ثقافة وفنون

قيامة تمّوز

‭‬ عصمت حسان *‬
* أديب وشاعر

إلى سعاده… ثمة أجيال قادمة لعلها تقرؤك أعمق

تلـكَ البــلادُ الخــائفـــةْ
كســرتْ جناحيهــا الرعـودُ العاصفةْ
هي لم تـزلْ تستمطرُ الجــلادَ أحــلاماً
وتغـرقُ في جراحٍ نازفـةْ
وتـمــوتُ من ذلّ الســؤالِ
وكـذبةِ المعنـى
وأنّ ســلالةَ الأشـجارِ لو ماتتْ ســتبقى واقفــةْ.

هـي في مقام المـوتِ قـد مــاتتْ
وليـس يُبرعمُ التأويلُ في صمـتِ الحطـبْ
أو ليسَ همسُ القمحِ أغلـى في مقاييس الحياةِ
من الذهـبْ
أوَ ليـسَ تلـويحُ الفراشــة في الحقـولِ أرقُّ
من صمتِ العنبْ
أو ليـسَ لـو وقفَ الجميــعُ مجاهداً
وموجّعـاً ومجرّحـاً
أسمى بقاموسِ الفداءِ من الهـربْ
هـلْ كـانَ يحملنـا المســيحُ إلى الحياةِ بكلّهــا
لـو كان حقّـاً ما انصلــبْ

هـل كـانَت ترتجُّ السّـــماءْ
ويزلزلُ الزمــنُ الموجّــعُ بالدعاءْ
لـو أنّ مــرّ بنا الحســينُ مداعباً طيرَ المجــازِ
ولم يمــرَّ بكربلاءْ..
الجـرحُ خريطــةٌ تقودُ إلى الشـّــهادةْ
والجرحُ حين لأجلِ مجدِ الأرض والرؤيا
عبادةْ
والمـوتُ حينَ يكسُّـرُ الجــلادَ
حيـنَ يفتُّـحُ الأبوابَ
دربٌ للولادةْ
يا أمـةً فيهـا الخــلاصُ توضّــأ الغيمــــاتِ
والتمسَ الرياحَ لكي يبادلها الإرادةْ
يا أمةً وُلدتْ ليُحييها سعاده

هـو لم يـزلْ تســقي الزمانَ دماؤهُ الحـرّى
أرادَ الفكرَ للدنيا مشاعاً
ودفعناهُ لعتمِ الصومعـةْ
كم غُلّــقتْ أبوابنا الصمغيةُ الأشداقِ
تحتكرُ الصلاةَ
وكانَ محرابُ الشهادة للجهاتِ الأربعةْ
هو لم يكنْ هزّلَ النسيم مدللاً
الحقُّ لا يجدي سـوى لو زلزلَ الدنيا
هتافُ الزوبعةْ
والبعض ســنّنَ فكره الكونيّ
عمّـدهُ الغــلاةُ
وبعضُهم قد شــيَّعـهْ

هو قالَ للجــلادِ شكـراً
كي يقــودَ العاصفةْ
دمُه الطريقُ إلى النهوضِ
إلى الشـعوبِ ترى الحقيقةَ هادفـةْ
هـو أوّلُ الحبــر المضيءِ
وآخرُ التنزيلِ
يا أجيالَنا قومي فقد طال الرقادُ
وجدّدي العهدَ ونحو القدس كوني زاحفةْ
هو لم يمتْ
شــقّ الطريقَ إلى الحياةِ بجرحهِ العالي
وكان الفكرُ أنجيلَ الفدا ومصاحفـه.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى