ثقافة وفنون

معلقة «غزة على أسوار القدس» للشاعر الراحل خالد أبو خالد في محاضرة باتحاد كتّاب حمص

سلّط الأستاذ في كلية الآداب بجامعة البعث الدكتور عصام الكوسى في محاضرة استضافها فرع حمص لاتحاد الكتاب الضوء على معلقة «غزة على أسوار القدس» للشاعر والمناضل الفلسطيني الراحل خالد أبو خالد الذي حمل القلم إلى جانب السلاح دفاعاً عن القضية الفلسطينية وقضايا الشعوب المناضلة ضد الاحتلال.
وأوضح الكوسى في محاضرته التي جاءت بعنوان «تحوّلات النخلة في معلقة الشاعر خالد أبو خالد» أن المعلقة التي تعدّ من نفائس الشعر العربي الحديث استحقت تسميتها بالمعلقة تمثلاً بالمعلقات التي كانت تعلق على جدران الكعبة عند العرب القدماء لأن «أبو خالد» أصرّ على إبراز مدينة غزة العصية على الغزاة عبر التاريخ والتي تشابه المدن الفلسطينية الأخرى من النواحي الجغرافية والتاريخية والسياسية.
وعرّج على السمات الأسلوبية والدلالية لمفردة «النخيل» التي تقصد الشاعر تكرارها في أبيات المعلقة لأسباب لم تأت عن عبث، فهو يرى فيها مجموعة من الثوابت والمبادئ والقيم التي تمثل صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الجائر فكانت مفتاحاً رئيساً للمعلقة وتشابكت مع تراكيبها وصورها في إشارات ودلائل أراد خالد أبو خالد أن يفجّر من خلالها طاقة إيجابية واسعة تجعل المتلقي يشاركه في العملية الإبداعيّة.
ورأى الكوسى أن الشاعر اختار رمز النخلة في معلقته لأنها تمثل سيدة الأشجار والصحراء ورمز العطاء والخصوبة والجمال عند الفينيقيين والعرب القدماء، كما ورد ذكرها في الكتب المقدسة، وانبثق هذا الاختيار من مبدأ أن النخيل صاحب موقف ثابت لا يقبل الانحياز، فهو كالشعب الفلسطيني الأصيل عاهد نفسه بأن يبقى مدافعاً عن قضيته متمسكاً بحقه في الحياة والعودة إلى دياره السليبة، كما أن النخيل شاهد على كل ما يجري في غزة وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو حامل للذاكرة والهوية ويملك أبجدية ولغة كجزء من الهوية جعلها تعلم لغة الكفاح والسلاح والقوة في سبيل تأكيد الحق وكشف الحقائق وكتابة التاريخ.
وأضاف الكوسى أن الشاعر «أبو خالد» حاول في المقطعين الأخيرين للمعلقة أن يحمل النخيل وظيفتين مهمتين، الأولى فضح العدو وكشف زيف ادعاءاته وإسقاطها بالحجة والبرهان، والثانية أن يكون المؤرخ الصادق لنضال شعبه، رافضاً أن يعطي عدوه الغازي أو أعوانه هذا الحق لأنهم سيكذبون وسيزيّفون الحقيقة التي سطرها المناضلون بأسلحتهم ودمائهم.
واستشهد الدكتور الكوسى بباقة من المقاطع الشعريّة في معلقة الشاعر «أبو خالد» والتي يكرّر فيها مفردة النخيل في إشارة إلى نخيل غزة وصموده في وجه الجرائم الإسرائيلية الوحشية.
وختم المحاضر بأن الشاعر «أبو خالد» يمتلك عدة سمات تدفع للاهتمام بشعره، أولها أنه شاعر فدائي وثانيها وفاؤه العظيم لسورية التي أوصى بأن يدفن في عاصمتها دمشق وثالثها رفضه القاطع لكل المهادنات مع العدو الإسرائيلي ورابعها أن معلقته جاءت مرآة لما يحدث اليوم في غزة الصامدة.
والراحل خالد محمد صالح الحمد الملقب بـ «خالد أبو خالد» و»فتى كنعان» هو شاعر وفنان تشكيلي وصحافي فلسطيني من مواليد ألف وتسعمئة وسبعة وثلاثين، شغل عدداً من المهام كمحرّر في إذاعة الكويت ومناضل التحق بالفصائل الفلسطينية، وكان عضواً في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين وعضواً مؤسساً في اتحاد الكتاب في سورية، وجمعت أعماله باسم «العوديسا الفلسطينية»، توفي في دمشق عام ألفين وواحد وعشرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى