان قادر أن يعطي إلى آخر مسيرته، وأن يحقق نظرية أكون أو لا أكون ليترك أثراً طيباً للأجيال القادمة.
من جهته، الفنان التشكيلي مازن منصور الذي انطلق مع زميله محفوض في أول ورشة رسم للأطفال في الصالة عبر عن سعادته لافتتاح صالة المعارض بهذه الجمالية، والتي من شأنها أن تشكل مكاناً راقياً لاستقطاب الملتقيات والورشات الفنية والمعارض لتغدو موئلاً للفن التشكيلي بكل صوره الباهية.