أولى

سؤال حماس الذي أربك واشنطن وتل أبيب

بعد أكثر من شهر من المؤتمر الصحافي للرئيس الأميركي جو بايدن، صدر خلاله قرار لمجلس الأمن وفّر تحسينات على النص المخادع لبايدن بين المدوّن كتابة والمحكي شفاهة، وبعد اكتشاف فشل معركة رفح في تشكيل النقلة التي راهن عليها جيش الاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو، وبعد جولات من التصعيد التي خاضتها قوى المقاومة ونجحت في فرض إرادتها خلالها في غزة أولاً، وفي صمود المقاومين في الضفة الغربية ثانياً، وفي نجاح المقاومة في لبنان بفرض معادلات شديدة الحساسية على جيش الاحتلال وتصدير أزمات معقدة إلى داخل الكيان، وبعد انتقال المقاومة في اليمن ومعها المقاومة العراقية الى معادلات البحر المتوسط، ارتأت حركة حماس تقديم أول جواب خطّي على مبادرة بايدن.
استبقت حماس تقديم ما سُمّي بالرد على مشروع الصفقة التي دعاها الغرب والعرب الى قبولها، بتوجيه سؤال يقول “إذا كان الكلام الذي قاله الرئيس الأميركي عن أن مبادرته تضمن نهاية الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من كل قطاع غزة، أقرب إلى الاستنتاج والضمانة المعنوية غير المكتوبة، فهل يمكن الحصول على نص خطي أميركي حول ماهية الحديث الذي ورد على لسان الرئيس الأميركي جو بايدن كجزء من مشروع الصفقة الذي يقول إن وقف إطلاق النار يستمر طالما استمر التفاوض حول التهدئة المستدامة؟”.
جاء الجواب وحصلت حماس على ما تريد، فقالت إنها تقبل بهذا النص كجزء من الاتفاق، لكنها تطلب أن تكون عملية التفاوض وضمان استمرار وقف إطلاق النار مرحلة بين المرحلتين الأولى والثانية، بحيث تنفذ المرحلة الأولى ولا يبدأ تنفيذ المرحلة الثانية، ويستمرّ وقف إطلاق النار ويستمر التفاوض حتى التوصل الى اتفاق، فيبدأ تنفيذ المرحلة الثانية. وهذا يفترض أن يراه الأميركيون منسجماً مع ثقة الرئيس الأميركي بحتمية أن يشكل الاتفاق طريقاً لنهاية الحرب.
توقيت الرد في لحظة يحتاج فيها الرئيس بايدن الى إنجاز يقوّي موقعه الانتخابي المتداعي، ويحتاج فيها جيش الاحتلال إلى مخرج ينهي الحرب التي لم يعد يستطيع مواصلتها، جعل واشنطن وتل أبيب في حال ارتباك، فرحبت واشنطن ورحّب نصف تل أبيب العسكري وصمت نصفها السياسي، وعندما قرّر التكلم قال إنه لا يقبل مدة مفتوحة للتفاوض، وقالت المقاومة لا مشكلة بتحديد مدة شرط أن تكون نهايتها التوصل إلى اتفاق.
ضربت المقاومة مجدداً ضربتها التفاوضية ونجحت في كسب الحرب بالنقاط، كما في الميدان، بمعزل عما إذا كانت هذه الجولة سوف تنتهي بالتوصل إلى اتفاق أم لا.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى