من رمل بيروت 1949 إلى رمل غزة 2024.. 75 عاماً من الفداء
ما بين الدم الذاكي الذي روى رمل بيروت فجر الثامن تموز وبين الأحمر القاني الذي خضّب رمل غزة 75 عاماً من الزمان، لكنهما موصولان بشريان واحد، هو شريان وحدة الحياة القومية والمقاومة
كمال جودة *
*منفذ عام جنوب فلسطين في الحزب السوري القومي الاجتماعي
عندما عقدت الحركة الصهيونية مؤتمرها في مدينة بال السويسرية عام 1897، وضعت نصب عينيها هدف إقامة «وطن قومي لليهود» على أرض سورية الجنوبية – فلسطين.
ولأجل بلوغ ذاك الهدف، كان لزاماً على تلك الحركة بما تمثّله من واجهة سياسيّة للمشروع اليهودي المعادي أن تزيل من دربها كل العقبات التي قد تعرقل مخططها اليهوهي.
ومع تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي على يد حضرة الزعيم، برزت أهم المعوقات التي تحول دون قيام كيان العدو الذي كان يضع سعاده تحت المجهر، متابعاً خطاباته ومواقفه التي لم تحِد قيد أنملة عن ثباتها.
ففي خطاب العودة الذي ألقاه سعاده في الغبيري بتاريخ 1947/3/2، شدّد على أن إنقاذ فلسطين هو أمر لبناني في الصميم، كما هو أمر شامي في الصميم، كما هو أمر فلسطيني في الصميم. وإنّ الخطر اليهوديّ على فلسطين هو خطر على سورية كلها، هو خطر على جميع هذه الكيانات.
كما رفع من منسوب استعدادات الحزب لمواجهة الاحتلال في خطابه الذي ألقاه في برج البراجنة بتاريخ 1949/5/29 حيث قال:
«إنّ الدولة اليهودية تخرّج اليوم ضباطاً عسكريين، وإنّ الدولة السورية القومية الاجتماعية التي أعلنتها سنة 1935 تخرّج هي أيضاً بدورها ضباطاً عسكريين. ومتى ابتدأت جيوش الدولة الجديدة الغريبة تتحرّك بغية تحقيق مطامعها الأثيمة والاستيلاء على بقية أرض الآباء والأجداد، ابتدأت جيوشُنا تتحرّك لتطهير أرض الآباء والأجداد وميراث الأبناء والأحفاد من نجاسة تلك الدولة الغريبة».
فكان لا بدّ لأعداء الأمة أن يتخلصوا من سعاده عبر حياكة المؤامرة الكبرى ظناً منهم أنهم بقطعهم رأس الحزب فجر الثامن تموز، سيقضون على كامل الجسد. فكانت المفاجأة العظمى المتمثلة بترسيخ السوريين القوميين الاجتماعيين لنهج الفداء في الحزب الذي دخل عقده التاسع حزباً فلا يهادن ولا يساوم.
ولأن عدونا الوجودي لا يقرأ التاريخ جيداً، فهو عمد إلى تكرار الخطأ ذاته في عدوانه على قطاع غزة المستمرّ منذ 2023/10/7.
المحتلّ بجبروته وصلفه حاول الترويج إلى أن تحقيقه لانتصار على المقاومة في غزة كفيل بإنهاء وجودها، خاصة مع ارتكابه جريمة حرب الإبادة الجماعية بحق أبناء شعبنا هناك.
إلا أن حسابات الحقل اختلفت عن حسابات البيدر. فعلى الرغم من ارتقاء عشرات آلاف الشهداء وإصابة أضعافهم، هذا فضلاً عن الأسرى، إلا أن المقاومة ازدادت قوة بخبرتها ومقدراتها، وازدادت صلابة باحتضان شعبنا لها.
لقد حاول الكيان الغاصب محو ذكر فلسطين مرّات ومرّات، منها مرّة باغتيال سعاده، ومرّة باستهداف المقاومة في غزة. إلا أن عقيدة راسخة في نفوس أبناء شعبنا كانت كفيلة برد كيد الاحتلال إلى نحره.
فما بين الدم الذاكي الذي روى رمل بيروت فجر الثامن تموز وبين الأحمر القاني الذي خضّب رمل غزة 75 عاماً من الزمان، لكنهما موصولان بشريان واحد، هو شريان وحدة الحياة والمقاومة.